فجر جديد

سراق مواقف ذوي الاحتياجات الخاصة

| إبراهيم النهام

قبل‭ ‬أيام،‭ ‬وأثناء‭ ‬زيارتي‭ ‬أحد‭ ‬المجمعات‭ ‬الكبيرة‭ ‬بالمنامة،‭ ‬وقبل‭ ‬ركن‭ ‬سيارتي‭ ‬بلحظات،‭ ‬تفاجأت‭ ‬برجل‭ ‬خمسيني‭ ‬مقعد،‭ ‬يتحرك‭ ‬بصعوبة‭ ‬على‭ ‬كرسيه‭ ‬المتحرك،‭ ‬متجهاً‭ ‬لإحدى‭ ‬البوابات‭ ‬الزجاجية،‭ ‬وشخص‭ ‬آخر‭ ‬قادم‭ ‬إليه‭ ‬على‭ ‬عجالة،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ركن‭ ‬سيارته‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬البوابة‭ ‬لعدم‭ ‬وجود‭ ‬موقف‭ ‬شاغر‭ ‬قريب‭.‬

الموقف‭ ‬باختصار،‭ ‬والذي‭ ‬نشرته‭ ‬“البلاد”‭ ‬بتقرير‭ ‬صحافي‭ ‬صغير،‭ ‬يوجز‭ ‬حالة‭ ‬الوقاحة‭ ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬بعض‭ ‬الأصحاء،‭ ‬حين‭ ‬يستولون‭ ‬بدون‭ ‬أي‭ ‬حق‭ ‬على‭ ‬مواقف‭ ‬ذوي‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الخاصة‭ ‬القليلة‭ ‬أصلا،‭ ‬والتي‭ ‬تحددها‭ ‬إدارات‭ ‬المجمعات‭ ‬بوضوح‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬بوابات‭ ‬الدخول،‭ ‬لتسهيل‭ ‬الحركة‭ ‬للمعاقين،‭ ‬وليس‭ ‬الأصحاء‭.‬

ما‭ ‬يحدث‭ ‬ببساطة،‭ ‬يعكس‭ ‬فشل‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬تربية‭ ‬أولاده،‭ ‬وتعليمهم‭ ‬مفاهيم‭ ‬الخلق‭ ‬والأدب‭ ‬من‭ ‬جانب،‭ ‬وفشل‭ ‬بعض‭ ‬المجمعات‭ ‬التجارية‭ ‬بأن‭ ‬تمارس‭ ‬دورها‭ ‬المسؤول‭ ‬بهذا‭ ‬الأمر،‭ ‬عبر‭ ‬التبليغ‭ ‬عن‭ ‬هؤلاء‭ ‬المعتدين،‭ ‬ومخالفتهم‭ ‬ومحاسبتهم،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬ترك‭ ‬الأمور‭ ‬لكي‭ ‬تسير‭ ‬كيفما‭ ‬يريد‭ ‬هؤلاء‭ ‬المعتدون‭ ‬والسراق،‭ ‬فواجبها‭ ‬لا‭ ‬ينتهي‭ ‬بوضع‭ ‬الإشارات‭ ‬على‭ ‬الموقف،‭ ‬بل‭ ‬الحفاظ‭ ‬عليها‭ ‬لأصحابها‭.‬

من‭ ‬المعيب‭ ‬حقاً،‭ ‬أن‭ ‬يركن‭ ‬أحدهم‭ ‬سيارته‭ ‬ببرود‭ ‬في‭ ‬موقف،‭ ‬وأرضيته‭ ‬مدموغة‭ ‬بإشارة‭ ‬ذوي‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الخاصة،‭ ‬وأمامه‭ ‬لوحة‭ ‬إعلانية‭ ‬لذات‭ ‬السبب،‭ ‬ثم‭ ‬ينزل‭ ‬من‭ ‬سيارته‭ ‬ببساطة،‭ ‬وهو‭ ‬يعبث‭ ‬بهاتفه،‭ ‬أو‭ ‬يتحدث‭ ‬لمن‭ ‬هو‭ ‬بجانبه‭ ‬بلا‭ ‬اكتراث،‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬مواقف‭ ‬أخرى‭ ‬عديدة‭ ‬فارغة،‭ ‬لكنها‭ ‬ليست‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬البوابات‭.‬

ذوو‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الخاصة‭ ‬بحاجة‭ ‬للتكافل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والتعاون،‭ ‬والابتسامة‭ ‬والكلمة‭ ‬الطيبة،‭ ‬وعرض‭ ‬المساعدة‭ ‬لتخفيف‭ ‬معاناتهم‭ ‬وصعوبة‭ ‬الحياة‭ ‬عليهم‭.‬

هذا‭ ‬ما‭ ‬يدعونا‭ ‬إليه‭ ‬الدين،‭ ‬وأخلاقنا،‭ ‬وقيم‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬النبيل،‭ ‬ومن‭ ‬يخالف‭ ‬ذلك،‭ ‬فمن‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬يحاسب،‭ ‬وأن‭ ‬يدفع‭ ‬ثمن‭ ‬هذه‭ ‬الوقاحة،‭ ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬عبرة‭ ‬لغيره،‭ ‬فالأمر‭ ‬إجباري‭ ‬هنا،‭ ‬وليس‭ ‬اختياريا‭ ‬بمزاجه‭.‬