ما وراء الحقيقة

قراءة في مؤتمر بغداد

| د. طارق آل شيخان الشمري

عقدت‭ ‬الحكومة‭ ‬العراقية‭ ‬مؤخرا‭ ‬مؤتمرا‭ ‬للتعاون‭ ‬والشراكة‭ ‬مع‭ ‬العراق،‭ ‬ودعت‭ ‬إليه‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬المجاورة‭ ‬للعراق‭ ‬ودول‭ ‬الإقليم‭ ‬وفرنسا،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الكيانات‭ ‬الإقليمية‭ ‬كمجلس‭ ‬التعاون‭ ‬ومنظمة‭ ‬التعاون‭ ‬الإسلامي،‭ ‬وعقد‭ ‬الاجتماع‭ ‬لمدة‭ ‬يوم‭ ‬واحد،‭ ‬حيث‭ ‬ألقى‭ ‬المشاركون‭ ‬كلمات‭ ‬تتراوح‭ ‬بين‭ ‬دعم‭ ‬العراق‭ ‬مرورا‭ ‬بعدم‭ ‬التدخل‭ ‬بشؤونه‭ ‬وانتهاء‭ ‬برفض‭ ‬الإرهاب‭ ‬إقليميا‭ ‬ودوليا‭.‬

واختصارا‭ ‬لوقت‭ ‬القارئ‭ ‬يمكن‭ ‬تبسيط‭ ‬فحوى‭ ‬هذا‭ ‬المؤتمر‭ ‬بالنقاط‭ ‬التالية‭: ‬أولا‭ ‬تحدثت‭ ‬إيران‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬وزير‭ ‬خارجيتها،‭ ‬وكان‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬آخر‭ ‬غير‭ ‬عالم‭ ‬مؤتمر‭ ‬بغداد،‭ ‬فالمؤتمر‭ ‬أقيم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬دعم‭ ‬العراق‭ ‬ومساندته‭ ‬ورفض‭ ‬الإرهاب‭ ‬ورفض‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬شؤونه،‭ ‬لكن‭ ‬عبداللهيان‭ ‬تحدث‭ ‬عما‭ ‬وصفه‭ ‬بالاحتلال‭ ‬الأميركي‭ ‬للعراق،‭ ‬وأنه‭ ‬سبب‭ ‬مشاكل‭ ‬الإرهاب‭ ‬الذي‭ ‬فيه،‭ ‬وتطرق‭ ‬أيضا‭ ‬لمقتل‭ ‬المقبورين‭ ‬قاسم‭ ‬سليماني‭ ‬والمهندس،‭ ‬اللذين‭ ‬قتلتهما‭ ‬القوات‭ ‬الأميركية‭ ‬بأمر‭ ‬من‭ ‬ترامب،‭ ‬وهنا‭ ‬نرى‭ ‬أن‭ ‬الذي‭ ‬يحتل‭ ‬العراق‭ ‬ويدعم‭ ‬ميليشياته‭ ‬الطائفية‭ ‬الإرهابية‭ ‬العاملة‭ ‬تحت‭ ‬إمرة‭ ‬الولي‭ ‬الفقيه‭ ‬الخامنئي،‭ ‬يتهم‭ ‬واشنطن‭ ‬التي‭ ‬سهلت‭ ‬له‭ ‬احتلال‭ ‬العراق‭ ‬عندما‭ ‬غزته‭ ‬عام‭ ‬2003‭. ‬والمضحك‭ ‬أن‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬يدعو‭ ‬لطرد‭ ‬أية‭ ‬قوات‭ ‬أو‭ ‬ميليشيات‭ ‬إرهابية،‭ ‬بينما‭ ‬يصف‭ ‬ميليشيات‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬بالسواعد‭ ‬الوطنية‭ ‬المدافعة‭ ‬عن‭ ‬العراق‭ ‬واستقلاليته‭.‬

أيضا‭ ‬وزير‭ ‬خارجية‭ ‬تركيا‭ ‬دعا‭ ‬لمساندة‭ ‬العراق‭ ‬وضمان‭ ‬استقلاله،‭ ‬بينما‭ ‬يعمل‭ ‬العثمانيون‭ ‬لخنق‭ ‬العراق‭ ‬عبر‭ ‬تجفيف‭ ‬الأنهر،‭ ‬وينتهكون‭ ‬حرمة‭ ‬أراضيه‭ ‬واستقلاله‭ ‬عبر‭ ‬احتلال‭ ‬الشمال‭ ‬العراقي‭ ‬وبناء‭ ‬القواعد‭ ‬والنقاط‭ ‬وقصف‭ ‬القرى‭.‬

العرب‭ ‬من‭ ‬جهتهم،‭ ‬خصوصا‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬مصر‭ ‬والأردن‭ ‬والسعودية‭ ‬والإمارات،‭ ‬شاركوا‭ ‬بالمؤتمر‭ ‬لإرسال‭ ‬رسالة‭ ‬واضحة‭ ‬للشعوبيين‭ ‬العنصريين‭ ‬في‭ ‬إيران،‭ ‬مفادها‭ ‬أنهم‭ ‬لن‭ ‬يتركوا‭ ‬العراق‭ ‬وحيدا‭ ‬من‭ ‬الآن،‭ ‬وسيدعمونه‭ ‬سياسيا‭ ‬واقتصاديا،‭ ‬وتجلى‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬كلماتهم‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬أؤكد‭ ‬أنها‭ ‬موجهة‭ ‬للاحتلالين‭ ‬الإيراني‭ ‬والعثماني،‭ ‬بأن‭ ‬الوضع‭ ‬سيتغير‭ ‬من‭ ‬الآن‭ ‬لصالح‭ ‬استقلال‭ ‬العراق‭ ‬وعودته‭ ‬للحضن‭ ‬العربي‭.‬

الخلاصة‭ ‬أنهم‭ ‬استلموا‭ ‬الرسالة‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الأربع‭ ‬العربية،‭ ‬وخلاصتها‭ ‬أن‭ ‬العرب‭ ‬يقومون‭ ‬الآن‭ ‬بالثورة‭ ‬العربية‭ ‬الثانية‭ ‬للتصدي‭ ‬للتحالف‭ ‬الإيراني‭ ‬العثماني‭ ‬الإخواني،‭ ‬بعد‭ ‬الثورة‭ ‬العربية‭ ‬الأولى‭ ‬بقيادة‭ ‬الشريف‭ ‬حسين‭ ‬ضد‭ ‬العثمانيين‭ ‬الغزاة‭.‬