البحرين وعمان.. قطبان خليجيان بخطى راسخة

| عادل عيسى المرزوق

لا‭ ‬يمكن‭ ‬فصل‭ ‬روابط‭ ‬وأسس‭ ‬العلاقات‭ ‬الخليجية‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬وشعوبها‭ ‬عن‭ ‬دولة‭ ‬دون‭ ‬أخرى،‭ ‬ولا‭ ‬ثنائية‭ ‬ولا‭ ‬ثلاثية،‭ ‬بل‭ ‬هل‭ ‬منظومة‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬التي‭ ‬أثبتت‭ ‬أنها‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬كل‭ ‬المراحل‭ ‬الصعبة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬علاقات‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬بسلطنة‭ ‬عمان،‭ ‬تظهر‭ ‬لنا‭ ‬بلدين‭ ‬صغيرين،‭ ‬لكنهما‭ ‬قطبان‭ ‬كبيران‭ ‬بخطى‭ ‬راسخة‭ ‬على‭ ‬مسيرة‭ ‬التاريخ‭.‬

لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يطوي‭ ‬تاريخ‭ ‬العلاقات‭ ‬ما‭ ‬أسهم‭ ‬به‭ ‬المغفور‭ ‬لهما‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬الراحل‭ ‬الشيخ‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬والسلطان‭ ‬قابوس‭ ‬بن‭ ‬سعيد‭ ‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراهما،‭ ‬وهو‭ ‬المنهج‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬تتغير‭ ‬بوصلته‭ ‬بما‭ ‬يجمع‭ ‬هذين‭ ‬البلدين‭ ‬من‭ ‬ثقافة‭ ‬متفردة‭ ‬في‭ ‬إدارتهما‭ ‬الإنسانية‭ ‬والإقليمية‭ ‬والعربية‭ ‬والخليجية،‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬ينظر‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬سلطنة‭ ‬عمان‭ ‬الحديثة‭ ‬وتطورها‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المجالات‭ ‬وإسهاماتها‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬وتوطيد‭ ‬مسيرة‭ ‬المجلس،‭ ‬ونستذكر‭ ‬أيضًا‭ ‬دور‭ ‬الراحل‭ ‬الكبير‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه،‭ ‬الذي‭ ‬أضاف‭ ‬تميزًا‭ ‬متفردًا‭ ‬لعلاقات‭ ‬البلدين‭ ‬والشعبين‭ ‬الكريمين،‭ ‬ويستذكره‭ ‬الشعب‭ ‬العماني‭ ‬ليبقى‭ ‬حاضرًا‭ ‬في‭ ‬قلوبهم‭ ‬بمواقفه‭ ‬ومحبته‭.‬

تواردت‭ ‬هذه‭ ‬الأفكار‭ ‬من‭ ‬جملة‭ ‬أفكار‭ ‬كثيرة‭ ‬حين‭ ‬تابعنا‭ ‬لقاء‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬وكذلك‭ ‬لقاء‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬لوزير‭ ‬خارجية‭ ‬سلطنة‭ ‬عمان‭ ‬الشقيقة‭ ‬بدر‭ ‬البوسعيدي‭ ‬لدى‭ ‬زيارته‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي‭ ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬اجتماع‭ ‬الدولة‭ ‬السابعة‭ ‬للجنة‭ ‬الوزارة‭ ‬المشتركة‭ ‬بين‭ ‬البلدين،‭ ‬ومن‭ ‬وجهة‭ ‬نظري،‭ ‬فإن‭ ‬عمل‭ ‬اللجنة‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬استثنائية‭ ‬يعيشها‭ ‬العالم،‭ ‬وتعيشها‭ ‬المنطقة‭ ‬أيضًا،‭ ‬هو‭ ‬أمر‭ ‬لابد‭ ‬وأنه‭ ‬يجسد‭ ‬نظرة‭ ‬هذين‭ ‬البلدين‭ ‬الكريمين،‭ ‬لما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬خطط‭ ‬عمل‭ ‬لا‭ ‬تقتصر‭ ‬عليهما‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬تشمل‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬للعمل‭ ‬والتنسيق‭ ‬المشترك‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الملفات‭ ‬التي‭ ‬تفرض‭ ‬نفسها‭ ‬على‭ ‬خارطة‭ ‬الخليج‭ ‬والعالم‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي،‭ ‬وبالنسبة‭ ‬لي‭ ‬أيضًا،‭ ‬شعرت‭ ‬بالكثير‭ ‬من‭ ‬الارتياح‭ ‬فالبحرين‭ ‬وعمان‭.. ‬بلدان‭ ‬صغيران،‭ ‬لكنهما‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬التاريخ،‭ ‬كانا‭ ‬ولا‭ ‬يزالان‭ ‬حاضرين‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬محفل‭ ‬يحقق‭ ‬الغايات‭ ‬والنتائج‭ ‬الطيبة‭ ‬لمصالح‭ ‬الشعوب‭.‬

حقيقة،‭ ‬ليسمح‭ ‬لي‭ ‬القارئ‭ ‬الكريم‭ ‬أن‭ ‬أشير‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬الثلاثين‭ ‬عامًا‭ ‬الماضية،‭ ‬توثقت‭ ‬علاقاتي‭ ‬مع‭ ‬مختلف‭ ‬الشخصيات‭ ‬في‭ ‬السلطنة،‭ ‬وكم‭ ‬أشعر‭ ‬بالفخر‭ ‬حينما‭ ‬يجدون‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬بحريني‭ ‬نموذجًا‭ ‬يعبرون‭ ‬له‭ ‬عن‭ ‬عظيم‭ ‬محبتهم‭ ‬لمملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬قيادة‭ ‬وحكومة‭ ‬وشعبًا،‭ ‬وسواء‭ ‬جلسنا‭ ‬مع‭ ‬القيادات‭ ‬أو‭ ‬كبار‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬السلطنة،‭ ‬أو‭ ‬جمعتنا‭ ‬اللقاءات‭ ‬مع‭ ‬سائر‭ ‬أهل‭ ‬عمان،‭ ‬فنحن‭ ‬أمام‭ ‬روح‭ ‬من‭ ‬المحبة‭ ‬والتقدير‭ ‬والامتنان،‭ ‬لهذا‭ ‬فأنا‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬الذين‭ ‬يدركون‭ ‬بأن‭ ‬الشعوب‭ ‬المشهود‭ ‬له‭ ‬بحبها‭ ‬للسلام‭ ‬والتسامح‭ ‬والأخوة‭ ‬والتواصل‭ ‬الحضاري‭ ‬بين‭ ‬الشعوب،‭ ‬دائمًا‭ ‬ما‭ ‬تنجح‭ ‬في‭ ‬إيجاد‭ ‬مشروعها‭ ‬الحضاري‭ ‬لها‭ ‬ولمنطقتها،‭ ‬ومهما‭ ‬عبرنا‭ ‬عن‭ ‬اعتزازنا‭ ‬بقيادة‭ ‬وشعب‭ ‬السلطنة،‭ ‬سنبقى‭ ‬عاجزين‭ ‬عن‭ ‬وضعهم‭ ‬في‭ ‬المكانة‭ ‬العظيمة‭ ‬العالية‭ ‬التي‭ ‬تليق‭ ‬بهم‭.‬