ياسمينيات

كيف أعيش بلا إعانات؟

| ياسمين خلف

24‭ ‬عاماً‭ ‬من‭ ‬المعاناة،‭ ‬عمر‭ ‬ابنتها‭ ‬الوحيدة‭ ‬التي‭ ‬أنجبتها‭ ‬من‭ ‬زواج‭ ‬فشل‭ ‬منذ‭ ‬أشهره‭ ‬الأولى‭! ‬ولأن‭ ‬طليقها‭ ‬ليس‭ ‬بحرينيا،‭ ‬وجدت‭ ‬نفسها‭ ‬بين‭ ‬نارين،‭ ‬فابنتها‭ ‬لم‭ ‬تحصل‭ ‬على‭ ‬الجنسية‭ ‬البحرينية‭ ‬كونها‭ ‬ابنة‭ ‬أم‭ ‬بحرينية،‭ ‬ولا‭ ‬جنسية‭ ‬والدها‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬متعنتاً‭ ‬رافضاً‭ ‬إعطاءها‭ ‬الجنسية‭! ‬ولتحصل‭ ‬على‭ ‬جنسية‭ ‬والدها‭ ‬بأمر‭ ‬من‭ ‬المحكمة‭ ‬عليها‭ ‬الإقامة‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬أبيها‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭ ‬متواصلة‭ ‬على‭ ‬أقل‭ ‬تقدير‭! ‬وهنا‭ ‬بدأت‭ ‬فصول‭ ‬المعاناة‭ ‬الجديدة‭.‬

انتقالها‭ ‬للإقامة‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬والدها‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬الجنسية،‭ ‬يعني‭ ‬مصاريف‭ ‬إضافية،‭ ‬سكنا‭ ‬ومواصلات‭ ‬وعلاجا‭ ‬ودراسة‭ ‬و‭... ‬مهلاً‭.. ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يقال‭ ‬هنا‭ ‬إن‭ ‬الابنة‭ ‬ونتيجة‭ ‬لتعنيف‭ ‬والدها‭ ‬وتعذيبه‭ ‬إياها‭ ‬وهي‭ ‬ذات‭ ‬أشهر‭ ‬من‭ ‬عمرها،‭ ‬أصيبت‭ ‬بخلع‭ ‬في‭ ‬الحوض،‭ ‬وأجريت‭ ‬لها‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬العمليات‭ ‬الجراحية‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬تجريها،‭ ‬وبحاجة‭ ‬إلى‭ ‬جلسات‭ ‬للعلاج‭ ‬الطبيعي‭ ‬بشكل‭ ‬مستمر،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬صعوبات‭ ‬التعلم‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬منها‭ ‬لتأثر‭ ‬الدماغ‭ ‬من‭ ‬الضربات‭ ‬التي‭ ‬تلقتها‭ ‬من‭ ‬والدها‭ ‬آنذاك‭.‬

طوال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬كانت‭ ‬هي‭ ‬ووالدتها‭ ‬تعتاشان‭ ‬على‭ ‬المساعدات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والإعانات‭ ‬الحكومية،‭ ‬والتي‭ ‬توقفت‭ ‬عنهما‭ ‬منذ‭ ‬أشهر،‭ ‬بسبب‭ ‬اضطرارهما‭ ‬للإقامة‭ ‬ببلد‭ ‬والدها‭ ‬كشرط‭ ‬لاستحقاق‭ ‬الابنة‭ ‬للجنسية،‭ ‬ونتيجة‭ ‬لحالة‭ ‬الابنة‭ ‬المصنفة‭ ‬ضمن‭ ‬ذوي‭ ‬الهمم‭ ‬فلا‭ ‬يمكنها‭ ‬البقاء‭ ‬وحدها‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬والدها،‭ ‬الذي‭ ‬يرفض‭ ‬تحمل‭ ‬مسؤوليتها،‭ ‬ما‭ ‬اضطر‭ ‬والدتها‭ ‬لأن‭ ‬تسافر‭ ‬معها،‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬أمر‭ ‬بقائهما‭ ‬لستة‭ ‬أشهر‭ ‬متواصلة‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬أمراً‭ ‬صعباً،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬أفقدهما‭ ‬إعانتي‭ ‬الغلاء‭ ‬والشؤون‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬فكيف‭ ‬ستعيشان‭ ‬في‭ ‬الغربة‭ ‬دون‭ ‬وجود‭ ‬أي‭ ‬مورد‭ ‬للمال؟

الأم‭ ‬شارفت‭ ‬على‭ ‬الستين‭ ‬من‭ ‬عمرها،‭ ‬ولا‭ ‬تعمل،‭ ‬وليس‭ ‬لها‭ ‬أي‭ ‬مصدر‭ ‬للرزق،‭ ‬وتعاني‭ ‬هي‭ ‬الأخرى‭ ‬من‭ ‬أمراض‭ ‬مزمنة،‭ ‬ولا‭ ‬عائل‭ ‬لهما‭ ‬بعد‭ ‬طلاقها‭ ‬ذاك‭ ‬منذ‭ ‬زمن،‭ ‬وعملية‭ ‬إيقاف‭ ‬الإعانات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬تعني‭ ‬دفعها‭ ‬إلى‭ ‬البقاء‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬مضطرة‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تعيش‭ ‬عليه،‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬تبقى‭ ‬ابنتها‭ ‬طوال‭ ‬عمرها‭ ‬بلا‭ ‬جنسية‭. ‬نتفهم‭ ‬أن‭ ‬القانون‭ ‬قد‭ ‬حكى‭ ‬قصته،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬أملنا‭ ‬في‭ ‬تطبيق‭ ‬روح‭ ‬القانون‭ ‬وإنسانيته‭.‬

 

ياسمينة‭:

‬لابد‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬آلية‭ ‬تحفظ‭ ‬للأم‭ ‬حقها‭ ‬في‭ ‬الإعانات‭ ‬الحكومية‭.‬