مؤتمر بغداد... الآمال والواقع

| بدور عدنان

شهدت‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬العراقية‭ ‬تحركات‭ ‬إيجابية‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬الماضية،‭ ‬فقد‭ ‬عكف‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬العراقي‭ ‬مصطفى‭ ‬الكاظمي‭ ‬منذ‭ ‬توليه‭ ‬منصبه‭ ‬على‭ ‬إقامة‭ ‬علاقات‭ ‬متوازنة‭ ‬مع‭ ‬جميع‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬رافضاً‭ ‬الاستقطابات‭ ‬التي‭ ‬أدخلت‭ ‬العراق‭ ‬كطرف‭ ‬في‭ ‬صراعات‭ ‬ثنائية‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬أخرى،‭ ‬ما‭ ‬انعكس‭ ‬بالسلب‭ ‬على‭ ‬علاقات‭ ‬العراق‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬لاسيما‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭.‬

مؤتمر‭ ‬بغداد‭ ‬للتعاون‭ ‬والشراكة‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الاجتماعات‭ ‬التي‭ ‬حرص‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬العراق‭ ‬على‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬احترامه‭ ‬جميع‭ ‬الفاعلين‭ ‬الدوليين،‭ ‬وتطلع‭ ‬بغداد‭ ‬لإقامة‭ ‬علاقات‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬التعاون‭ ‬والشراكة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬بما‭ ‬يصب‭ ‬في‭ ‬صالح‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي،‭ ‬فقد‭ ‬أشار‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬العراقي‭ ‬صراحة‭ ‬خلال‭ ‬كلمته‭ ‬في‭ ‬الاجتماع‭ ‬لرفض‭ ‬العراق‭ ‬استخدام‭ ‬أراضيه‭ ‬كمنصة‭ ‬لأية‭ ‬أعمال‭ ‬إرهابية‭ ‬أو‭ ‬عدائية،‭ ‬فكلمات‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬العراقي‭ ‬إضافة‭ ‬لمساعيه‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬المنصرمة‭ ‬تمت‭ ‬عن‭ ‬رغبة‭ ‬حقيقية‭ ‬للعراق‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬الأوضاع‭ ‬الحالية،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الحضور‭ ‬رفيع‭ ‬المستوى‭ ‬خصوصاً‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬لدول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬يعكس‭ ‬التجاوب‭ ‬المتميز‭ ‬والرغبة‭ ‬الصادقة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬في‭ ‬مساعدة‭ ‬العراق‭ ‬نحو‭ ‬تحقيق‭ ‬مساعيه،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬واقع‭ ‬الساحة‭ ‬السياسية‭ ‬العراقية‭ ‬لا‭ ‬يلتقي‭ ‬تماماً‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الآمال‭ ‬والرغبات،‭ ‬فالفوضى‭ ‬السياسية‭ ‬والتخندق‭ ‬لصالح‭ ‬الدول‭ ‬الخارجية،‭ ‬إضافة‭ ‬لأزمة‭ ‬السلاح‭ ‬المنفلت‭ ‬والمليشيات‭ ‬والكتائب‭ ‬الإرهابية‭ ‬كلها‭ ‬تحديات‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬الحكومة‭ ‬العراقية‭ ‬تواجهها،‭ ‬وهي‭ ‬ما‭ ‬ستكون‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬عائقا‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬تحقيق‭ ‬تطلعات‭ ‬العراق‭ ‬والعراقيين‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬مزدهر‭ ‬يسوده‭ ‬الأمان‭.‬

إصلاح‭ ‬الوضع‭ ‬الداخلي‭ ‬وترتيب‭ ‬البيت‭ ‬العراقي‭ ‬عبر‭ ‬فرض‭ ‬وتطبيق‭ ‬القوانين‭ ‬مع‭ ‬ضرورة‭ ‬حصر‭ ‬السلاح‭ ‬في‭ ‬يد‭ ‬الأجهزة‭ ‬العراقية‭ ‬يبقى‭ ‬أهم‭ ‬السبل‭ ‬التي‭ ‬تؤدي‭ ‬للملمة‭ ‬الأوراق‭ ‬المبعثرة‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬العراقي،‭ ‬فإذا‭ ‬ما‭ ‬استطاعت‭ ‬الحكومة‭ ‬تحقيق‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬إقامة‭ ‬علاقات‭ ‬متميزة‭ ‬مع‭ ‬الفاعلين‭ ‬الدوليين‭ ‬ستكون‭ ‬أقرب‭ ‬مما‭ ‬هي‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬الوضع‭ ‬الحالي،‭ ‬لكن‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬استمر‭ ‬الانفلات‭ ‬الأمني‭ ‬الداخلي‭ ‬فإن‭ ‬الظفر‭ ‬بعلاقات‭ ‬دبلوماسية‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬وخصوصاً‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬سيبقى‭ ‬تحدياً‭ ‬صعباً‭ ‬على‭ ‬العراق‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التوترات‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬للأحزاب‭ ‬والمليشيات‭ ‬خلقها‭ ‬مع‭ ‬الخارج،‭ ‬والتي‭ ‬ستنعكس‭ ‬بالسلب‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬المساعي‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬الحكومة‭ ‬العراقية‭.‬