فجر جديد

اطرقوا أبواب الأسر المتعففة

| إبراهيم النهام

قبل‭ ‬أيام‭ ‬تلقيت‭ ‬اتصالاً‭ ‬من‭ ‬سيدة‭ ‬تدعوني‭ ‬لأن‭ ‬أكتب‭ ‬لها‭ ‬مقالاً‭ ‬عن‭ ‬حاجة‭ ‬ابنتها‭ ‬لجهاز‭ ‬آيباد‭ ‬استعدادا‭ ‬للفصل‭ ‬الدراسي‭ ‬الجديد،‭ ‬أجبتها‭ ‬بهدوء‭ ‬بأن‭ ‬البحرين‭ ‬بخير،‭ ‬وأن‭ ‬الأمر‭ ‬لا‭ ‬يستدعي‭ ‬مقالاً،‭ ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬جهات‭ ‬مختصة‭ ‬في‭ ‬مد‭ ‬يد‭ ‬الرعاية،‭ ‬على‭ ‬رأسها‭ ‬المؤسسة‭ ‬الملكية‭ ‬للأعمال‭ ‬الإنسانية،‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬تتأخر‭ ‬في‭ ‬عون‭ ‬الناس‭ ‬ونجدتهم‭.‬

وإثر‭ ‬مكالمتها،‭ ‬تواصلت‭ ‬مع‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للمؤسسة‭ ‬الدكتور‭ ‬مصطفى‭ ‬السيد‭ ‬“بو‭ ‬محمد”،‭ ‬والذي‭ ‬طالبني‭ ‬فوراً‭ ‬بدعوتها‭ ‬لتتواصل‭ ‬مع‭ ‬رئيس‭ ‬القسم‭ ‬المختص‭ ‬لكي‭ ‬يساعدها‭ ‬وفق‭ ‬الشروط‭ ‬المتبعة،‭ ‬مؤكداً‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬من‭ ‬صميم‭ ‬الواجب،‭ ‬وليس‭ ‬تفضلا‭ ‬على‭ ‬أحد‭.‬

بموقف‭ ‬آخر،‭ ‬وبنهاية‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي،‭ ‬حدثني‭ ‬أحد‭ ‬معارفي‭ ‬عن‭ ‬صديق،‭ ‬شكا‭ ‬له‭ ‬سحب‭ ‬البنك‭ ‬سيارته‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تعثر‭ ‬بسداد‭ ‬ثلاثة‭ ‬أقساط،‭ ‬وأنه‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬صعبة‭ ‬بدونها،‭ ‬ولديه‭ ‬أسرة‭ ‬وعمل‭ ‬كثير‭ ‬متعطل‭ ‬بسبب‭ ‬ذلك‭ ‬و‭... ‬وبقية‭ ‬هذه‭ ‬التفاصيل‭ ‬المؤلمة‭ ‬والمحزنة‭. ‬

يقول‭ ‬صديقي‭ ‬إنه‭ ‬يعرف‭ ‬شخصا‭ ‬لديه‭ ‬علاقات‭ ‬جيدة‭ ‬مع‭ ‬مدير‭ ‬البنك،‭ ‬فما‭ ‬كان‭ ‬منه‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬رفع‭ ‬الهاتف‭ ‬وحادثه،‭ ‬وشرح‭ ‬له‭ ‬ظروف‭ ‬الرجل‭ ‬وحاجته،‭ ‬فما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المدير‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬وجه‭ ‬بإعادة‭ ‬السيارة‭ ‬لصاحبها،‭ ‬وتسهيل‭ ‬سداد‭ ‬الأقساط‭ ‬المتأخرة‭ ‬عليه‭.‬

وما‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬القصة‭ ‬وتلك،‭ ‬رسائل‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬عون‭ ‬الناس‭ ‬ونجدتهم،‭ ‬وأن‭ ‬المساعدة‭ ‬لا‭ ‬تنحصر‭ - ‬كما‭ ‬يظن‭ ‬البعض‭ - ‬بالمال‭ ‬أو‭ ‬المساعدات‭ ‬العينية،‭ ‬بل‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬المواقف‭ ‬والعلاقات‭ ‬نفسها،‭ ‬والتي‭ ‬تخدم‭ ‬كثيراً‭ ‬الأسر‭ ‬المتعففة‭ ‬والغارمين،‭ ‬ومن‭ ‬هم‭ ‬بحاجة‭ ‬للعون‭ ‬والنجدة‭.‬

التكافل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بين‭ ‬الناس،‭ ‬لا‭ ‬يحتاج‭ ‬لرسالة،‭ ‬أو‭ ‬جاه،‭ ‬أو‭ ‬مال،‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬يحتاج‭ ‬للنفس‭ ‬الكريمة‭ ‬والطيبة‭ ‬التي‭ ‬تجد‭ ‬راحتها‭ ‬براحة‭ ‬الآخرين،‭ ‬وسعادتهم،‭ ‬وأنسهم،‭ ‬واستقرارهم‭.‬

لا‭ ‬تنسوا‭ ‬الأسر‭ ‬المتعففة،‭ ‬اطرقوا‭ ‬عليهم‭ ‬الأبواب،‭ ‬واسألوهم،‭ ‬وساعدوهم‭ ‬ما‭ ‬استطعتم،‭ ‬فبذلك‭ ‬خير‭ ‬لفاعل‭ ‬الخير‭ ‬وأهله،‭ ‬قبل‭ ‬غيره،‭ ‬ودمتم‭ ‬بخير‭.‬