عصر التكنولوجيا

| زهير توفيقي

التقدم‭ ‬والتطور‭ ‬السريع‭ ‬والهائل‭ ‬والمضطرد‭ ‬الذي‭ ‬أحدثته‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الحديثة‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬المجالات‭ ‬يثبت‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬أن‭ ‬العلم‭ ‬لا‭ ‬آفاق‭ ‬له‭ ‬ولا‭ ‬نهاية‭ ‬محددة،‭ ‬وكما‭ ‬يقولون‭ ‬Sky is the limit،‭ ‬فنرى‭ ‬الثورة‭ ‬التكنولوجية‭ ‬قد‭ ‬أحدثت‭ ‬نقلة‭ ‬نوعية‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬الإنسان‭ ‬إيجابا‭ ‬بالطبع،‭ ‬وأتفق‭ ‬مع‭ ‬أن‭ ‬لكل‭ ‬شيء‭ ‬إيجابياته‭ ‬وسلبياته،‭ ‬والمهم‭ ‬هنا‭ ‬هو‭ ‬اتباع‭ ‬واستخدام‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مفيد‭ ‬ويخدم‭ ‬الإنسانية،‭ ‬فالتطور‭ ‬التكنولوجي‭ ‬شمل‭ ‬جميع‭ ‬مناحي‭ ‬الحياة،‭ ‬ولا‭ ‬ننكر‭ ‬كم‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬التطورات‭ ‬والتحديثات‭ ‬في‭ ‬الأنظمة‭ ‬والقوانين‭ ‬خدمتنا‭ ‬كمؤسسات‭ ‬وأفراد‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭.‬

ولكن‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬ونحن‭ ‬نعيش‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬القرن‭ ‬الذي‭ ‬يشهد‭ ‬تطورات‭ ‬علمية‭ ‬سريعة‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬الكثير‭ ‬منا‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يتماشى‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬التغيير‭ ‬الإيجابي‭ ‬الذي‭ ‬يضيف‭ ‬لحياتنا‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المعرفة‭ ‬والتسهيلات،‭ ‬ويوفر‭ ‬علينا‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬والمال‭ ‬والجهد،‭ ‬يقول‭ ‬عالم‭ ‬التاريخ‭ ‬الطبيعي‭ ‬البريطاني‭ ‬تشارلز‭ ‬داروين‭ ‬“البقاء‭ ‬ليس‭ ‬للأذكى‭ ‬ولا‭ ‬الأقوى،‭ ‬البقاء‭ ‬للأكثر‭ ‬استجابة‭ ‬للتغيير”‭. ‬

أستغرب‭ ‬كثيرًا‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬يقاومون‭ ‬هذا‭ ‬التطور‭ ‬ولا‭ ‬يواكبونه‭ ‬بسبب‭ ‬الجهل‭ ‬والكسل‭ ‬تارة‭ ‬وعقلياتهم‭ ‬المتحجرة‭ ‬تارة‭ ‬أخرى،‭ ‬تصوروا‭ ‬أن‭ ‬شخصًا‭ ‬ذكر‭ ‬لي‭ ‬مرة‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬والاختراعات‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬إلا‭ ‬خطة‭ ‬عمل‭ ‬استعمارية‭ ‬للتحكم‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬البشرية،‭ ‬بل‭ ‬أفتى‭ ‬بأنها‭ ‬من‭ ‬المحرمات‭ ‬‭!‬

لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد‭ ‬مسلح‭ ‬بالكثير‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬التقنيات‭ ‬الحديثة‭ ‬بسبب‭ ‬مناهج‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬ودراستهم‭ ‬الجامعية‭ ‬التي‭ ‬تواكب‭ ‬التطور‭ ‬التقني‭ ‬المذهل‭ ‬والسريع،‭ ‬وفي‭ ‬اعتقادي‭ ‬ان‭ ‬الشباب‭ ‬لهم‭ ‬دور‭ ‬محوري‭ ‬ومهم‭ ‬في‭ ‬تنوير‭ ‬الوالدين‭ ‬وإعطائهما‭ ‬فرصة‭ ‬مناسبة‭ ‬للتعلم‭ ‬والتدرب‭ ‬على‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬التطبيقات‭ ‬واستخدام‭ ‬الإنترنت‭ ‬والحاسوب‭ ‬الآلي‭ ‬وغيرها،‭ ‬ويزعجني‭ ‬كثيرًا‭ ‬أن‭ ‬أرى‭ ‬طوابير‭ ‬من‭ ‬المراجعين‭ ‬في‭ ‬البنوك‭ ‬وبعض‭ ‬الدوائر‭ ‬قاصدين‭ ‬إتمام‭ ‬معاملاتهم‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬بإمكانهم‭ ‬إجراؤها‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت‭. ‬هناك‭ ‬فئة‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬السن‭ ‬يرغبون‭ ‬كثيرًا‭ ‬في‭ ‬الاطلاع‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬حديث‭ ‬وعندهم‭ ‬الاستعداد‭ ‬للتعلم،‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬يجدون‭ ‬أي‭ ‬اهتمام‭ ‬وتعاون‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أبنائهم‭ ‬بسبب‭ ‬انشغالهم‭ ‬بأمور‭ ‬الحياة‭ ‬الأخرى،‭ ‬ولا‭ ‬يمتلكون‭ ‬ذلك‭ ‬الحس‭ ‬المسؤول‭ ‬لرد‭ ‬الجميل‭ ‬للوالدين،‭ ‬وكما‭ ‬يعلم‭ ‬الجميع‭ ‬أن‭ ‬شركات‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬تجني‭ ‬أرباحًا‭ ‬طائلة‭ ‬وخيالية‭ ‬لما‭ ‬لهذه‭ ‬الصناعة‭ ‬من‭ ‬أسواق‭ ‬واعدة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬أجمع،‭ ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬تبلغ‭ ‬قيمة‭ ‬شركة‭ ‬أبل‭ ‬للتكنولوجيا‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬العالمية‭ ‬‮٢‬‭.‬‮٥‬‭ ‬تريليون‭ ‬دولار‭ ‬أميركي‭.‬