مناهضة التجارب النووية

| عبدعلي الغسرة

في‭ ‬عام‭ ‬1945م‭ ‬نفذت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭ ‬أول‭ ‬تجربة‭ ‬نووية،‭ ‬ومن‭ ‬بعدها‭ ‬أجرت‭ ‬نحو‭ ‬ثماني‭ ‬دول‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬2000‭ ‬تجربة‭ ‬نووية،‭ ‬وهي‭ ‬تجارب‭ ‬ألحقت‭ ‬آثارا‭ ‬عميقة‭ ‬وأضرارًا‭ ‬طويلة‭ ‬الأمد‭ ‬بالبيئة‭ ‬الكونية‭ ‬والصحة‭ ‬البشرية‭ ‬والتنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الأكثر‭ ‬هشاشةً‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تمت‭ ‬على‭ ‬أراضيها‭ ‬هذه‭ ‬التجارب،‭ ‬وفي‭ ‬29‭ ‬أغسطس‭ ‬1991م‭ ‬تم‭ ‬إغلاق‭ ‬موقع‭ ‬“سيميبالا‭ ‬تينسك”‭ ‬للتجارب‭ ‬النووية‭ ‬في‭ ‬كازاخستان،‭ ‬وتم‭ ‬تحديد‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬يومًا‭ ‬دوليًا‭ ‬لمناهضة‭ ‬التجارب‭ ‬النووية‭ ‬لتكريم‭ ‬الأرواح‭ ‬التي‭ ‬أزهقت‭ ‬بسبب‭ ‬هذه‭ ‬الأسلحة‭. ‬وتسعى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬عالم‭ ‬خال‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬وعدم‭ ‬استخدامها‭ ‬ضد‭ ‬الدول‭ ‬ومنع‭ ‬إجراء‭ ‬التجارب‭ ‬عليها،‭ ‬ومع‭ ‬اعتماد‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬معاهدة‭ ‬الحظر‭ ‬الشامل‭ ‬للتجارب‭ ‬النووية‭ ‬في‭ ‬1996م‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬آلاف‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬جاهزة‭ ‬في‭ ‬المخازن‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬وتحث‭ ‬المعاهدة‭ ‬على‭ ‬منع‭ ‬التجارب،‭ ‬وعلى‭ ‬العمل‭ ‬الجماعي‭ ‬لحماية‭ ‬الإنسانية‭ ‬منها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬بقاء‭ ‬البشرية‭ ‬وحماية‭ ‬الحضارة‭ ‬الإنسانية‭.‬

وقد‭ ‬وقعت‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المعاهدة‭ ‬184‭ ‬دولة‭ ‬وصادقت‭ ‬عليها‭ ‬168‭ ‬دولة‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تدخل‭ ‬حيِّز‭ ‬التنفيذ‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬بالتصديق‭ ‬عليها،‭ ‬وتعيش‭ ‬الدول‭ ‬المالكة‭ ‬للأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬بعلاقات‭ ‬عدائية‭ ‬بين‭ ‬بعضها‭ ‬وتسعى‭ ‬إلى‭ ‬تحسين‭ ‬جودة‭ ‬أسلحتها‭ ‬وزيادة‭ ‬كمياتها،‭ ‬وهو‭ ‬اتجاه‭ ‬يُساهم‭ ‬في‭ ‬تلاشي‭ ‬الأمل‭ ‬بحظر‭ ‬تجاربها‭ ‬وعدم‭ ‬استخدامها‭. ‬ومازال‭ ‬العالم‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬صراع‭ ‬مع‭ ‬“كوفيد‭ ‬19”‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يتطلب‭ ‬العمل‭ ‬الجماعي‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬وتوحيد‭ ‬استثماراتها‭ ‬التقنية‭ ‬والتكنولوجية‭ ‬والدوائية‭ ‬لإنقاذ‭ ‬البشر‭ ‬من‭ ‬الوباء‭ ‬الهالك،‭ ‬وتخليص‭ ‬الدول‭ ‬من‭ ‬معاناتها‭ ‬معه،‭ ‬وهي‭ ‬دعوة‭ ‬لهذه‭ ‬الدول‭ ‬لكي‭ ‬تنسى‭ ‬الماضي‭ ‬وتضع‭ ‬أجندة‭ ‬قادمة‭ ‬لتحسين‭ ‬العالم‭ ‬والوضع‭ ‬الإنساني‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المجالات،‭ ‬ولتتعلم‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬من‭ ‬ماضي‭ ‬تجاربها‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬دروسه‭ ‬ومآسيه‭ ‬باتخاذ‭ ‬قرارات‭ ‬سليمة‭ ‬وتنفيذ‭ ‬استراتيجيات‭ ‬وسياسات‭ ‬فعالة‭ ‬تخدم‭ ‬الإنسانية‭ ‬جميعها،‭ ‬وإعطاء‭ ‬الأولوية‭ ‬لعالم‭ ‬خالٍ‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭. ‬إن‭ ‬نزع‭ ‬السلاح‭ ‬النووي‭ ‬وحظر‭ ‬تجاربه‭ ‬الضمان‭ ‬الوحيد‭ ‬ضد‭ ‬آثار‭ ‬استخدام‭ ‬هذا‭ ‬السلاح،‭ ‬ولن‭ ‬تتمكن‭ ‬المعاهدات‭ ‬والقرارات‭ ‬والمناشدات‭ ‬من‭ ‬إزالته،‭ ‬فذلك‭ ‬يتطلب‭ ‬وعي‭ ‬الحكومات‭ ‬المالكة‭ ‬لهذا‭ ‬السلاح‭ ‬والتزامها‭ ‬الإنساني‭ ‬تجاه‭ ‬حياة‭ ‬الإنسان‭ ‬والكائنات‭ ‬الأخرى،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬بروز‭ ‬بيئة‭ ‬عالمية‭ ‬ذات‭ ‬أفق‭ ‬أكثر‭ ‬أمنًا‭ ‬وتفاؤلًا‭ ‬للحياة‭ ‬وكائناتها‭.‬