هل يعود الملالي إلى فيينا؟ (2)

| سالم الكتبي

التلفزيون‭ ‬الإيراني‭ ‬وصف‭ ‬عبداللهيان‭ ‬بأنه‭ ‬“دبلوماسي‭ ‬مرموق‭ ‬لمحور‭ ‬المقاومة”،‭ ‬وهو‭ ‬بالفعل‭ ‬كذلك،‭ ‬فالرجل‭ ‬لم‭ ‬يعرف‭ ‬عنه‭ ‬سوى‭ ‬علاقاته‭ ‬الوثيقة‭ ‬مع‭ ‬أذرع‭ ‬إيران‭ ‬ووكلائها‭ ‬المسلحين‭ ‬من‭ ‬ميلشيات‭ ‬وتنظيمات‭ ‬متطرفة‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬والعراق‭ ‬ولبنان،‭ ‬بينما‭ ‬دار‭ ‬أول‭ ‬حديث‭ ‬لعبداللهيان‭ ‬مع‭ ‬نواب‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬الإيراني‭ ‬حول‭ ‬إيمانه‭ ‬بأسلوب‭ ‬الجنرال‭ ‬قاسم‭ ‬سليماني‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية،‭ ‬وأنه‭ ‬سيمضي‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النهج،‭ ‬أي‭ ‬أنه‭ ‬جاء‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬اتجاه‭ ‬سلفه‭ ‬ظريف‭ ‬الذي‭ ‬انتقد‭ ‬علناً‭ ‬تدخلات‭ ‬سليماني‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬رغم‭ ‬جهله‭ ‬بأصولها‭ ‬وقواعدها‭! ‬بما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬نظام‭ ‬الملالي‭ ‬بات‭ ‬متسقاً‭ ‬مع‭ ‬ذاته،‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬هناك‭ ‬مجال‭ ‬للحديث‭ ‬عن‭ ‬إصلاحي‭ ‬ومحافظ،‭ ‬فالمشهد‭ ‬السياسي‭ ‬بات‭ ‬متشحاً‭ ‬بلون‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري،‭ ‬ولا‭ ‬ينتظر‭ ‬من‭ ‬وزير‭ ‬خارجية‭ ‬ظل‭ ‬يُعرف‭ ‬بأنه‭ ‬رجل‭ ‬الحرس‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الإيرانية،‭ ‬أن‭ ‬يبدي‭ ‬أي‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬المرونة‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬جلس‭ ‬على‭ ‬مائدة‭ ‬تفاوض‭ ‬مع‭ ‬الغرب‭.‬

عموماً‭ ‬لا‭ ‬يتوقع‭ ‬انعقاد‭ ‬جولة‭ ‬تفاوض‭ ‬جديدة‭ ‬قريباً‭ ‬لأن‭ ‬عبداللهيان‭ ‬يقول‭ ‬إنه‭ ‬“يحاول‭ ‬تطوير‭ ‬نموذج‭ ‬وآلية‭ ‬جديدة‭ ‬للتشاور‭ ‬مع‭ ‬الخبراء‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬كيفية‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬ملف‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي”،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬حدد‭ ‬ميعادا‭ ‬للجولة‭ ‬السابعة‭ ‬فستكون‭ ‬جولة‭ ‬استكشافية‭ ‬بانتظار‭ ‬الآلية‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬يحاول‭ ‬عبداللهيان‭ ‬التوصل‭ ‬إليها،‭ ‬وهي‭ ‬غالبا‭ ‬ستكون‭ ‬آلية‭ ‬نابعة‭ ‬من‭ ‬فكر‭ ‬صدامي‭ ‬متشدد،‭ ‬فرغم‭ ‬خبرات‭ ‬الوزير‭ ‬الجديد‭ ‬نسبياً‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬لكنه‭ ‬يبقى‭ ‬صاحب‭ ‬علاقات‭ ‬محدودة‭ ‬للغاية‭ ‬مع‭ ‬الأوساط‭ ‬الغربية،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬كونه‭ ‬يميل‭ ‬دائماً‭ ‬لتنفيذ‭ ‬توجيهات‭ ‬المرشد‭ ‬الأعلى‭ ‬علي‭ ‬خامنئي‭ ‬بشكل‭ ‬دقيق‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أية‭ ‬محاولة‭ ‬من‭ ‬جانبه‭ ‬للتفكير‭ ‬خارج‭ ‬الصندوق،‭ ‬وربما‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬إحدى‭ ‬أهم‭ ‬السمات‭ ‬الشخصية‭ ‬التي‭ ‬رجحت‭ ‬كفته‭ ‬على‭ ‬المرشحين‭ ‬الآخرين‭ ‬للمنصب‭.‬

والواضح‭ ‬من‭ ‬تحليل‭ ‬رسائل‭ ‬الملالي‭ ‬في‭ ‬الشأن‭ ‬النووي‭ ‬أن‭ ‬رئيسي‭ ‬يريد‭ ‬مواصلة‭ ‬التفاوض‭ ‬ولكنه‭ ‬يريد‭ ‬تغيير‭ ‬استراتيجية‭ ‬الملالي‭ ‬وإظهار‭ ‬نهج‭ ‬جديد،‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬الوارد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬أحد‭ ‬أسباب‭ ‬المماطلة‭ ‬في‭ ‬إعلان‭ ‬موقف‭ ‬محدد‭ ‬إزاء‭ ‬مصير‭ ‬الجولة‭ ‬التفاوضية‭ ‬المقبلة‭ ‬هو‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬أعصاب‭ ‬المسؤولين‭ ‬الأميركيين‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يريدون‭ ‬بالتأكيد‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الإخفاقات‭ ‬لاسيما‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الانتقادات‭ ‬المتلاحقة‭ ‬التي‭ ‬تطال‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬بسبب‭ ‬مشهد‭ ‬الانسحاب‭ ‬من‭ ‬أفغانستان‭. ‬“إيلاف”‭.‬