لمحات

مشاهد تُبكي الصخر

| د.علي الصايغ

تُبكي‭ ‬مشاهد‭ ‬أفغانستان‭ ‬التي‭ ‬تتصدر‭ ‬الإعلام‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬الصخر،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬سيطرت‭ ‬حركة‭ ‬طالبان‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬كابل،‭ ‬معلنة‭ ‬إمارة‭ ‬أفغانستان‭ ‬الإسلامية،‭ ‬والتي‭ ‬مازال‭ ‬الغموض‭ ‬يكتنفها،‭ ‬خصوصا‭ ‬أنها‭ ‬وعدت‭ ‬بما‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬منها‭ ‬متوقعاً،‭ ‬وهو‭ ‬السماح‭ ‬للمرأة‭ ‬بالتعليم‭ ‬والعمل،‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬عدم‭ ‬إبداء‭ ‬أي‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬التفاؤل‭ ‬من‭ ‬أطراف‭ ‬عدة،‭ ‬ومنهم‭ ‬الرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬الذي‭ ‬استبعد‭ ‬تغير‭ ‬الحركة‭.‬

الأمر‭ ‬المحزن‭ ‬حقيقة‭ ‬المظاهر‭ ‬المضطربة‭ ‬وحالات‭ ‬الهلع‭ ‬بعد‭ ‬تولي‭ ‬طالبان‭ ‬السلطة،‭ ‬فإلى‭ ‬أية‭ ‬درجة‭ ‬يستطيع‭ ‬الخوف‭ ‬أن‭ ‬يعتمر‭ ‬القلوب،‭ ‬حتى‭ ‬يجعل‭ ‬الإنسان‭ ‬يهاب‭ ‬البقاء‭ ‬تحت‭ ‬سطوة‭ ‬إنسان‭ ‬آخر،‭ ‬ولا‭ ‬يهاب‭ ‬الموت؟‭!‬

اعتلى‭ ‬بهم‭ ‬الخوف‭ ‬أطراف‭ ‬طائرة‭ ‬عسكرية،‭ ‬وكان‭ ‬بعضهم‭ ‬ممن‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يتحلوا‭ ‬بشيء‭ ‬من‭ ‬الدراية‭ ‬لخطورة‭ ‬ما‭ ‬يفعلون،‭ ‬فهل‭ ‬كانوا‭ ‬يدركون‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬يعد‭ ‬بمثابة‭ ‬انتحار؟‭! ‬هل‭ ‬أدركوا‭ ‬أن‭ ‬الموت‭ ‬كان‭ ‬قادماً‭ ‬لا‭ ‬محالة،‭ ‬أم‭ ‬أنهم‭ ‬اختاروا‭ ‬الموت‭ ‬بدل‭ ‬البقاء‭ ‬تحت‭ ‬رحمة‭ ‬الحركة؟‭!‬

كما‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬أقسى،‭ ‬ولا‭ ‬أفجع‭ ‬من‭ ‬التهافت‭ ‬الكبير‭ ‬على‭ ‬المطار،‭ ‬وتسليم‭ ‬الأمهات‭ ‬صغارهم‭ ‬إلى‭ ‬القوات‭ ‬العسكرية‭ ‬الأجنبية،‭ ‬أملاً‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يجدوا‭ ‬لهم‭ ‬حياة‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬بقائهم‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حكم‭ ‬طالبان‭! ‬فما‭ ‬حجم‭ ‬الخوف‭ ‬واليأس‭ ‬الذي‭ ‬يعتمر‭ ‬قلب‭ ‬أم‭ ‬تتخلى‭ ‬عن‭ ‬فلذة‭ ‬كبدها‭ ‬بهذه‭ ‬الكيفية؟‭!‬

إن‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المشاهد‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬أفغانستان‭ ‬لهي‭ ‬شواهد‭ ‬وعبر‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يتعظ‭ ‬منها‭ ‬الجميع،‭ ‬وأن‭ ‬يحمدوا‭ ‬عيشهم‭ ‬في‭ ‬أوطان‭ ‬آمنة،‭ ‬فليس‭ ‬أغلى،‭ ‬ولا‭ ‬أهم‭ ‬من‭ ‬الحياة‭ ‬بأمان،‭ ‬فأية‭ ‬لقمة‭ ‬تهنأ‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تهديد‭ ‬وقتل‭ ‬وترويع؟‭! ‬وأية‭ ‬راحة‭ ‬تنشد‭ ‬والخطر‭ ‬محيط؟‭! ‬فالحمد‭ ‬لله‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬أنعم‭ ‬علينا‭ ‬من‭ ‬وطن‭ ‬آمن،‭ ‬ونعم‭ ‬كثيرة‭ ‬أخرى،‭ ‬لا‭ ‬تعد‭ ‬ولا‭ ‬تحصى‭.‬