قانون العدالة الإصلاحية للأطفال وحمايتهم من سوء المعاملة

| د. عبدالقادر ورسمه

تنهال‭ ‬المكرمات‭ ‬الملكية‭ ‬السامية‭ ‬من‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬وفي‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي‭ ‬كتبنا‭ ‬عن‭ ‬المكرمة‭ ‬الملكية‭ ‬بمساواة‭ ‬الأجر‭ ‬للعامل‭ ‬والعاملة‭ ‬للعمل‭ ‬المتساوي،‭ ‬واليوم‭ ‬نكتب‭ ‬عن‭ ‬مكرمة‭ ‬ملكية‭ ‬سامية‭ ‬جديدة‭ ‬بصدور‭ ‬القانون‭ ‬رقم‭ (‬4‭) ‬لسنة‭ ‬2021‭ ‬الخاص‭ ‬بالعدالة‭ ‬الإصلاحية‭ ‬للأطفال‭ ‬وحمايتهم‭ ‬من‭ ‬سوء‭ ‬المعاملة‭. ‬وكل‭ ‬هذه‭ ‬المكرمات‭ ‬الملكية‭ ‬تصب‭ ‬في‭ ‬صالح‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬وحماية‭ ‬حقوقه‭ ‬والمحافظة‭ ‬عليها‭ ‬بموجب‭ ‬تشريعات‭ ‬حديثة‭ ‬متطورة‭ ‬تحلق‭ ‬بالوطن‭ ‬للثريا‭. ‬

والقانون‭ ‬رقم‭ (‬4‭) ‬لسنة‭ ‬2021،‭ ‬يهدف‭ ‬بصفة‭ ‬أساسية‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬الإصلاحية‭ ‬للأطفال،‭ ‬ورعايتهم‭ ‬وحمايتهم‭ ‬من‭ ‬سوء‭ ‬المعاملة‭. ‬وتكون‭ ‬لمصالح‭ ‬الطفل‭ ‬الفضلى‭ ‬الأولوية‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الأحكام‭ ‬والقرارات‭ ‬والإجراءات‭ ‬المتعلقة‭ ‬به،‭ ‬أيًا‭ ‬كانت‭ ‬الجهة‭ ‬التي‭ ‬تصدرها‭ ‬أو‭ ‬تباشرها‭. ‬وهذا‭ ‬توجيه‭ ‬عام‭ ‬وشامل‭ ‬تتضح‭ ‬فيه‭ ‬مراعاة‭ ‬مصالح‭ ‬الأطفال‭ ‬بناة‭ ‬المستقبل‭ ‬المشرق‭. ‬

ويقصد‭ ‬بالطفل‭ ‬في‭ ‬تطبيق‭ ‬أحكام‭ ‬القانون،‭ ‬كل‭ ‬إنسان‭ ‬لم‭ ‬يتجاوز‭ ‬سنه‭ ‬18‭ ‬سنة‭ ‬ميلادية‭ ‬كاملة‭ ‬وقت‭ ‬ارتكابه‭ ‬الجريمة،‭ ‬أو‭ ‬عند‭ ‬وجوده‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬حالات‭ ‬التعرض‭ ‬للخطر‭ ‬أو‭ ‬سوء‭ ‬المعاملة‭ ‬المنصوص‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬القانون‭. ‬ويكون‭ ‬إثبات‭ ‬سن‭ ‬الطفل‭ ‬بموجب‭ ‬شهادة‭ ‬ميلاد‭ ‬أو‭ ‬بطاقة‭ ‬شخصية‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬مستند‭ ‬رسمي‭ ‬آخر،‭ ‬وفي‭ ‬حال‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬هذا‭ ‬المستند‭ ‬يتم‭ ‬تقرير‭ ‬السن‭ ‬بمعرفة‭ ‬الجهات‭ ‬التي‭ ‬يصدر‭ ‬بشأنها‭ ‬قرار‭ ‬من‭ ‬وزير‭ ‬العدل‭ ‬بالاتفاق‭ ‬مع‭ ‬وزير‭ ‬الصحة‭. ‬

لا‭ ‬مسؤولية‭ ‬جنائية‭ ‬على‭ ‬الطفل‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬تتجاوز‭ ‬سنه‭ ‬15‭ ‬سنة‭ ‬ميلادية‭ ‬كاملة‭ ‬وقت‭ ‬ارتكاب‭ ‬الجريمة،‭ ‬وتتبع‭ ‬في‭ ‬شأنه‭ ‬الأحكام‭ ‬المنصوص‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬القانون‭. ‬وتُنشأ‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬محاكم‭ ‬تُسمى‭ ‬“محاكم‭ ‬العدالة‭ ‬الإصلاحية‭ ‬للطفل”،‭ ‬تختص‭ ‬بالفصل‭ ‬في‭ ‬الدعاوى‭ ‬الجنائية‭ ‬الناشئة‭ ‬عن‭ ‬الجرائم‭ ‬التي‭ ‬يرتكبها‭ ‬الأطفال‭ ‬ممن‭ ‬تجاوزت‭ ‬أعمارهم‭ ‬15‭ ‬سنة‭ ‬ميلادية‭ ‬كاملة‭ ‬وقت‭ ‬ارتكاب‭ ‬الجريمة‭. ‬

وتشكل‭ ‬محاكم‭ ‬العدالة‭ ‬الإصلاحية‭ ‬للطفل‭ ‬من‭ ‬قضاة،‭ ‬ويعاون‭ ‬المحكمة‭ ‬خبراء‭ ‬تندبهما‭ ‬المحكمة،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬أحدهما‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬من‭ ‬النساء،‭ ‬ويكون‭ ‬حضورهما‭ ‬جلسات‭ ‬المحاكمة‭ ‬وجوبيًا‭. ‬وتختص‭ ‬محاكم‭ ‬العدالة‭ ‬الإصلاحية‭ ‬للطفل‭ ‬بالفصل‭ ‬في‭ ‬الجنايات‭ ‬وفي‭ ‬الجرائم‭ ‬والجنح‭ ‬والمسائل‭ ‬الأخرى،‭ ‬ويجوز‭ ‬الطعن‭ ‬بالاستئناف،‭ ‬ويشترط‭ ‬لصحة‭ ‬انعقاد‭ ‬محكمة‭ ‬الاستئناف‭ ‬العليا‭ ‬الجنائية‭ ‬للفصل‭ ‬في‭ ‬الطعون‭ ‬حضور‭ ‬خبيرين‭ ‬من‭ ‬الخبراء‭ ‬تندبهما‭ ‬المحكمة،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬أحدهما‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬وألا‭ ‬يكونا‭ ‬قد‭ ‬سبق‭ ‬لهما‭ ‬حضور‭ ‬جلسات‭ ‬المحاكمة‭ ‬التي‭ ‬صدر‭ ‬فيها‭ ‬الحكم‭ ‬المطعون‭ ‬فيه،‭ ‬وتسري‭ ‬أحكام‭ ‬قانون‭ ‬الإجراءات‭ ‬الجنائية‭ ‬في‭ ‬شأن‭ ‬مواعيد‭ ‬وإجراءات‭ ‬الطعن‭. ‬

وتنشأ‭ ‬بقرار‭ ‬من‭ ‬وزير‭ ‬العدل‭ ‬لجنة‭ ‬تُسمى‭ ‬“اللجنة‭ ‬القضائية‭ ‬للطفولة”،‭ ‬تختص‭ ‬بالنظر‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬تعرض‭ ‬الطفل‭ ‬للخطر‭ ‬أو‭ ‬سوء‭ ‬المعاملة‭ ‬المحالة‭ ‬إليها‭ ‬من‭ ‬النيابة‭ ‬المتخصصة‭ ‬للطفل‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الخصوص،‭ ‬أصدر‭ ‬وزير‭ ‬العدل‭ ‬والنائب‭ ‬العام‭ ‬التوجيهات‭ ‬والقرارات‭ ‬اللازمة‭ ‬لتنفيذ‭ ‬أحكام‭ ‬القانون‭ ‬ولقد‭ ‬بدأت‭ ‬هذه‭ ‬المحاكم‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬أعمالها‭ ‬فعليا‭. ‬وبدأ‭ ‬فعليا‭ ‬قطف‭ ‬ثمار‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬الهام‭. ‬

إن‭ ‬صدور‭ ‬هذه‭ ‬القوانين‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬سياسة‭ ‬متطورة‭ ‬تهدف‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬حقوق‭ ‬النشء‭ ‬ورعايتهم؛‭ ‬نظرا‭ ‬لحاجتهم‭ ‬للعناية‭ ‬والرعاية‭ ‬بسبب‭ ‬أعمارهم‭ ‬وقلة‭ ‬التجربة‭ ‬لديهم‭. ‬لذا‭ ‬فإن‭ ‬رعايتهم‭ ‬ودعمهم‭ ‬يساعد‭ ‬في‭ ‬خروجهم‭ ‬من‭ ‬مستنقع‭ ‬الإجرام‭ ‬والعودة‭ ‬بسلامة‭ ‬وأمان‭ ‬لحضن‭ ‬أسرهم‭ ‬ومجتمعهم‭ ‬ووطنهم‭. ‬وهذا‭ ‬يمثل‭ ‬الروح‭ ‬الأبوية‭ ‬الحنون‭ ‬على‭ ‬أطفالها‭ ‬وعلى‭ ‬كل‭ ‬أمورهم‭ ‬حتى‭ ‬بلوغ‭ ‬سن‭ ‬الرشد‭ ‬ودخول‭ ‬مرحلة‭ ‬الرجولة‭ ‬وهم‭ ‬أقوياء‭ ‬جسديا‭ ‬ومعنويا‭ ‬ونفسيا‭. ‬ولتهنأ‭ ‬البحرين‭ ‬بهذه‭ ‬المكرمات‭ ‬الملكية‭ ‬السامية‭. ‬