ما وراء الحقيقة

قصة رئيس عربي

| د. طارق آل شيخان الشمري

مارس‭ ‬الرئيس‭ ‬التونسي‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬صلاحياته‭ ‬كرئيس‭ ‬دولة،‭ ‬وأصدر‭ ‬عدة‭ ‬قرارات‭ ‬جمد‭ ‬فيها‭ ‬عمل‭ ‬البرلمان‭ ‬ورفع‭ ‬الحصانة‭ ‬عن‭ ‬أعضائه،‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬القرارات‭ ‬اللاحقة‭ ‬التي‭ ‬قال‭ ‬إنها‭ ‬ضرورية‭ ‬للمرحلة‭ ‬الحالية،‭ ‬لكن‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نبحر‭ ‬في‭ ‬فكر‭ ‬الرئيس‭ ‬سعيد،‭ ‬لنعرف‭ ‬فلسفة‭ ‬وفكر‭ ‬ورؤية‭ ‬هذا‭ ‬الرئيس،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬الاكتفاء‭ ‬فقط‭ ‬بالاستماع‭ ‬للتصريحات‭ ‬الإعلامية‭ ‬غير‭ ‬كاف‭.‬

باختصار‭ ‬شديد‭ ‬سنتطرق‭ ‬لنقطتين‭ ‬مهمتين‭ ‬قد‭ ‬تجهلهما‭ ‬الغالبية‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬العربي،‭ ‬وتتعلقان‭ ‬بممارسة‭ ‬صلاحياته‭ ‬وهما‭ ‬كالتالي‭: ‬أولا‭ ‬صلاحياته‭ ‬الدستورية،‭ ‬فعند‭ ‬ممارسة‭ ‬الرئيس‭ ‬سعيد‭ ‬صلاحياته‭ ‬الدستورية،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الالتزام‭ ‬بالدستور،‭ ‬وهو‭ ‬الضليع‭ ‬بالقانون‭ ‬الدستوري،‭ ‬فقد‭ ‬أصدر‭ ‬عدة‭ ‬قرارات‭ ‬جمهورية‭ ‬تتوافق‭ ‬كلها‭ ‬مع‭ ‬الدستور‭ ‬وبنوده،‭ ‬فكونه‭ ‬خبيرا‭ ‬بالفقه‭ ‬الدستوري‭ ‬جعله‭ ‬محصنا‭ ‬تحصينا‭ ‬تاما‭ ‬عن‭ ‬أية‭ ‬أخطاء‭ ‬أو‭ ‬زلة‭ ‬تخدش‭ ‬بنود‭ ‬الدستور،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يستغلها‭ ‬معارضوه‭ ‬ويقومون‭ ‬بتخطئته،‭ ‬وبالتالي‭ ‬سيقومون‭ ‬بإثارة‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬بل‭ ‬والاستقواء‭ ‬بالخارج،‭ ‬ما‭ ‬سيعرض‭ ‬تونس‭ ‬للتدخل‭ ‬الخارجي‭ ‬السياسي‭ ‬وتفقد‭ ‬سيادتها‭ ‬واستقلاليتها،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬سعيد‭ ‬مارس‭ ‬صلاحياته‭ ‬الدستورية‭ ‬بكل‭ ‬اقتدار،‭ ‬وضرب‭ ‬مثلا‭ ‬للعرب‭ ‬والغرب‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬احترام‭ ‬رأس‭ ‬الهرم‭ ‬للدستور‭.‬

ثانيا‭ ‬مارس‭ ‬الرئيس‭ ‬سعيد‭ ‬صلاحياته‭ ‬الوطنية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قيامه‭ ‬بواجبه‭ ‬الوطني‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬مصالح‭ ‬التونسيين،‭ ‬وتمثلت‭ ‬هذه‭ ‬الصلاحيات‭ ‬الوطنية‭ ‬المرتكزة‭ ‬أولا‭ ‬وأخيرا‭ ‬عل‭ ‬الدستور،‭ ‬بالمحافظة‭ ‬على‭ ‬سمعة‭ ‬وهيبة‭ ‬تونس‭ ‬الديمقراطية‭ ‬أمام‭ ‬العالم،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تجميد‭ ‬عمل‭ ‬البرلمان‭ ‬الذي‭ ‬اتهمه‭ ‬التونسيون‭ ‬بأنه‭ ‬أساء‭ ‬للبلد،‭ ‬كما‭ ‬رفع‭ ‬الحصانة‭ ‬عن‭ ‬أعضائه‭ ‬تمهيدا‭ ‬لمحاسبة‭ ‬المحكومين‭ ‬بقضايا‭ ‬وفق‭ ‬حكم‭ ‬القانون،‭ ‬كذلك‭ ‬مارس‭ ‬الرئيس‭ ‬سعيد‭ ‬صلاحياته‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬محاربة‭ ‬الفساد،‭ ‬ومحاسبة‭ ‬المتورطين‭ ‬والناهبين‭ ‬لثروات‭ ‬البلاد،‭ ‬كما‭ ‬عمل‭ ‬على‭ ‬مبادرة‭ ‬تستهدف‭ ‬إرجاع‭ ‬أموال‭ ‬الدولة‭ ‬من‭ ‬سراق‭ ‬المال‭ ‬العام،‭ ‬ولا‭ ‬ننسى‭ ‬أيضا‭ ‬تصديه‭ ‬بكل‭ ‬شجاعة‭ ‬لكل‭ ‬الضعوطات‭ ‬الداخلية‭ ‬والخارجية‭ ‬التي‭ ‬حاولت‭ ‬أطراف‭ ‬حزبية‭ ‬وغربية‭ ‬ممارستها‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الرئيس‭ ‬العربي‭.‬