ستة على ستة

أفغانية وأريد البقاء

| عطا السيد الشعراوي

امتزجت‭ ‬المشاهد‭ ‬المخزية‭ ‬بالمشاهد‭ ‬المخيفة‭ ‬والمفزعة‭ ‬في‭ ‬مسلسل‭ ‬دخول‭ ‬طالبان‭ ‬العاصمة‭ ‬الأفغانية،‭ ‬كابل،‭ ‬وسيطرتها‭ ‬السهلة‭ ‬والسريعة‭ ‬على‭ ‬أرجاء‭ ‬الدولة‭ ‬ومؤسساتها،‭ ‬وكانت‭ ‬الفوضى‭ ‬سيد‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬الذي‭ ‬تابعه‭ ‬العالم‭ ‬بكل‭ ‬دهشة‭ ‬واستغراب‭ ‬وتساؤلات‭ ‬حول‭ ‬كواليس‭ ‬تلك‭ ‬القدرة‭ ‬لطالبان‭ ‬في‭ ‬إحكام‭ ‬سيطرتها‭ ‬وبسط‭ ‬قبضتها‭ ‬على‭ ‬البلاد‭.‬

من‭ ‬القصص‭ ‬المهمة‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬الأفغاني‭ ‬والتي‭ ‬تضرب‭ ‬مثالا‭ ‬للانتماء‭ ‬والولاء‭ ‬لأرض‭ ‬الوطن،‭ ‬تأتي‭ ‬قصة‭ ‬محبوبة‭ ‬سراج‭ ‬التي‭ ‬سردها‭ ‬موقع‭ ‬البي‭ ‬بي‭ ‬سي‭ ‬على‭ ‬الإنترنت،‭ ‬موضحًا‭ ‬أنها‭ ‬ناشطة‭ ‬في‭ ‬ميدان‭ ‬المرأة‭ ‬والطفل،‭ ‬وتترأس‭ ‬“مركز‭ ‬تطوير‭ ‬مهارات‭ ‬النساء‭ ‬الأفغانيات”،‭ ‬والتي‭ ‬تهدف‭ ‬لتمكين‭ ‬النساء‭ ‬والفتيات‭. ‬

محبوبة‭ ‬لم‭ ‬تخف‭ ‬من‭ ‬الفوضى‭ ‬المسيطرة‭ ‬على‭ ‬أفغانستان‭ ‬حاليا،‭ ‬ولم‭ ‬تنزعج‭ ‬من‭ ‬الموقف‭ ‬الطالباني‭ ‬المعروف‭ ‬من‭ ‬المرأة‭ ‬وحريتها‭ ‬وحقوقها،‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬آثرت‭ ‬العودة‭ ‬لأفغانستان‭ ‬وليس‭ ‬الهروب‭ ‬كما‭ ‬فعل‭ ‬الكثيرون،‭ ‬وصممت‭ ‬على‭ ‬مواصلة‭ ‬مهمتها،‭ ‬وكانت‭ ‬لديها‭ ‬الجرأة‭ ‬والشجاعة‭ ‬أن‭ ‬تعلن‭ ‬استعدادها‭ ‬للتفاوض‭ ‬مع‭ ‬طالبان‭ ‬حول‭ ‬قضايا‭ ‬النساء‭ ‬وهي‭ ‬تعرف‭ ‬كيف‭ ‬كان‭ ‬وضع‭ ‬المرأة‭ ‬أثناء‭ ‬سيطرة‭ ‬حركة‭ ‬طالبان‭ ‬على‭ ‬أفغانستان‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬1996‭ ‬إلى‭ ‬2001،‭ ‬حيث‭ ‬حرمت‭ ‬من‭ ‬التعليم‭ ‬والعمل‭ ‬وتم‭ ‬التضييق‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬مسكنها‭ ‬ولبسها‭ ‬وحركتها‭.‬

تؤكد‭ ‬محبوبة‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تخاف‭ ‬من‭ ‬طالبان‭ ‬ولا‭ ‬يمكنها‭ ‬الآن‭ ‬الاستسلام‭ ‬للذعر،‭ ‬قائلة‭ ‬“لا‭ ‬وقت‭ ‬لدينا‭ ‬للذعر،‭ ‬لا‭ ‬وقت‭ ‬لدينا‭ ‬للتأسف‭ ‬على‭ ‬حالنا،‭ ‬لا‭ ‬وقت‭ ‬لدينا‭ ‬للدراما”،‭ ‬مضيفة‭: ‬“لست‭ ‬شهيدة،‭ ‬لست‭ ‬امرأة‭ ‬جسورة‭ ‬جدا‭.. ‬لكنني‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬أؤمن‭ ‬بالمسؤولية‭ ‬ولديّ‭ ‬مسؤولية‭ ‬تجاه‭ ‬أهلي،‭ ‬أنا‭ ‬امرأة‭ ‬أفغانية‭ - ‬وأريد‭ ‬البقاء‭ ‬في‭ ‬بلدي‭ ‬وأن‭ ‬أكون‭ ‬هنا‭ ‬قربهم”‭. ‬

محبوبة‭ ‬تختلف‭ ‬عما‭ ‬نسمعه‭ ‬ونشاهده‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الظروف‭ ‬الصعبة‭ ‬والحاسمة‭ ‬عن‭ ‬“نشطاء”‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬كثيرة‭ ‬لكنهم‭ ‬بانتهازية‭ ‬واضحة‭ ‬يقفزون‭ ‬على‭ ‬المشهد‭ ‬ويتقربون‭ ‬من‭ ‬الوجوه‭ ‬الجديدة‭ ‬المسيطرة‭ ‬ليكون‭ ‬لهم‭ ‬نصيب‭ ‬في‭ ‬كعكة‭ ‬الحكم‭ ‬والمناصب‭ ‬أو‭ ‬أنهم‭ ‬يسرعون‭ ‬بالهروب‭ ‬للخارج‭ ‬الذي‭ ‬يتحكم‭ ‬بهم‭ ‬ليضعوا‭ ‬سويًا‭ ‬خطة‭ ‬العمل‭ ‬والتعامل‭ ‬مع‭ ‬النظام‭ ‬الجديد‭ ‬بما‭ ‬يضمن‭ ‬لهم‭ ‬استمرار‭ ‬المزايا‭ ‬والمنافع‭ ‬التي‭ ‬تأتي‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬تسميتهم‭ ‬نشطاء‭.‬