من جديد

اللغة العربية في خطر

| د. سمر الأبيوكي

ما‭ ‬الأسباب‭ ‬الحقيقية‭ ‬وراء‭ ‬تدني‭ ‬الاهتمام‭ ‬باللغة‭ ‬العربية،‭ ‬ورفضها‭ ‬وعدم‭ ‬الاستعانة‭ ‬بها‭ ‬سوى‭ ‬باليسير،‭ ‬لماذا‭ ‬ننسلخ‭ ‬من‭ ‬جلدنا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬ونحاول‭ ‬أن‭ ‬نتباهى‭ ‬بلغات‭ ‬أخرى‭ ‬وكأنها‭ ‬السبيل‭ ‬للرفعة‭ ‬والمكانة‭ ‬المتميزة؟‭ ‬هل‭ ‬من‭ ‬علاقة‭ ‬حقيقية‭ ‬بين‭ ‬من‭ ‬يتقنون‭ ‬لغات‭ ‬أجنبية‭ ‬غير‭ ‬لغتهم‭ ‬العربية‭ ‬وارتفاع‭ ‬معدلات‭ ‬الذكاء؟

الجميع‭ ‬يلمس‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة‭ ‬ولست‭ ‬وحدي‭ ‬من‭ ‬أشير‭ ‬إليها،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬عددا‭ ‬كبيرا‭ ‬من‭ ‬الإعلاميين‭ ‬وأساتذة‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬يلاحظون‭ ‬حجم‭ ‬الإشكالية‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬وصلنا‭ ‬لها‭ ‬خصوصا‭ ‬مع‭ ‬أجيال‭ ‬جديدة‭ ‬وأطفال‭ ‬لا‭ ‬يستطيعون‭ ‬التحدث‭ ‬بلغتهم‭ ‬العربية،‭ ‬وابتسامة‭ ‬فخر‭ ‬تعلو‭ ‬محيا‭ ‬والدي‭ ‬الطفل‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬تحدثه‭ ‬ويجيبان‭ ‬عنه‭ ‬“العربي‭ ‬ماله‭ ‬ضعيف‭ ‬كلمه‭ ‬إنجليزي”،‭ ‬وفي‭ ‬اعتقادي‭ ‬الخاص‭ ‬أن‭ ‬القصة‭ ‬بدأت‭ ‬عندما‭ ‬أصبح‭ ‬الجميع‭ ‬يهرعون‭ ‬إلى‭ ‬تسجيل‭ ‬أبنائهم‭ ‬في‭ ‬مدارس‭ ‬خاصة‭ ‬ناطقة‭ ‬بغير‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬المستوى‭ ‬المعيشي‭ ‬للأسرة‭ ‬أو‭ ‬هكذا‭ ‬خُيل‭ ‬للبعض،‭ ‬أن‭ ‬تواجد‭ ‬أبنائهم‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬الخاصة‭ ‬سيكفل‭ ‬لهم‭ ‬حظا‭ ‬اجتماعيا‭ ‬أفضل‭ ‬أو‭ ‬فرصا‭ ‬مستقبلية‭ ‬أوفر،‭ ‬وكانت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المدارس‭ ‬الخاصة‭ ‬سابقا‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬العدل‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬اللغتين‭ ‬وتوازي‭ ‬مسارهما،‭ ‬ما‭ ‬نتج‭ ‬لدينا‭ ‬جيلا‭ ‬سابقا‭ ‬يجيد‭ ‬اللغتين‭.‬

لكن‭ ‬الحال‭ ‬لم‭ ‬يبق‭ ‬كما‭ ‬كان،‭ ‬فظهرت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المدارس‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬اللغة‭ ‬الإنجليزية‭ ‬مقابل‭ ‬حصص‭ ‬أقل‭ ‬للغة‭ ‬العربية‭ ‬ولا‭ ‬ضير‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬العائلة‭ ‬أو‭ ‬أحد‭ ‬الوالدين‭ ‬على‭ ‬وعي‭ ‬بضرورة‭ ‬تقوية‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استخدامها‭ ‬في‭ ‬المنزل‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬المدرسين‭ ‬الخصوصيين،‭ ‬لكن‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬العينة‭ ‬الواعية‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬التلاشي،‭ ‬فترى‭ ‬التركيز‭ ‬اللامتناهي‭ ‬على‭ ‬اللغة‭ ‬الإنجليزية‭ ‬دون‭ ‬غيرها‭ ‬واعتمادها‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭ ‬والمنزل‭ ‬والعمل‭ ‬وكل‭ ‬مكان‭ ‬بشكل‭ ‬مبالغ‭ ‬فيه‭ ‬ومنفر‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭.‬

ومضة

في‭ ‬إحدى‭ ‬الجلسات‭ ‬الودية‭ ‬ناقشت‭ ‬الموضوع‭ ‬مع‭ ‬الدكتورة‭ ‬فائقة‭ ‬الصادقي‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬الأساتذة‭ ‬الجامعيين‭ ‬القلائل‭ ‬الذين‭ ‬يدرسون‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬واللغة‭ ‬الإنجليزية‭ ‬والإعلام‭ ‬“أي‭ ‬أنها‭ ‬تدرس‭ ‬ثلاثة‭ ‬مسارات‭ ‬مختلفة‭ ‬في‭ ‬آن‭ ‬واحد”‭ ‬حيث‭ ‬أكدت‭ ‬أن‭ ‬الوضع‭ ‬بات‭ ‬غريبا‭ ‬للغاية‭ ‬مع‭ ‬الأجيال‭ ‬الحديثة‭ ‬التي‭ ‬تتعمد‭ ‬التباهي‭ ‬باستخدام‭ ‬مصطلحات‭ ‬أو‭ ‬كلمات‭ ‬غربية‭ ‬في‭ ‬اللغة‭ ‬العربية،‭ ‬وأن‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬منتشرة‭ ‬للأسف‭ ‬بين‭ ‬العرب‭ ‬دونا‭ ‬عن‭ ‬غيرهم،‭ ‬عن‭ ‬غير‭ ‬قصد‭ ‬وبقصد‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان،‭ ‬والأدهى‭ ‬والأمر‭ ‬أن‭ ‬الكثيرين‭ ‬يقعون‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬الرمادي‭ ‬أي‭ ‬أنهم‭ ‬يصبحون‭ ‬غير‭ ‬ملمين‭ ‬بأي‭ ‬من‭ ‬اللغتين‭ ‬بسبب‭ ‬ضياع‭ ‬الهوية‭ ‬الحقيقية‭ ‬لسجل‭ ‬التمرس‭ ‬اللغوي‭.‬