أهمية ودور المنبر الحسيني

| عبدعلي الغسرة

يَحمل‭ ‬المنبر‭ ‬الحسيني‭ ‬على‭ ‬مرَّ‭ ‬العصور‭ ‬مسؤولية‭ ‬الإرشاد‭ ‬الديني‭ ‬والتوعية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬بهدف‭ ‬بناء‭ ‬الشخصية‭ ‬الإنسانية‭ ‬والمجتمعية،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬بث‭ ‬روح‭ ‬التسامح‭ ‬الديني‭ ‬والتعايش‭ ‬المجتمعي‭ ‬مع‭ ‬الآخر،‭ ‬وهنا‭ ‬تكمن‭ ‬مسؤولية‭ ‬مَن‭ ‬يرتقي‭ ‬هذا‭ ‬المنبر‭ ‬ومدى‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬تحمل‭ ‬هذه‭ ‬المسؤولية،‭ ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬بفكر‭ ‬وثقافة‭ ‬واطلاعٍ‭ ‬واسع‭ ‬بما‭ ‬ينسجم‭ ‬مع‭ ‬متطلبات‭ ‬أداء‭ ‬ارتقاء‭ ‬المنبر‭ ‬بما‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬شخصية‭ ‬الإنسان‭ ‬القويمة‭ ‬وتنوير‭ ‬المجتمع‭.‬‭ ‬ويعتبر‭ ‬المنبر‭ ‬الحسيني‭ ‬منبرًا‭ ‬إعلاميًا‭ ‬لما‭ ‬يُقدمه‭ ‬للناس‭ ‬من‭ ‬الغذاء‭ ‬الروحي‭ ‬والديني‭ ‬والثقافي‭ ‬والوطني‭ ‬بجانب‭ ‬سرد‭ ‬أحداث‭ ‬واقعة‭ ‬كربلاء‭ ‬والإنشاد‭ ‬في‭ ‬“رثاء‭ ‬الإمام‭ ‬الحسين”،‭ ‬وما‭ ‬جرى‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬أحداث‭ ‬وبيان‭ ‬نتائجها‭ ‬وآثارها‭ ‬السياسية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والإنسانية‭ ‬بما‭ ‬يتناغم‭ ‬مع‭ ‬أهداف‭ ‬ومبادئ‭ ‬ثورة‭ ‬الإمام‭ ‬الحسين‭ (‬ع‭)‬،‭ ‬حيثُ‭ ‬لا‭ ‬يختلف‭ ‬دور‭ ‬وأهداف‭ ‬المنبر‭ ‬الحسيني‭ ‬عن‭ ‬أهداف‭ ‬نهضة‭ ‬الإمام‭ ‬الحسين‭ (‬ع‭). ‬ويكمن‭ ‬نهج‭ ‬المنبر‭ ‬الحسيني‭ ‬في‭ ‬توعية‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع،‭ ‬فالخُطب‭ ‬الحسينية‭ ‬تسعى‭ ‬لتفسير‭ ‬الآيات‭ ‬القرآنية‭ ‬وشرح‭ ‬الأحاديث‭ ‬النبوية‭ ‬لعامة‭ ‬الناس،‭ ‬وبيان‭ ‬القضايا‭ ‬التشريعية‭ ‬والتوجيهات‭ ‬المجتمعية‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يلتزم‭ ‬الفرد‭ ‬بها،‭ ‬وتناوله‭ ‬جميع‭ ‬جوانب‭ ‬القضايا‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وينتقد‭ ‬الأوضاع‭ ‬والعادات‭ ‬وأنماط‭ ‬السلوك‭ ‬المجتمعية‭ ‬السيئة‭ ‬التي‭ ‬تفسد‭ ‬المجتمع‭ ‬وأفراده،‭ ‬وتزويد‭ ‬الناس‭ ‬بالثقافة‭ ‬والمعلومة‭ ‬الفكرية‭ ‬والسياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والحقوقية‭ ‬الهادفة‭ ‬التي‭ ‬ترفع‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬الإنسان‭ ‬وتطور‭ ‬مجتمعه،‭ ‬وتوجيه‭ ‬المجتمع‭ ‬إلى‭ ‬العمل‭ ‬الإنساني‭ ‬وحث‭ ‬أفراده‭ ‬على‭ ‬التكافل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬لتحقيق‭ ‬النماء‭ ‬للمجتمع‭ ‬والرخاء‭ ‬لأفراده‭. ‬يَعمل‭ ‬المنبر‭ ‬الحسيني‭ ‬على‭ ‬التذكير‭ ‬بأهمية‭ ‬الشريعة‭ ‬الإسلامية‭ ‬ودور‭ ‬الإنسان‭ ‬المسلم‭ ‬بالمحافظة‭ ‬عليها‭ ‬والالتزام‭ ‬بها،‭ ‬والإشادة‭ ‬بمواقف‭ ‬الأنبياء‭ ‬والمرسلين‭ ‬والأوصياء‭ ‬والصالحين‭ ‬وكل‭ ‬الصحابة‭ ‬والمسلمين‭ ‬ودورهم‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬رسالة‭ ‬السماء‭ ‬وبدور‭ ‬الإنسان‭ ‬بتحمله‭ ‬عبء‭ ‬التكاليف‭ ‬الشرعية‭ ‬التي‭ ‬يتفاعل‭ ‬مع‭ ‬وجدانها‭ ‬ومشاعرها‭. ‬

المنبر‭ ‬الحسيني‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬ثورة‭ ‬الإمام‭ ‬الحسين‭ (‬ع‭) ‬ليست‭ ‬حِكرًا‭ ‬على‭ ‬المسلمين‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬ملك‭ ‬للعالم‭ ‬بأسره‭ ‬لأنها‭ ‬ثورة‭ ‬إنسانية‭ ‬وتنويرية‭ ‬تتوهج‭ ‬مع‭ ‬تقادم‭ ‬الدهور‭ ‬لكل‭ ‬البشرية‭ ‬لما‭ ‬تحمله‭ ‬من‭ ‬أهداف‭ ‬تاريخية‭ ‬وأخلاقية‭ ‬وإنسانية‭ ‬واجتماعية‭ ‬وحقوقية‭ ‬منهجية‭ ‬كمعلم‭ ‬معرفي‭. ‬يتعاطى‭ ‬المنبر‭ ‬الحسيني‭ ‬بالجانب‭ ‬العاطفي‭ ‬مع‭ ‬قضية‭ ‬واستشهاد‭ ‬الإمام‭ ‬الحسين‭ (‬ع‭) ‬أيضًا‭ ‬ببلورة‭ ‬شخصية‭ ‬الإنسان‭ ‬أينما‭ ‬كان‭ ‬وفي‭ ‬أي‭ ‬زمان‭ ‬وفقًا‭ ‬للقيم‭ ‬الوطنية‭ ‬الصادقة‭ ‬والإنسانية‭ ‬الجامعة‭ ‬والدينية‭ ‬الحقة‭ ‬لتحقيق‭ ‬ما‭ ‬استشهد‭ ‬من‭ ‬أجله‭ ‬الإمام‭ ‬الحسين‭ (‬ع‭) ‬وما‭ ‬يتطلع‭ ‬إليه‭ ‬الإنسان‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬تنمية‭ ‬فكره‭ ‬واستخدام‭ ‬طاقاته‭ ‬لتطوير‭ ‬ذاته‭ ‬ومجتمعه‭.‬