سوالف

حلل سبب إخفاقك ثم انطلق لمعانقة النجاح

| أسامة الماجد

لقد‭ ‬كتب‭ ‬الروائي‭ ‬ميلان‭ ‬كونديرا‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬حياته‭ ‬مجموعة‭ ‬قصص‭ ‬فاشلة‭ ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬أية‭ ‬جهة‭ ‬تنشرها،‭ ‬وقيل‭ ‬له‭ ‬إن‭ ‬موهبته‭ ‬في‭ ‬كتابة‭ ‬القصص‭ ‬ناقصة‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬مخجل‭ ‬وتسير‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬غير‭ ‬سليمة،‭ ‬وسمع‭ ‬ما‭ ‬سمع‭ ‬من‭ ‬أهوال‭ ‬الرحيل‭ ‬وترك‭ ‬الكتابة،‭ ‬لكنه‭ ‬ما‭ ‬لبث‭ ‬أن‭ ‬استجمع‭ ‬قواه‭ ‬وعرف‭ ‬في‭ ‬قرارة‭ ‬نفسه‭ ‬ان‭ ‬لديه‭ ‬القدرة‭ ‬الإبداعية‭ ‬لمواصلة‭ ‬طريق‭ ‬الكتابة‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬عليه‭ ‬فقط‭ ‬هو‭ ‬تحليل‭ ‬أسباب‭ ‬إخفاقه،‭ ‬ومع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت‭ ‬والزمن‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬المكان‭ ‬المريح‭ ‬المطمئن‭.‬

إذا‭ ‬النجاح‭ ‬وكما‭ ‬يعرفه‭ ‬أهل‭ ‬الاختصاص‭ ‬كالإخفاق،‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬شيئا،‭ ‬إنما‭ ‬المهم‭ ‬فيهما‭ ‬معا‭ ‬قيمة‭ ‬الاستعدادات‭ ‬التي‭ ‬فعلت‭ ‬فعلها‭ ‬في‭ ‬أحدهما،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬كليهما،‭ ‬فهناك‭ ‬نجاح‭ ‬يكون‭ ‬محض‭ ‬مصادفة‭ ‬أو‭ ‬حاصل‭ ‬ظروف‭ ‬تعاونت‭ ‬على‭ ‬إيجاده،‭ ‬وليس‭ ‬لصاحبه‭ ‬فيه‭ ‬أدنى‭ ‬يد‭ ‬مباشرة،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يصح‭ ‬اعتباره‭ ‬قاعدة‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬يحدث‭ ‬دائما،‭ ‬ولا‭ ‬يكون‭ ‬إلا‭ ‬نادرا،‭ ‬والذين‭ ‬يفيدون‭ ‬منه‭ ‬يخسرون‭ ‬بعده‭ ‬ثقتهم‭ ‬بأنفسهم،‭ ‬وهناك‭ ‬إخفاق‭ ‬مرده‭ ‬إلى‭ ‬مضادات‭ ‬ظرفية‭ ‬طارئة‭ ‬تخرب،‭ ‬في‭ ‬آخر‭ ‬لحظة،‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬بذل‭ ‬من‭ ‬جهود‭ ‬صحيحة‭ ‬واعية‭. ‬فمن‭ ‬كان‭ ‬ذا‭ ‬طبيعة‭ ‬إيجابية‭ ‬سليمة‭ ‬يتقبل‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الإخفاق‭ ‬ببرود‭ ‬كما‭ ‬يتقبل‭ ‬كل‭ ‬معارضة‭ ‬أو‭ ‬خصومة،‭ ‬ويفسره‭ ‬بأنه‭ ‬تأخير‭ ‬له‭ ‬عن‭ ‬القصد،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يخالجه‭ ‬الشك‭ ‬لحظة‭ ‬في‭ ‬أنه‭ ‬سيربح‭ ‬الجولة‭ ‬الآتية‭.‬

وعندما‭ ‬يقصر‭ ‬العمل‭ ‬عن‭ ‬النتيجة‭ ‬التي‭ ‬تنتظر‭ ‬منه،‭ ‬يصبح‭ ‬صاحبه‭ ‬أمام‭ ‬حالة‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تحلیل،‭ ‬فلكل‭ ‬إخفاق‭ ‬عوامله‭ ‬وأسبابه‭ ‬التي‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يحللها‭ ‬المخفق‭ ‬دون‭ ‬تحزب‭ ‬أو‭ ‬تعصب،‭ ‬بحيث‭ ‬يرى‭: ‬هل‭ ‬وسائله‭ ‬غير‭ ‬كافية‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬عاملا‭ ‬قدريا‭ ‬لعب‭ ‬دوره،‭ ‬فيجهد‭ ‬أن‭ ‬يحصل‭ ‬في‭ ‬الحالة‭ ‬الأولى‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يعوزه‭ ‬قبل‭ ‬الإخفاق،‭ ‬ويجهد‭ ‬في‭ ‬الثانية‭ ‬أن‭ ‬يحتاط‭ ‬القدر،‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬المنهج‭ ‬الذي‭ ‬اتبعه‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬عزموا‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬خطة،‭ ‬وحققوا‭ ‬ما‭ ‬عزموا‭ ‬عليه‭ ‬خطوة‭ ‬خطوة‭ ‬طوال‭ ‬حياتهم‭ ‬وفي‭ ‬مجرى‭ ‬أعمالهم‭.‬