الإمام الحسين رمز البطولة والفداء

| عبدعلي الغسرة

قام‭ ‬الإمام‭ ‬الحسين‭ (‬ع‭) ‬بنهضته‭ ‬الإنسانية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬الإلهية‭ ‬في‭ ‬الأرض،‭ ‬ولأجل‭ ‬أن‭ ‬تتكافأ‭ ‬فرص‭ ‬الحياة‭ ‬لجميع‭ ‬البشر،‭ ‬ولاستبعاد‭ ‬استعباد‭ ‬الإنسان‭ ‬لأخيه‭ ‬الإنسان،‭ ‬ليعيش‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الفقر‭ ‬والحرمان،‭ ‬وخارج‭ ‬دائرة‭ ‬الأزمات‭ ‬والصراعات،‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬خالٍ‭ ‬من‭ ‬التناحر‭ ‬والحروب،‭ ‬ليكون‭ ‬آمنًا‭ ‬في‭ ‬دُنياه‭ ‬ويكون‭ ‬مجتمعه‭ ‬مزدهرًا،‭ ‬ومع‭ ‬الآخر‭ ‬متعايشًا،‭ ‬وأن‭ ‬يعيش‭ ‬الإنسان‭ ‬نابذًا‭ ‬للعُنف‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬لا‭ ‬تعلوه‭ ‬الطبقية،‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬يسمو‭ ‬بالإنسانية‭ ‬بالخير‭ ‬والرخاء‭. ‬التقت‭ ‬نهضة‭ ‬الإمام‭ ‬الحسين‭ (‬ع‭) ‬مع‭ ‬إحياء‭ ‬الهوية‭ ‬الثقافية‭ ‬للأمة‭ ‬وتعزيز‭ ‬قيمها‭ ‬وغرس‭ ‬مفاهيمها‭ ‬في‭ ‬وعي‭ ‬الناس‭ ‬وعقولهم،‭ ‬وتحقيق‭ ‬الإصلاح‭ ‬والعدل‭ ‬بين‭ ‬الناس،‭ ‬وإقرار‭ ‬مبادئ‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬والأمر‭ ‬بالمعروف‭ ‬والإحسان‭ ‬والنهي‭ ‬عن‭ ‬الفحشاء‭ ‬والمنكر،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المبادئ‭ ‬التي‭ ‬أقرها‭ ‬الإسلام‭ ‬للمجتمع‭ ‬وأفراده،‭ ‬ولبلورة‭ ‬قيم‭ ‬المحبة‭ ‬والألفة‭ ‬بين‭ ‬أفراد‭ ‬الأمة‭ ‬لتتحقق‭ ‬تطلعاتهم‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬الإنسانية‭ ‬الكريمة‭. ‬لقد‭ ‬استشهد‭ ‬الإمام‭ ‬الحسين‭ (‬ع‭) ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬تحقيق‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأهداف‭ ‬السياسية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والثقافية‭ ‬والحقوقية‭ ‬للإنسان،‭ ‬ولتوعية‭ ‬الناس‭ ‬بحقوقهم‭ ‬وحفظ‭ ‬الرسالة‭ ‬والدفاع‭ ‬عنها،‭ ‬وقدم‭ ‬دمه‭ ‬الزكي‭ ‬وأهل‭ ‬بيته‭ ‬وأصحابه‭ ‬ثمنًا‭ ‬لذلك‭ ‬بكل‭ ‬شجاعة‭ ‬وإخلاص‭. ‬لقد‭ ‬كان‭ ‬الإصلاح‭ ‬الرسالة‭ ‬التي‭ ‬حملها‭ ‬الإمام‭ ‬الحسين‭ (‬ع‭) ‬وهو‭ ‬مبدأ‭ ‬غير‭ ‬وقتي‭ ‬بل‭ ‬تحمله‭ ‬كل‭ ‬الأجيال‭ ‬التي‭ ‬حملت‭ ‬رسالة‭ ‬أممها‭ ‬ونادت‭ ‬بنهضتها‭ ‬لإحيائها‭ ‬وصيانة‭ ‬كرامتها‭ ‬ونشر‭ ‬الوئام‭ ‬والسلام‭ ‬بين‭ ‬ربوعها‭ ‬وأفرادها،‭ ‬لقد‭ ‬كان‭ ‬استشهاد‭ ‬الإمام‭ ‬الحسين‭ (‬ع‭) ‬درسًا‭ ‬ساميًا‭ ‬في‭ ‬التضحية‭ ‬والجهاد‭ ‬والفداء،‭ ‬حيث‭ ‬تحتاج‭ ‬أمتنا‭ ‬العربية‭ ‬وجميع‭ ‬الأمم‭ ‬استلهام‭ ‬دروس‭ ‬نهضته‭ ‬وتوظيفها‭ ‬في‭ ‬تصحيح‭ ‬مسارها‭ ‬ولتخليصها‭ ‬من‭ ‬شوائب‭ ‬الفتن‭ ‬والاقتتال‭ ‬والتراجع‭ ‬الإنساني،‭ ‬متخذين‭ ‬من‭ ‬صبر‭ ‬الإمام‭ ‬الحسين‭ (‬ع‭) ‬قدوة‭ ‬مُلهمة‭ ‬للسير‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬النهوض‭ ‬والانبعاث‭ ‬لتحقيق‭ ‬تطلعات‭ ‬المجتمعات‭ ‬وأماني‭ ‬أفرادها،‭ ‬لتبقى‭ ‬رايته‭ ‬خفاقة‭ ‬برفعتها‭ ‬وقيمها‭.‬

ولتبقى‭ ‬ذكرى‭ ‬استشهاد‭ ‬الإمام‭ ‬الحسين‭ (‬ع‭) ‬سيد‭ ‬شباب‭ ‬أهل‭ ‬الجنة‭ ‬حيةً‭ ‬عطرةً‭ ‬ومنارةً‭ ‬تضيء‭ ‬دروب‭ ‬الفضيلة‭ ‬والتضحية‭ ‬والعدل،‭ ‬فقد‭ ‬سطر‭ ‬بثورته‭ ‬واستشهاده‭ ‬أروع‭ ‬ملحمة‭ ‬تاريخية‭ ‬بطولية‭ ‬عرفها‭ ‬التاريخ‭ ‬لتكون‭ ‬شعلة‭ ‬تنير‭ ‬للآخرين‭ ‬طريقهم‭ ‬وتمدهم‭ ‬بأسباب‭ ‬القوة‭ ‬والصدق‭ ‬والعزيمة‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬الأهداف،‭ ‬ويبقى‭ ‬الإمام‭ ‬الحسين‭ (‬ع‭) ‬رمزًا‭ ‬للبطولة‭ ‬والفداء‭ ‬وذكرى‭ ‬تتجلى‭ ‬فيها‭ ‬كل‭ ‬القيم‭ ‬والمعاني‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬يحتاجها‭ ‬كل‭ ‬إنسان‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬زمان‭ ‬ومكان‭.‬