سوالف

طالبان... عصابة الجبال والكهوف وإجرام بكل التعريفات

| أسامة الماجد

حينما‭ ‬طرحت‭ ‬مراسلة‭ ‬قناة‭ ‬أجنبية‭ ‬سؤالا‭ ‬على‭ ‬أحد‭ ‬زعماء‭ ‬طالبان‭ ‬وهي‭ ‬ترتدي‭ ‬الحجاب‭.. ‬هل‭ ‬ستسمحون‭ ‬بالديمقراطية،‭ ‬وهل‭ ‬سيكون‭ ‬للمرأة‭ ‬نصيب‭ ‬في‭ ‬الانتخابات؟‭ ‬الأخ‭ ‬تلوى‭ ‬من‭ ‬الضحك‭ ‬حتى‭ ‬اقتلعت‭ ‬عيناه،‭ ‬وطلب‭ ‬منها‭ ‬وقف‭ ‬التصوير‭ ‬والمغادرة‭ ‬مع‭ ‬فريقها‭ ‬فورا‭!‬

هكذا‭ ‬هي‭ ‬جماعة‭ ‬طالبان‭ ‬الإرهابية‭ ‬التي‭ ‬تحاول‭ ‬بغباء‭ ‬إعادة‭ ‬تأويل‭ ‬ديننا‭ ‬الإسلامي‭ ‬العظيم‭ ‬وإنتاجه‭ ‬كدين‭ ‬جديد‭ ‬يخدم‭ ‬ممارساتها،‭ ‬فاستغلت‭ ‬اسم‭ ‬الدين‭ ‬وقمعت‭ ‬باسمه‭ ‬وحاربت‭ ‬الحريات‭ ‬والمثقفين‭ ‬والأدباء‭ ‬والعلماء‭ ‬وكل‭ ‬شخص‭ ‬مستنير،‭ ‬وأعطت‭ ‬لاستبدادها‭ ‬صفة‭ ‬القداسة،‭ ‬ولملكيتها‭ ‬صفة‭ ‬الألوهية‭. ‬طالبان‭ ‬التي‭ ‬تسكن‭ ‬الجبال‭ ‬والكهوف‭ ‬كالعصابات‭ ‬حاربت‭ ‬المؤسسات‭ ‬السياسية‭ ‬والدينية‭ ‬المرتبطة‭ ‬بها‭ ‬جميع‭ ‬الحركات‭ ‬الإصلاحية‭ ‬والتنويرية،‭ ‬معتبرة‭ ‬انتقادها‭ ‬كجماعة‭ ‬هجوما‭ ‬على‭ ‬الدين،‭ ‬والدعوة‭ ‬إلى‭ ‬العلم‭ ‬هجوما‭ ‬على‭ ‬الدين‭ ‬أيضا،‭ ‬ومواجهة‭ ‬زعمائها‭ ‬خروجا‭ ‬على‭ ‬التعاليم‭ ‬المقدسة‭.‬

لكل‭ ‬معركة‭ ‬اجتماعية‭ ‬أقنعتها‭ ‬الآيديولوجية‭ ‬التي‭ ‬تخفي‭ ‬بشكل‭ ‬جزئي‭ ‬أو‭ ‬شبه‭ ‬كلي‭ ‬الدلالة‭ ‬الحقيقية‭ ‬لهذه‭ ‬المعركة،‭ ‬وطالبان‭ ‬تعتنق‭ ‬آيديولوجيا‭ ‬مناهضة‭ ‬ومناقضة‭ ‬لتعاليم‭ ‬الدين‭ ‬الإسلامي‭ ‬العظيم‭ ‬الذي‭ ‬كرم‭ ‬المرأة‭ ‬وأعطاها‭ ‬حقا‭ ‬لا‭ ‬تجوز‭ ‬لأحد‭ ‬مصادرته،‭ ‬وشجع‭ ‬على‭ ‬العلم‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬شتى‭ ‬المعارف،‭ ‬وكذلك‭ ‬الفنون‭ ‬طالما‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬المبدأ‭ ‬الأخلاقي،‭ ‬أي‭ ‬طالما‭ ‬كان‭ ‬هدف‭ ‬الفن‭ ‬هو‭ ‬السمو‭ ‬بالإنسان‭ ‬وأحاسيسه‭ ‬ومشاعره،‭ ‬فطالبان‭ ‬تحرف‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬عن‭ ‬مساره‭ ‬الصحيح‭ ‬ولا‭ ‬تسمح‭ ‬بإنتاج‭ ‬فكري‭ ‬خلاق‭ ‬ينفع‭ ‬الناس‭ ‬والمجتمع،‭ ‬حتى‭ ‬الرياضة‭ ‬وكرة‭ ‬القدم‭ ‬طالها‭ ‬الفكر‭ ‬الظلامي‭ ‬لطالبان‭ ‬ومنعت‭ ‬ابان‭ ‬فترة‭ ‬حكمهم‭.‬

ولمن‭ ‬يريد‭ ‬معرفة‭ ‬المزيد‭ ‬عن‭ ‬تطرف‭ ‬ودجل‭ ‬وشرور‭ ‬طالبان‭ ‬عليه‭ ‬مشاهدة‭ ‬فيلم‭ ‬“أسامة”‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬تصويره‭ ‬بالكامل‭ ‬في‭ ‬أفغانستان،‭ ‬حيث‭ ‬يسرد‭ ‬الفيلم‭ ‬قصة‭ ‬فتاة‭ ‬عمرها‭ ‬10‭ ‬سنوات‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬منزل‭ ‬يخلو‭ ‬من‭ ‬الرجال،‭ ‬وبما‭ ‬أن‭ ‬العمل‭ ‬محرم‭ ‬على‭ ‬النساء‭ ‬تضطر‭ ‬الفتاة‭ ‬لقص‭ ‬شعرها‭ ‬لتشبه‭ ‬الصبيان‭ ‬حتى‭ ‬تستطيع‭ ‬العمل‭ ‬ومساعدة‭ ‬أسرتها‭ ‬ويطلق‭ ‬عليها‭ ‬اسم‭ ‬“أسامة”،‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬تكتشف‭ ‬طالبان‭ ‬خدعتها‭ ‬تقرر‭ ‬معاقبتها‭ ‬بزواجها‭ ‬من‭ ‬شيخ‭ ‬عجوز‭ ‬كهل‭ ‬وهي‭ ‬لم‭ ‬تتجاوز‭ ‬العاشرة‭ ‬من‭ ‬العمر،‭ ‬في‭ ‬مشهد‭ ‬يحمل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬القسوة‭ ‬والإجرام‭ ‬واللاإنسانية‭ ‬بكل‭ ‬التعريفات‭ ‬الوصفية‭.‬