“علماء البحرين” أسمى من “البيانات المجهولة”

| عادل عيسى المرزوق

مما‭ ‬يثلج‭ ‬الصدر‭ ‬ويشعرنا‭ ‬بالاعتزاز‭ ‬بمجتمعنا‭ ‬هو‭ ‬حالة‭ ‬الوعي‭ ‬التي‭ ‬تميز‭ ‬مختلف‭ ‬الشرائح‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬حين‭ ‬تنتشر‭ ‬شائعة‭ ‬أو‭ ‬معلومات‭ ‬مغلوطة‭ ‬أو‭ ‬بيان‭ ‬مجهول‭ ‬لا‭ ‬هدف‭ ‬من‭ ‬ورائه‭ ‬إلا‭ ‬“النوايا‭ ‬الخبيثة”‭ ‬لإحداث‭ ‬بلبلة‭ ‬أو‭ ‬تأثير‭ ‬على‭ ‬استقرار‭ ‬المجتمع‭.. ‬الحال،‭ ‬أن‭ ‬ذكرى‭ ‬عاشوراء‭ ‬التي‭ ‬نعيشها‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬تسير‭ ‬بشكل‭ ‬ممتاز‭ ‬التزامًا‭ ‬واحساسًا‭ ‬بالمسؤولية،‭ ‬والدولة‭ ‬تواصل‭ ‬عملها‭ ‬لتوفير‭ ‬كل‭ ‬الخدمات‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬سلامة‭ ‬المشاركين‭ ‬في‭ ‬مجالس‭ ‬العزاء،‭ ‬وعلى‭ ‬الأخص‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية،‭ ‬التي‭ ‬نقدر‭ ‬ونثمن‭ ‬كل‭ ‬الجهود‭ ‬المباركة‭  ‬بقيادة‭ ‬معالي‭ ‬وزير‭ ‬الداخلية‭ ‬الفريق‭ ‬أول‭ ‬معالي‭ ‬الشيخ‭ ‬راشد‭ ‬بن‭ ‬عبدالله‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬ودعونا‭ ‬أيضًا‭ ‬نخص‭ ‬بالشكر‭ ‬أبناءنا‭ ‬من‭ ‬شرطة‭ ‬خدمة‭ ‬المجتمع،‭ ‬رجالًا‭ ‬ونساءً،‭ ‬فقد‭ ‬رأينا‭ ‬ولا‭ ‬نزال‭ ‬نرى‭ ‬جهودهم‭ ‬وعملهم‭ ‬المشكور‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬رواد‭ ‬مجالس‭ ‬العزاء‭.‬

أمام‭ ‬هذه‭ ‬الحالة،‭ ‬نتساءل‭ ‬عن‭ ‬بيان‭ ‬مجهول‭ ‬صدر‭ ‬باسم‭ ‬“علماء‭ ‬البحرين”‭! ‬سطور‭ ‬مليئة‭ ‬“بالتهويش‭ ‬اللاعقلاني”‭ ‬وفقرات‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬استهداف‭ ‬الموسم‭ ‬والملاحقات‭ ‬والمصادرات‭ ‬والاستدعاءات،‭ ‬ثم‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬مصدر‭ ‬ذلك‭ ‬البيان‭ ‬فلا‭ ‬ترى‭ ‬إلا‭ ‬توقيعًا‭ ‬هلاميًا‭ ‬تائهًا‭ ‬لا‭ ‬أصل‭ ‬ولا‭ ‬أساس‭ ‬له،‭ ‬فعلماء‭ ‬البحرين‭ ‬“الحقيقيون”‭ ‬أسمى‭ ‬وأعلى‭ ‬من‭ ‬إصدار‭ ‬هكذا‭ ‬بيانات،‭ ‬حيث‭ ‬عهدنا‭ ‬فيهم‭ ‬الشجاعة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬بياناتهم‭ ‬وبتوقيع‭ ‬يحمل‭ ‬أسماءهم،‭ ‬أما‭ ‬البيانات‭ ‬المجهولة‭ ‬المصدر،‭ ‬فتقع‭ ‬تحت‭ ‬علامات‭ ‬استفهام‭ ‬كبيرة،‭ ‬تفضي‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مجرد‭ ‬أوراق‭ ‬صفراء‭ ‬ذات‭ ‬نوايا‭ ‬سيئة‭.‬

كما‭ ‬يعرف‭ ‬الكثيرون‭ ‬منا،‭ ‬فإن‭ ‬موسم‭ ‬عاشوراء‭ ‬،‭ ‬بدأ‭ ‬بصورة‭ ‬مشرفة‭ ‬وعالية‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬التزام‭ ‬الجميع،‭ ‬أو‭ ‬لنقل‭ ‬التزام‭ ‬الأغلبية‭ ‬،‭ ‬وإن‭ ‬صدرت‭ ‬بضع‭ ‬ممارسات‭ ‬ومخالفات‭ ‬وانتهت،‭ ‬ففي‭ ‬المقابل،‭ ‬لم‭ ‬تتوان‭ ‬الدولة‭ ‬عن‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬متابعة‭ ‬احتياجات‭ ‬ومتطلبات‭ ‬نجاح‭ ‬الموسم‭ ‬منذ‭ ‬بدايته،‭ ‬وقد‭ ‬تباحث‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬في‭ ‬جلسته‭ ‬الأخيرة‭ ‬هذا‭ ‬الجانب،‭ ‬فصاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء،‭ ‬أكد‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬مواصلة‭ ‬الالتزام‭ ‬بكافة‭ ‬الإجراءات‭ ‬الاحترازية‭ ‬وأخذ‭ ‬الحيطة‭ ‬والحذر‭ ‬خلال‭ ‬المرحلة‭ ‬الحالية‭ ‬ضمن‭ ‬التصدي‭ ‬لانتشار‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬بما‭ ‬يضمن‭ ‬صحة‭ ‬وسلامة‭ ‬الجميع‭ ‬ويعزز‭ ‬ما‭ ‬تحقق‭ ‬من‭ ‬نتائج‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الصعيد‭.‬

إذن،‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬صورته‭ ‬الأعم‭ ‬“سلام‭ ‬واطمئنان”،‭ ‬ونحمد‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬النعمة،‭ ‬لذلك‭ ‬نتساءل‭ ‬باستغراب‭ :‬”من‭ ‬أين‭ ‬صدر‭ ‬البيان‭ ‬المجهول‭ ‬ممن‭ ‬يسمون‭ ‬أنفسهم‭ ‬“علماء‭ ‬البحرين”؟‭ ‬بصيغة‭ ‬أخرى،‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬أولئك‭ ‬العلماء‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬يذيلوا‭ ‬بيانهم‭ ‬بالأسماء؟‭  ‬كلنا‭ ‬نعرف‭ ‬رائحة‭ ‬البيانات‭ ‬المشبوهة‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬“طبخ‭ ‬صياغتها‭ ‬المؤججة”‭ ‬في‭ ‬غرف‭ ‬مظلمة‭ ‬لأهداف‭ ‬مشبوهة‭. ‬وكما‭ ‬قلت‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬المقال،‭ ‬فإن‭ ‬وعي‭ ‬أبناء‭ ‬المجتمع،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬موسم‭ ‬كبير‭ ‬كذكرى‭ ‬عاشوراء،‭ ‬يقطع‭ ‬الطريق‭ ‬أمام‭ ‬المتربصين‭ ‬والمتصيدين‭ ‬الذي‭ ‬يصيغون‭ ‬بيانا‭ ‬طويلا‭ ‬عريضا‭ ‬مليئا‭ ‬بالتأجيج‭ ‬والبلبلة‭ ‬والتأويلات‭ ‬المتضاربة‭ ‬والمؤثرة‭ ‬على‭ ‬السلم‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬فهذا‭ ‬الوعي‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يلقي‭ ‬بمثل‭ ‬تلك‭ ‬البيانات‭ ‬في‭ ‬“سلة‭ ‬المهملات”‭. ‬فلا‭ ‬أحد‭ ‬يرغب‭ ‬في‭ ‬مواكبة‭ ‬المجهولين‭ ‬لأن‭ ‬هدفهم‭ ‬تأجيج‭ ‬المجتمع‭ ‬و”تخريب‭ ‬الذكرى”،‭ ‬وهذا‭ ‬واضح،‭ ‬وليكن‭ ‬المكان‭ ‬المناسب‭ ‬لأي‭ ‬بيان‭ ‬باسم‭ ‬علماء‭ ‬البحرين‭ ‬“المجهولين”،‭ ‬هو‭ ‬“الهباء”‭.‬