المبعوث الرابع لليمن

| بدور عدنان

يبدو‭ ‬أن‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يتحمل‭ ‬جرعة‭ ‬من‭ ‬التفاؤل‭ ‬مع‭ ‬تعيين‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬السويدي‭ ‬هانس‭ ‬غروندبرغ‭ ‬مبعوثاً‭ ‬أممياً‭ ‬لليمن،‭ ‬فردود‭ ‬الأفعال‭ ‬الأولية‭ ‬التي‭ ‬تلت‭ ‬إعلان‭ ‬تعيين‭ ‬السويدي‭ ‬اليافع‭ ‬خلفاً‭ ‬للبريطاني‭ ‬مارتن‭ ‬غريفث‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬مرحبة‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬فاترة‭ ‬لحد‭ ‬ما،‭ ‬وهي‭ ‬تستند‭ ‬لما‭ ‬تحقق‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬من‭ ‬سبقوه،‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬يرتق‭ ‬الأمر‭ ‬لمستوى‭ ‬طموح‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يأمل‭ ‬أن‭ ‬تستطيع‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬التوصل‭ ‬لاتفاق‭ ‬ينهي‭ ‬حالة‭ ‬الاقتتال‭ ‬في‭ ‬اليمن‭.‬

بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬فإن‭ ‬الظروف‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬بها‭ ‬تعيين‭ ‬غروندبرغ‭ ‬تعتبر‭ ‬عصيبة‭ ‬خصوصاً‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تعنت‭ ‬الحوثي‭ ‬بالقبول‭ ‬بأية‭ ‬وساطة‭ ‬أو‭ ‬مبادرة‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬تحقيق‭ ‬أية‭ ‬انفراجة‭ ‬في‭ ‬الملف‭ ‬اليمني‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يصعب‭ ‬مهمة‭ ‬المبعوث‭ ‬الأممي‭ ‬الجديد،‭ ‬فالحوثي‭ ‬مازال‭ ‬يرفض‭ ‬المبادرة‭ ‬السعودية‭ ‬لوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬الشامل‭ ‬التي‭ ‬دعمها‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي،‭ ‬ويرفض‭ ‬القبول‭ ‬بها‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬تحقيق‭ ‬شروطه‭ ‬التعجيزية،‭ ‬ما‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬رفضه‭ ‬القاطع‭ ‬لأية‭ ‬عملية‭ ‬سلام،‭ ‬وفي‭ ‬ذلك‭ ‬تأكيد‭ ‬على‭ ‬استمراره‭ ‬في‭ ‬مواصلة‭ ‬هجماته‭ ‬الإرهابية،‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬تحقق‭ ‬الوساطة‭ ‬العمانية‭ ‬التي‭ ‬علقت‭ ‬عليها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الآمال‭ ‬نظراً‭ ‬لمواقف‭ ‬السلطنة‭ ‬التي‭ ‬اتسمت‭ ‬بالاتزان‭ ‬تجاه‭ ‬الأزمة‭ ‬اليمنية‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬حطت‭ ‬طائرة‭ ‬عمانية‭ ‬باليمن‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬الماضية‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أي‭ ‬تطور‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬تغيير‭ ‬واقع‭ ‬الحال،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬عجز‭ ‬عن‭ ‬فعله‭ ‬أيضاً‭ ‬المبعوث‭ ‬الأميركي‭ ‬لليمن‭ ‬الذي‭ ‬عينته‭ ‬إدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬عندما‭ ‬قررت‭ ‬تكثيف‭ ‬جهودها‭ ‬لإنهاء‭ ‬الأزمة‭ ‬في‭ ‬اليمن‭.‬

إضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬فوز‭ ‬إبراهيم‭ ‬رئيسي‭ ‬برئاسة‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬سيفرض‭ ‬واقعا‭ ‬جديدا‭ ‬من‭ ‬المتغيرات‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬تهتدي‭ ‬بنفس‭ ‬الخطوط‭ ‬العليا‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬التغلغل‭ ‬ونشر‭ ‬الإرهاب‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬ستعكس‭ ‬ظلالها‭ ‬على‭ ‬الأوضاع‭ ‬في‭ ‬اليمن‭.‬

جميع‭ ‬تلك‭ ‬العوامل‭ ‬تفرض‭ ‬واقعا‭ ‬صعبا‭ ‬وعسيرا‭ ‬على‭ ‬المبعوث‭ ‬الأممي‭ ‬الجديد،‭ ‬يضاف‭ ‬لواقع‭ ‬التشدد‭ ‬والمكابرة‭ ‬الذي‭ ‬يفرضه‭ ‬إصرار‭ ‬الحوثي‭ ‬على‭ ‬رفض‭ ‬أي‭ ‬مساع‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬التوصل‭ ‬لتسوية‭ ‬والتي‭ ‬تعتبر‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬العراقيل‭ ‬التي‭ ‬على‭ ‬غروندبرغ‭ ‬التعامل‭ ‬معها‭.‬