سوالف

عودة طالبان... عودة الظلام

| أسامة الماجد

بعد‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬الهدوء‭ ‬والحرية‭ ‬ونشاط‭ ‬المؤسسات‭ ‬الإعلامية‭ ‬والتربوية‭ ‬والثقافية‭ ‬في‭ ‬أفغانستان،‭ ‬تعود‭ ‬حركة‭ ‬طالبان‭ ‬بنشر‭ ‬الرهبة‭ ‬والرعب‭ ‬بين‭ ‬قطاع‭ ‬واسع‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬بهجماتها‭ ‬المسلحة‭ ‬على‭ ‬المدن‭ ‬وسيطرتها‭ ‬على‭ ‬ثلثي‭ ‬البلد‭ ‬بعد‭ ‬استكمال‭ ‬القوات‭ ‬الأجنبية‭ ‬انسحابها‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬المستمرة‭ ‬منذ‭ ‬20‭ ‬عاما،‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬يندد‭ ‬بهذه‭ ‬الهجمات‭ ‬التي‭ ‬أسفرت‭ ‬سقوط‭ ‬أعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬القتلى‭ ‬والجرحى‭ ‬المدنيين،‭ ‬وعجز‭ ‬القوات‭ ‬الحكومية‭ ‬التي‭ ‬تسيطر‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬محدود‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬عن‭ ‬المقاومة،‭ ‬وقيام‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وبريطانيا‭ ‬بإجلاء‭ ‬رعاياهما‭ ‬بسرعة‭.‬

كل‭ ‬المؤشرات‭ ‬تدل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬عودة‭ ‬طالبان‭ ‬إلى‭ ‬الحكم‭ ‬تعني‭ ‬عودة‭ ‬تنظيم‭ ‬القاعدة‭ ‬الذي‭ ‬يلهث‭ ‬وراء‭ ‬العلنية،‭ ‬وكذلك‭ ‬إعدام‭ ‬الناس‭ ‬على‭ ‬أرصفة‭ ‬الشوارع‭ ‬ودخول‭ ‬جميع‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬جحيم‭ ‬الرعب‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تعاظمت‭ ‬أهميتهن‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات‭ ‬الثقافية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬طوال‭ ‬20‭ ‬عاما،‭ ‬وعرفن‭ ‬التقدم‭ ‬الحقيقي‭ ‬والحرية‭ ‬الكاملة‭ ‬وكن‭ ‬أشبه‭ ‬بالخلية‭ ‬النابضة‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬الأفغانية‭ ‬والمجتمع،‭ ‬لكن‭ ‬مع‭ ‬جماعة‭ ‬طالبان‭ ‬سيكون‭ ‬الأمر‭ ‬مختلفا‭ ‬تماما،‭ ‬حيث‭ ‬ستسلب‭ ‬المرأة‭ ‬الأفغانية‭ ‬إنسانيتها‭ ‬وروح‭ ‬الإبداع،‭ ‬وستتعطل‭ ‬طاقتها‭ ‬الفكرية‭ ‬وستفرض‭ ‬عليها‭ ‬القيود‭ ‬المتخلفة‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬عهود‭ ‬الظلام‭ ‬والاستبداد‭.‬

مع‭ ‬عودة‭ ‬جماعة‭ ‬طالبان‭ ‬سيتم‭ ‬دفع‭ ‬المثقفين‭ ‬والفنانين‭ ‬أمام‭ ‬فوهة‭ ‬البنادق،‭ ‬وستدفن‭ ‬كل‭ ‬مبتكرات‭ ‬العلم‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬ونظرية‭ ‬الحياة‭ ‬العصرية،‭ ‬فطالبان‭ ‬معروفة‭ ‬بالقسوة‭ ‬والعنف‭ ‬الوحشي‭ ‬وأعمال‭ ‬القتل‭ ‬التي‭ ‬تصيب‭ ‬المثقفين‭ ‬والشخصيات‭ ‬التي‭ ‬تدعم‭ ‬حرية‭ ‬الفكر‭ ‬والتعبير،‭ ‬لأنها‭ ‬حركة‭ ‬لا‭ ‬تؤمن‭ ‬أصلا‭ ‬بأن‭ ‬الحياة‭ ‬تستلزم‭ ‬التعامل‭ ‬بصيغ‭ ‬ووسائل‭ ‬وأفكار‭ ‬متطورة،‭ ‬وتقوم‭ ‬كما‭ ‬شاهدنا‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأفلام‭ ‬الوثائقية‭ ‬بتصرفات‭ ‬استفزازية‭ ‬ضد‭ ‬الإبداع‭ ‬والثقافة‭.‬

وربما‭ ‬من‭ ‬المشاكل‭ ‬الرئيسية‭ ‬التي‭ ‬تجعل‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬لا‭ ‬يتطور‭ ‬وطوفان‭ ‬الحروب‭ ‬الأهلية‭ ‬تغرس‭ ‬براثنها‭ ‬في‭ ‬روحه،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الأفغان‭ ‬يشعرون‭ ‬بولائهم‭ ‬الكبير‭ ‬لمجموعاتهم‭ ‬العرقية‭ ‬أو‭ ‬القبلية‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ولائهم‭ ‬لبلادهم،‭ ‬وقد‭ ‬فعل‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬وأمنه‭ ‬واستقراره‭ ‬وعودته‭ ‬للحياة‭ ‬والمستقبل،‭ ‬لكن‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬قدره‭ ‬يبقى‭ ‬هكذا‭ ‬نافذة‭ ‬صامتة‭ ‬ومظلمة‭.‬