سوالف

قطر اختارت الانتماء الفئوي والقبلي على المواطنة

| أسامة الماجد

من‭ ‬المبادئ‭ ‬المسلم‭ ‬بها‭ ‬أن‭ ‬الديمقراطية‭ ‬لا‭ ‬تنجح‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬التي‭ ‬اتفقت‭ ‬على‭ ‬إطار‭ ‬عام‭ ‬يدور‭ ‬داخله‭ ‬الحوار‭ ‬الوطني‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬القطاعات‭ ‬المختلفة‭ ‬من‭ ‬الشعب،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الديمقراطية‭ ‬المباشرة‭ ‬تعني‭ ‬الاشتراك‭ ‬الإيجابي‭ ‬المباشر‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬كل‭ ‬فرد‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرارات‭ ‬التي‭ ‬تهم‭ ‬المجتمع‭ ‬ككل،‭ ‬وهذه‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الإيجابية‭ ‬لا‭ ‬محل‭ ‬بها‭ ‬لاستبعاد‭ ‬أي‭ ‬مكون‭ ‬من‭ ‬مكونات‭ ‬الشعب‭ ‬بأية‭ ‬حجة،‭ ‬لأن‭ ‬ذلك‭ ‬لن‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬الإيمان‭ ‬الحقيقي‭ ‬بسيادة‭ ‬الشعب،‭ ‬وبهذه‭ ‬الحقائق‭ ‬المعروفة‭ ‬عالميا‭ ‬فإن‭ ‬استمرار‭ ‬النظام‭ ‬الانتخابي‭ ‬القطري‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬التمييز،‭ ‬وإن‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬المقبل‭ ‬لن‭ ‬يمثل‭ ‬كل‭ ‬مكونات‭ ‬الشعب‭ ‬القطري،‭ ‬وسيشعر‭ ‬من‭ ‬تم‭ ‬تهميشه‭ ‬بأن‭ ‬ثمة‭ ‬قوى‭ ‬خفية‭ ‬تتلاعب‭ ‬بمصيره،‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬الإحساس‭ ‬عاملا‭ ‬قويا‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬المشاكل‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬القطري‭ ‬وبروز‭ ‬المظاهر‭ ‬الانقسامية‭ ‬وتقلص‭ ‬مفهوم‭ ‬ومبدأ‭ ‬المواطنة‭ ‬الذي‭ ‬تقوم‭ ‬عليه‭ ‬التجارب‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬والاكتفاء‭ ‬بالتمسك‭ ‬بمبدأ‭ ‬الانتماء‭ ‬الفئوي‭ ‬والقبلي،‭ ‬وهذا‭ ‬سينتج‭ ‬بلا‭ ‬محالة‭ ‬مادة‭ ‬آيديولوجية‭ ‬بسرعة‭ ‬متزايدة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬ستشل‭ ‬كل‭ ‬إمكانيات‭ ‬التقدم‭ ‬والارتقاء،‭ ‬ومع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت‭ ‬ستحتد‭ ‬الأزمة‭ ‬ومن‭ ‬يمتلك‭ ‬البصيرة‭ ‬السياسية‭ ‬سيعرف‭ ‬ما‭ ‬النتيجة‭ ‬لاحقا‭.‬

كل‭ ‬إنسان‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مجتمع‭ ‬من‭ ‬المجتمعات‭ ‬له‭ ‬قيمة‭ ‬عليا‭ ‬وهدف‭ ‬كبير‭ ‬ضمن‭ ‬المجتمع،‭ ‬وتعتبر‭ ‬المواطنة‭ ‬المفتاح‭ ‬المركزي‭ ‬لأي‭ ‬تغيير‭ ‬منشود‭ ‬وأي‭ ‬شيء‭ ‬خلاف‭ ‬المواطنة‭ ‬سيشكل‭ ‬ينبوعا‭ ‬للنزعات‭ ‬الخصوصية‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬وبهذا‭ ‬يمكننا‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬قطر‭ ‬ستواجه‭ ‬تحديات‭ ‬تتعلق‭ ‬بهوية‭ ‬المجتمع‭ ‬بعد‭ ‬تقسيم‭ ‬المواطنين‭ ‬إلى‭ ‬ثلاث‭ ‬فئات،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬حساسية‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬مكونات‭ ‬المجتمع‭ ‬وتركيبته‭ ‬القبلية،‭ ‬وإن‭ ‬المرء‭ ‬ليقف‭ ‬مذهولا‭ ‬كيف‭ ‬لمجلس‭ ‬شورى‭ ‬أن‭ ‬ينجح‭ ‬وهو‭ ‬بعيد‭ ‬عن‭ ‬التقاليد‭ ‬النيابية‭ ‬والأعراف‭ ‬البرلمانية‭ ‬والممارسات‭ ‬التنظيمية‭ ‬والإجرائية،‭ ‬وبابه‭ ‬مغلق‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬مكون‭ ‬من‭ ‬مكونات‭ ‬الشعب‭ ‬ويرفض‭ ‬التعامل‭ ‬معه،‭ ‬وكأنه‭ ‬يطمح‭ ‬اقتلاعه‭ ‬من‭ ‬الجذور‭.‬

على‭ ‬قطر‭ ‬أن‭ ‬تعرف‭ ‬أن‭ ‬المواطنة‭ ‬الضمان‭ ‬الوحيد‭ ‬لتماسك‭ ‬ولحمة‭ ‬المجتمع‭ ‬وليس‭ ‬الانتماء‭ ‬الفئوي‭ ‬والقبلي‭.‬