كربلاء نهضة إنسانية

| عبدعلي الغسرة

ملحمة‭ ‬كربلاء‭ ‬مدرسة‭ ‬للإنسانية‭ ‬يغترف‭ ‬منها‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يرغب‭ ‬بإعلاء‭ ‬كلمة‭ ‬الله‭ ‬وإرساء‭ ‬العدالة،‭ ‬ومنبع‭ ‬لا‭ ‬ينضب‭ ‬من‭ ‬البطولة‭ ‬والشجاعة،‭ ‬وجسدت‭ ‬أنبل‭ ‬معاني‭ ‬التضحية‭ ‬والفداء‭. ‬لقد‭ ‬قاد‭ ‬الإمام‭ ‬الحسين‭ (‬ع‭) ‬معركة‭ ‬كربلاء‭ ‬بنفر‭ ‬يزيدون‭ ‬عن‭ ‬السبعين‭ ‬بقليل،‭ ‬واستطاعوا‭ ‬بثباتهم‭ ‬أن‭ ‬يحققوا‭ ‬نصرا‭ ‬تجلى‭ ‬في‭ ‬استمرار‭ ‬هذه‭ ‬الحركة‭ ‬الأزلي‭ ‬لتتجدد‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬إلى‭ ‬يوم‭ ‬البعث‭ ‬العظيم‭. ‬لقد‭ ‬كانت‭ ‬نهضة‭ ‬الإمام‭ ‬الحسين‭ ‬بن‭ ‬علي‭ (‬ع‭) ‬نهضة‭ ‬إنسانية‭ ‬في‭ ‬مبادئها‭ ‬وأهدافها،‭ ‬في‭ ‬معانيها‭ ‬وآثارها،‭ ‬إنسانية‭ ‬في‭ ‬نهضتها‭ ‬واستمرار‭ ‬الاحتفاء‭ ‬بها،‭ ‬قامت‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬تعلو‭ ‬العدالة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان،‭ ‬ولأن‭ ‬يسمو‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬زمان،‭ ‬فالإنسان‭ ‬بأصله‭ ‬ولونه‭ ‬وعقيدته‭ ‬أين‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬يعيش‭ ‬إنسانا‭ ‬كريما‭ ‬حُرًا،‭ ‬يتعايش‭ ‬مع‭ ‬الآخرين‭ ‬حتى‭ ‬ولو‭ ‬اختلفوا‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬الأصل‭ ‬والعقيدة،‭ ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬معهم‭ ‬حتى‭ ‬ولو‭ ‬اختلف‭ ‬معهم‭ ‬في‭ ‬الرأي‭. ‬“المهاتما‭ ‬غاندي”‭ ‬قال‭ ‬“تعلمت‭ ‬من‭ ‬الحسين‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬مظلومًا‭ ‬فأنتصر”‭.. ‬وقال‭ ‬الأديب‭ ‬“عباس‭ ‬العقاد”‭ ‬“لدين‭ ‬يُضحي‭ ‬من‭ ‬أجله‭ ‬الحسين‭ ‬يستحق‭ ‬أن‭ ‬أنتمي‭ ‬إليه”،‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬الأدباء‭ ‬والمفكرين‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬أرجاء‭ ‬الكون‭ ‬استلهموا‭ ‬من‭ ‬حركة‭ ‬الحسين‭ (‬ع‭) ‬إبداعهم‭ ‬الأدبي‭ ‬الذي‭ ‬تجسد‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الكُتب‭ ‬والمؤلفات‭. ‬إن‭ ‬حركة‭ ‬الإمام‭ ‬الحسين‭ (‬ع‭) ‬لا‭ ‬تخص‭ ‬عِرقا‭ ‬معينا‭ ‬أو‭ ‬دينا‭ ‬أو‭ ‬مذهبا‭ ‬معينا،‭ ‬فهي‭ ‬حركة‭ ‬إنسانية،‭ ‬ولا‭ ‬يعني‭ ‬توقيتها‭ ‬ارتباطها‭ ‬فقط‭ ‬بذلك‭ ‬الزمن‭ ‬الماضي،‭ ‬ولا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬قتل‭ ‬جميع‭ ‬أفرادها‭ ‬أنها‭ ‬فشلت،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬حركة‭ ‬حاضرة‭ ‬دائمًا‭.‬

لقد‭ ‬بدأت‭ ‬حركة‭ ‬الإمام‭ ‬الحسين‭ (‬ع‭) ‬بكربلاء‭ ‬وامتدت‭ ‬لجغرافية‭ ‬الأرض‭ ‬كلها،‭ ‬واخترقت‭ ‬قرونًا‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬لتبقى‭ ‬مشرقة‭ ‬دائمًا،‭ ‬وهاجة‭ ‬بأهدافها‭ ‬وقيمها‭ ‬وبطولاتها،‭ ‬لقد‭ ‬استطاعت‭ ‬هذه‭ ‬الحركة‭ ‬أن‭ ‬توقظ‭ ‬الضمير‭ ‬الإنساني‭ ‬وتؤثر‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مجتمع‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الأصل‭ ‬والعرق‭ ‬والعقيدة‭ ‬والمذهب،‭ ‬لأنها‭ ‬قامت‭ ‬لكل‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬شرق‭ ‬الأرض‭ ‬وغربها،‭ ‬ولتحرير‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬قيود‭ ‬الجهل‭ ‬والتخلف‭ ‬وليتعايش‭ ‬مع‭ ‬الآخرين‭ ‬بقيم‭ ‬التسامح‭ ‬والمحبة‭ ‬والمساواة‭ ‬والمودة‭.‬