سوالف

عش كما أنت ولا تخجل من فقرك أو مكانتك الاجتماعية

| أسامة الماجد

يقول‭ ‬المثل‭ ‬الدارج،‭ ‬من‭ ‬راقب‭ ‬الناس‭ ‬مات‭ ‬هما،‭ ‬وتفسير‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الإنسان‭ ‬الذي‭ ‬يربط‭ ‬تصرفاته‭ ‬بحديث‭ ‬الناس‭ ‬والقيل‭ ‬والقال،‭ ‬يكون‭ ‬مسلوب‭ ‬الإرادة،‭ ‬ويتلذذ‭ ‬بالصفع‭ ‬على‭ ‬الخدين،‭ ‬وسيعيش‭ ‬غريبا‭ ‬في‭ ‬لهب‭ ‬الدنيا‭ ‬وسيجهل‭ ‬غايتها‭ ‬الكبرى،‭ ‬وسيكتب‭ ‬على‭ ‬نفسه‭ ‬الجروح‭ ‬والآهات‭.‬

لتعش‭ ‬كما‭ ‬أنت‭ ‬ولا‭ ‬تخجل‭ ‬من‭ ‬فقرك‭ ‬أو‭ ‬ملابسك‭ ‬أو‭ ‬مكانتك‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬فأنت‭ ‬بارع‭ ‬الحسن‭ ‬وشديد‭ ‬الفطنة‭ ‬وحاد‭ ‬الذكاء،‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬أعطاك‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬لم‭ ‬يعطه‭ ‬لغيرك،‭ ‬لهذا‭ ‬أنت‭ ‬متميز‭ ‬وتملأ‭ ‬مساحة‭ ‬في‭ ‬الكون‭ ‬لا‭ ‬ينافسك‭ ‬فيها‭ ‬أي‭ ‬أحد،‭ ‬كن‭ ‬حرا‭ ‬مثل‭ ‬الأرض‭ ‬الإغريقية‭ ‬الخصبة‭ ‬ومدنها‭ ‬الزاهرة،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الحر‭ ‬في‭ ‬فكره‭ ‬ورأيه‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬أصحاب‭ ‬الاختصاص‭ ‬ومنهم‭ ‬الدكتور‭ ‬“بول‭ ‬جاغو”،‭ ‬يصبح‭ ‬في‭ ‬حل‭ ‬عفوي‭ ‬من‭ ‬رضا‭ ‬الناس‭ ‬وسخطهم،‭ ‬فكلامه،‭ ‬وحركاته‭ ‬وسكناته،‭ ‬وأوقاته‭ ‬وقراراته‭ ‬تخرج‭ ‬عن‭ ‬إرادة‭ ‬الآخرين،‭ ‬ولا‭ ‬تتعلق‭ ‬باستحسانهم‭ ‬ولا‭ ‬تتأثر‭ ‬باستهجانهم،‭ ‬فهو‭ ‬لا‭ ‬ينفق‭ ‬أيامه‭ ‬في‭ ‬استهواء‭ ‬غيره‭ ‬واستجداء‭ ‬الثناء‭ ‬وطلب‭ ‬الإطراء،‭ ‬إنما‭ ‬ينصب‭ ‬بكل‭ ‬قواه‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬الأشياء‭ ‬التي‭ ‬رسم‭ ‬لتحقيقها‭ ‬خطة‭ ‬استوحاها‭ ‬من‭ ‬فكره‭ ‬بكل‭ ‬أناة‭ ‬وروية‭ ‬وحرية‭. ‬

ترى‭ ‬المستقل‭ ‬الحر،‭ ‬ولا‭ ‬دافع‭ ‬لسيرته،‭ ‬ولا‭ ‬غاية‭ ‬وراءها،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬يتصرف‭ ‬بدقة‭ ‬وضبط‭ ‬لتحقيق‭ ‬أغراضه‭ ‬السامية،‭ ‬ولا‭ ‬يهتم‭ ‬أبدا‭ ‬لتقديرات‭ ‬الآخرين،‭ ‬فتقديره‭ ‬الشخصي‭ ‬للأمور‭ ‬والأحوال‭ ‬والظروف‭ ‬يسمو‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬فهم‭ ‬وتقدير‭.‬

بيد‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يعني،‭ ‬بحال‭ ‬من‭ ‬الأحوال،‭ ‬أن‭ ‬استقلال‭ ‬الفكر‭ ‬يحوي‭ ‬شيئا‭ ‬من‭ ‬الانطوائية‭ ‬واعتزال‭ ‬المجتمع‭ ‬والناس،‭ ‬والابتعاد‭ ‬عن‭ ‬البشر،‭ ‬لا‭... ‬إنما‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يتحرر‭ ‬المرء‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬نفوذ‭ ‬خارجي‭ ‬ليتمكن‭ ‬من‭ ‬تحصیل‭ ‬مزاج‭ ‬معتدل،‭ ‬متسق،‭ ‬ولياقة‭ ‬في‭ ‬التصرف،‭ ‬وتسامح،‭ ‬ولطف‭ ‬في‭ ‬المعاملة،‭ ‬وكتمان‭ ‬الأسرار،‭ ‬ثم‭ ‬ليتمكن‭ ‬أيضا‭ ‬من‭ ‬امتلاك‭ ‬أعصابه‭ ‬تجاه‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يعترضه‭ ‬من‭ ‬تهكم‭ ‬أو‭ ‬يناله‭ ‬من‭ ‬سخرية‭ ‬وتهجم‭ ‬ونقد‭. ‬يا‭ ‬أخي‭ ‬عش‭ ‬حياتك‭ ‬ليلا‭ ‬نهارا‭ ‬وتمشى‭ ‬على‭ ‬الأرصفة‭ ‬الباردة‭ ‬وابدأ‭ ‬بطقوس‭ ‬قصيدة‭ ‬الفرح‭ ‬والحرية،‭ ‬حينها‭ ‬ستكون‭ ‬قادرا‭ ‬على‭ ‬إطفاء‭ ‬نور‭ ‬النجوم‭ ‬بيديك‭.‬