الخطاب الديني في عاشوراء

| عبدعلي الغسرة

استقبلت‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬والأمة‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬العام‭ ‬الهجري‭ ‬1443‭ ‬الذي‭ ‬يبدأ‭ ‬بشهر‭ ‬محرم،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬يحتفل‭ ‬المسلمون‭ ‬بذكرى‭ ‬عاشوراء‭ ‬التي‭ ‬يجلها‭ ‬المسلمون‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬وهي‭ ‬ذكرى‭ ‬استشهاد‭ ‬الإمام‭ ‬الحسين‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬بن‭ ‬أبي‭ ‬طالب‭ ‬“عليهما‭ ‬السلام”،‭ ‬ويتم‭ ‬استعراض‭ ‬أحداث‭ ‬هذه‭ ‬الذكرى‭ ‬في‭ ‬المآتم‭ ‬الحسينية‭ ‬بما‭ ‬جرى‭ ‬في‭ ‬كربلاء‭ ‬وآثارها‭ ‬على‭ ‬المسلمين‭ ‬والمجتمع‭ ‬الإنساني‭.‬

إن‭ ‬لأحداث‭ ‬كربلاء‭ ‬مضامين‭ ‬مجتمعية‭ ‬وإنسانية‭ ‬ودينية‭ ‬تتطلب‭ ‬خطابًا‭ ‬دينيًا‭ ‬وإنسانيا‭ ‬موجها‭ ‬لكل‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬المسلمين‭ ‬وغيرهم،‭ ‬خطابًا‭ ‬يُعالج‭ ‬كل‭ ‬المشاكل‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والإنسانية‭ ‬التي‭ ‬يعيشها‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع‭ ‬والتي‭ ‬تتطلب‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الحلول‭ ‬التي‭ ‬تعالج‭ ‬هذه‭ ‬المشاكل،‭ ‬وتؤطر‭ ‬لمجتمع‭ ‬إنساني‭ ‬متكافل‭ ‬وديني،‭ ‬متماسك‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬أجواء‭ ‬التعايش‭ ‬الإنساني‭ ‬والتآخي‭ ‬المجتمعي‭.‬

إن‭ ‬الالتزام‭ ‬بالخطاب‭ ‬الديني‭ ‬الملتزم‭ ‬مجتمعيًا‭ ‬وإنسانيًا‭ ‬ودينيًا‭ ‬ــ‭ ‬دون‭ ‬مغالاة‭ ‬أو‭ ‬تطرف‭ ‬ــ‭ ‬يُساهم‭ ‬كثيرًا‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬الاحتفال‭ ‬بهذه‭ ‬الذكرى‭ ‬السنوية‭ ‬المجيدة‭ ‬بكل‭ ‬يُسر‭ ‬وسلام،‭ ‬وهو‭ ‬التزام‭ ‬يتطلب‭ ‬نهجا‭ ‬وسطيا‭ ‬وروحا‭ ‬معتدلة‭ ‬يتجلى‭ ‬فيها‭ ‬التسامح‭ ‬والتعاضد‭ ‬والأخوة‭ ‬والتحلي‭ ‬بالوطنية‭ ‬والإخلاص‭ ‬للوطن‭ ‬ولمعاني‭ ‬الذكرى‭ ‬التي‭ ‬نستلهم‭ ‬منها‭ ‬نقاء‭ ‬العقول‭ ‬من‭ ‬رواسب‭ ‬الطائفية‭ ‬وتأثيرات‭ ‬العُنف‭ ‬التي‭ ‬تبثها‭ ‬الأجندات‭ ‬الأجنبية‭ ‬ذات‭ ‬المطامع،‭ ‬والتي‭ ‬تعمل‭ ‬ضدنا‭ ‬وضد‭ ‬مجتمعنا‭. ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬خطاب‭ ‬عاشوراء‭ ‬مناسبا‭ ‬لذكراها‭ ‬السنوية‭ ‬المستمرة،‭ ‬ليعمل‭ ‬على‭ ‬تنقية‭ ‬أفكارنا‭ ‬ويدعم‭ ‬العدل‭ ‬وينبذ‭ ‬العُنف‭ ‬وينشر‭ ‬قيم‭ ‬التعايش‭ ‬وأسس‭ ‬التسامح‭ ‬في‭ ‬مجتمع‭ ‬الفكر‭ ‬النير‭ ‬الواعي‭ ‬المواكب‭ ‬للنهضة‭ ‬الإنسانية،‭ ‬يُهذب‭ ‬القلوب‭ ‬وينير‭ ‬العقول‭ ‬يرفض‭ ‬التعصب‭ ‬والتطرف‭ ‬ويحافظ‭ ‬على‭ ‬اللحمة‭ ‬الوطنية‭ ‬والعيش‭ ‬معًا‭ ‬كإخوة‭ ‬في‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وهذا‭ ‬التوجه‭ ‬يتناغم‭ ‬مع‭ ‬مبادئ‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬ومواثيقها‭ ‬وعهودها‭ ‬التي‭ ‬تلزم‭ ‬احترام‭ ‬حق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬عزيزة‭ ‬كريمة،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المضامين‭ ‬تتوافق‭ ‬مع‭ ‬مضمون‭ ‬السلام‭ ‬ومبادئ‭ ‬الإسلام،‭ ‬وهي‭ ‬دعوة‭ ‬ليست‭ ‬جديدة‭ ‬بل‭ ‬متجددة‭ ‬مع‭ ‬تجدد‭ ‬الاحتفاء‭ ‬بهذه‭ ‬الذكرى‭ ‬السنوية‭ ‬المتجددة‭ ‬دائمًا‭.‬

ليكن‭ ‬خطابنا‭ ‬الإعلامي‭ ‬إنساني‭ ‬التوجه‭ ‬ومصدر‭ ‬هدى‭ ‬ونور‭ ‬وسلام،‭ ‬ولنكن‭ ‬يدًا‭ ‬واحدة‭ ‬متحدة‭ ‬ضد‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يعمل‭ ‬ضد‭ ‬بلادنا‭ ‬وأهلنا‭ ‬ومجتمعنا،‭ ‬وليكن‭ ‬مقصدنا‭ ‬دائما‭ ‬الوحدة‭ ‬الوطنية‭ ‬والدينية‭ ‬والإنسانية،‭ ‬فلنجعل‭ ‬خطابنا‭ ‬الديني‭ ‬يوحدنا‭ ‬ويجمعنا‭ ‬لنعيش‭ ‬معًا‭ ‬في‭ ‬أمن‭ ‬وسلام‭ ‬واستقرار‭ ‬مستدام‭.‬