فجر جديد

تجارة باطلة

| إبراهيم النهام

ظاهرة‭ ‬غلاء‭ ‬الأسعار‭ ‬المستفزة‭ ‬والمنهكة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تجاهلها‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬هي‭ ‬عليه‭ ‬الآن،‭ ‬فالمحال‭ ‬التجارية‭ ‬الكبيرة‭ ‬والصغيرة‭ ‬في‭ ‬الحارات‭ ‬والمدن،‭ ‬تلعب‭ ‬بالأسعار‭ ‬كيفما‭ ‬تشاء،‭ ‬وكيفما‭ ‬تريد،‭ ‬وسط‭ ‬غياب‭ ‬الرقابة‭.‬

وفي‭ ‬هذه‭ ‬النقطة‭ ‬تحديداً،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لي‭ ‬كأب‭ ‬ورب‭ ‬أسرة‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬صحافيا،‭ ‬أن‭ ‬أنظر‭ ‬للتقارير‭ ‬الصادرة‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭ ‬ذرا‭ ‬للرماد‭ ‬في‭ ‬العيون،‭ ‬لأنني‭ ‬حين‭ ‬أشتري‭ ‬سلعة،‭ ‬يتزايد‭ ‬سعرها‭ ‬50‭ % ‬أو‭ ‬70‭ % ‬خلال‭ ‬شهور‭ ‬ثلاثة،‭ ‬وبشكل‭ ‬غير‭ ‬منطقي،‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬يقول‭ ‬ببساطة‭ ‬إن‭ ‬هناك‭ ‬تلاعباً‭ ‬واضحاً،‭ ‬أساسه‭ ‬الأول‭ ‬أخذ‭ ‬أموال‭ ‬الناس‭ ‬بالباطل‭.‬

وعلاوة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الأمر،‭ ‬تتعمد‭ ‬بعض‭ ‬المحال‭ ‬التجارية‭ ‬الكبرى‭ ‬فرض‭ ‬سياسة‭ ‬البيع‭ ‬بالجملة‭ ‬وليس‭ ‬المفرد‭ ‬لعدد‭ ‬من‭ ‬البضائع،‭ ‬كالمنظفات‭ ‬وعلب‭ ‬الكلينكس‭ ‬وبعض‭ ‬المعلبات‭ ‬الغذائية‭ ‬والمشروبات‭ ‬الغازية‭ ‬والعصائر‭ ‬وغيرها،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مغلفة‭ ‬بهذا‭ ‬الشكل‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المصنع‭ ‬الأصلي،‭ ‬فلماذا؟‭ ‬ومن‭ ‬منحهم‭ ‬هذا‭ ‬الحق؟

البقالات‭ ‬أو‭ ‬“البرادات”‭ ‬الصغيرة‭ ‬المتناثرة‭ ‬في‭ ‬الأحياء‭ ‬السكنية،‭ ‬لها‭ ‬قصة‭ ‬أخرى‭ ‬وجو‭ ‬آخر،‭ ‬حيث‭ ‬تقوم‭ ‬العديد‭ ‬منها‭ ‬ببيع‭ ‬سلع‭ ‬غذائية‭ ‬متنوعة،‭ ‬كمنتجات‭ ‬الشوكولاتة‭ ‬المختلفة،‭ ‬وصلاحيتها‭ ‬على‭ ‬وشك‭ ‬الانتهاء،‭ ‬بمعنى‭ ‬أنها‭ ‬تشتريها‭ ‬وهي‭ ‬بهذا‭ ‬الحال‭ ‬برخص‭ ‬التراب،‭ ‬ثم‭ ‬تبيعها‭ ‬للمواطنين‭ ‬والمقيمين‭ ‬بنفس‭ ‬السعر‭ ‬السوقي‭ ‬للجديدة،‭ ‬وبحالات‭ ‬أخرى‭ ‬بأسعار‭ ‬أكبر،‭ ‬فما‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نقوله‭ ‬هنا؟‭ ‬“شطارة‭!‬”‭.‬

وكنت‭ ‬قد‭ ‬رأيت‭ ‬في‭ ‬مواقف‭ ‬سابقة‭ ‬بعض‭ ‬المشرفين‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬“البرادات”‭ ‬وأغلبهم‭ ‬من‭ ‬جنسية‭ ‬آسيوية‭ ‬معروفة،‭ ‬وكيف‭ ‬أنهم‭ ‬يبيعون‭ ‬بنظام‭ ‬“السلف”‭ ‬لبعض‭ ‬أرباب‭ ‬الأسر‭ ‬البحرينية‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬السداد‭ ‬بنهاية‭ ‬الشهر،‭ ‬وكيف‭ ‬أنهم‭ ‬يستغلون‭ ‬هذه‭ ‬الحاجة‭ ‬لرفع‭ ‬أسعار‭ ‬المنتجات‭ ‬بشكل‭ ‬وحشي‭ ‬وظالم،‭ ‬خصوصا‭ ‬مع‭ ‬المتقاعدين‭ ‬وكبار‭ ‬السن‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬حيلة‭ ‬لهم‭.‬

هذه‭ ‬الظواهر‭ ‬مجتمعة‭ ‬نابعة‭ ‬من‭ ‬يوميات‭ ‬الناس‭ ‬وظروفهم‭ ‬واحتياجاتهم،‭ ‬ويجب‭ ‬النظر‭ ‬إليها‭ ‬بكل‭ ‬أمانة‭ ‬وإخلاص،‭ ‬فكلكم‭ ‬راع‭ ‬وكلكم‭ ‬مسؤول‭ ‬عن‭ ‬رعيته،‭ ‬ودمتم‭ ‬بخير‭.‬