من جديد

اقلب الصفحة

| د. سمر الأبيوكي

هي‭ ‬نصيحة‭ ‬أود‭ ‬أن‭ ‬يزرعها‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬باله،‭ ‬وأن‭ ‬يقتنع‭ ‬فيها‭ ‬شخصيا،‭ ‬خصوصا‭ ‬تجاه‭ ‬بعض‭ ‬المواقف‭ ‬والأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬يعانون‭ ‬اضطرابات‭ ‬مبالغ‭ ‬فيها‭ ‬في‭ ‬تبني‭ ‬قضايا‭ ‬من‭ ‬النقيض‭ ‬للنقيض،‭ ‬وفي‭ ‬ظاهره‭ ‬تعرف‭ ‬التطرف،‭ ‬ولا‭ ‬تخص‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬التطرف‭ ‬العنفي‭ ‬الذي‭ ‬يعرف‭ ‬بالإرهاب،‭ ‬إنما‭ ‬كل‭ ‬أنواع‭ ‬التطرف‭ ‬حتى‭ ‬تلك‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالأفكار،‭ ‬وسأضرب‭ ‬مثالا‭ ‬مبسطا‭ ‬لذلك،‭ ‬فتجد‭ ‬أحدهم‭ ‬يعيش‭ ‬حياة‭ ‬بوهيمية‭ ‬لا‭ ‬حسيب‭ ‬ولا‭ ‬رقيب‭ ‬فيها‭ ‬بكل‭ ‬تطرف‭ ‬ومجون،‭ ‬ثم‭ ‬تسمع‭ ‬فجأة‭ ‬أنه‭ ‬التزم‭ ‬بل‭ ‬وتطرف‭ ‬أيضا‭ ‬لدرجة‭ ‬تصل‭ ‬لالتحاقه‭ ‬بمنظمات‭ ‬إرهابية‭ ‬تصدر‭ ‬العنف،‭ ‬ثم‭ ‬تصحو‭ ‬فجأة‭ ‬لتجده‭ ‬عاد‭ ‬لسابق‭ ‬عهده‭ ‬وهكذا‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬مرارا‭ ‬وتكرارا،‭ ‬فالمتطرفون‭ ‬فكريا‭ ‬ممن‭ ‬يغالون‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬فكرة‭ ‬بذاتها‭ ‬ووجهة‭ ‬نظر‭ ‬خاصة‭ ‬جدا‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬لها‭ ‬بالاتزان‭ ‬غالبا‭ ‬ما‭ ‬يكونون‭ ‬من‭ ‬هواة‭ ‬ركوب‭ ‬الأمواج،‭ ‬ويعلمون‭ ‬جيدا‭ ‬من‭ ‬أين‭ ‬تؤكل‭ ‬الكتف‭ ‬لا‭ ‬أكثر‭ ‬ولا‭ ‬أقل،‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬يخلع‭ ‬جلده‭ ‬ويتلون‭ ‬حسب‭ ‬مصالحه‭ ‬الخاصة‭ ‬التي‭ ‬تخدمه‭ ‬شخصيا‭.‬

لإشكالية‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬أولئك‭ ‬المتلونين‭ ‬غالبا‭ ‬ما‭ ‬يميلون‭ ‬إلى‭ ‬استعطاف‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬بأية‭ ‬وسيلة،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬استقطاب‭ ‬المؤيدين‭ ‬يكفل‭ ‬لهم‭ ‬الاستمرارية‭ ‬في‭ ‬بث‭ ‬سمومهم‭ ‬بالشكل‭ ‬المرجو،‭ ‬ويسمح‭ ‬لهم‭ ‬أيضا‭ ‬ببناء‭ ‬قاعدة‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬قرروا‭ ‬فيها‭ ‬أن‭ ‬يغيروا‭ ‬من‭ ‬رأيهم‭ ‬أو‭ ‬مبدئهم‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬شاءوا‭ ‬أن‭ ‬تسميته‭ ‬استنادا‭ ‬على‭ ‬فكرة‭ ‬أن‭ ‬ابن‭ ‬آدم‭ ‬خطاء‭ ‬وأن‭ ‬الحياة‭ ‬تقدم‭ ‬دروسا‭ ‬يومية‭ ‬كفيلة‭ ‬بأن‭ ‬تنقلهم‭ ‬من‭ ‬معسكر‭ ‬الشرق‭ ‬إلى‭ ‬معسكر‭ ‬الغرب‭ ‬و”لفي‭ ‬بينا‭ ‬يا‭ ‬دنيا”‭.‬

الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬يمتهنون‭ ‬الكلام‭ ‬كما‭ ‬أحب‭ ‬أن‭ ‬أسميهم‭ ‬دوما،‭ ‬محاسبون‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬يقومون‭ ‬فيها‭ ‬بزرع‭ ‬أفكار‭ ‬متطرفة‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬وفي‭ ‬الغرب‭ ‬قد‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يحمد‭ ‬عقباه،‭ ‬فالكلمة‭ ‬شرف‭ ‬كبير‭ ‬لمن‭ ‬يفهم‭ ‬معنى‭ ‬الكلمات‭.‬