غداة تنصيب رئيسي

| بدور عدنان

لا‭ ‬يمكن‭ ‬قراءة‭ ‬الأحداث‭ ‬السياسية‭ ‬بمعزل‭ ‬عن‭ ‬مجريات‭ ‬محيطها،‭ ‬فمن‭ ‬الصعوبة‭ ‬أن‭ ‬تحصل‭ ‬بمحض‭ ‬الصدفة‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬تخطيط،‭ ‬فأغلب‭ ‬الأحداث‭ ‬السياسية‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مجملها‭ ‬مرتبطة‭ ‬ارتباطا‭ ‬كبيرا‭ ‬ببعضها،‭ ‬وتحمل‭ ‬في‭ ‬طياتها‭ ‬دلائل‭ ‬ورسائل‭ ‬سياسية‭.‬

ذلك‭ ‬ما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نضعه‭ ‬في‭ ‬الحسبان‭ ‬عند‭ ‬قراءة‭ ‬دوافع‭ ‬وتوقيت‭ ‬التصعيد‭ ‬الإرهابي‭ ‬الأخير‭ ‬للنظام‭ ‬الإيراني‭ ‬تجاه‭ ‬حركة‭ ‬الملاحة‭ ‬البحرية‭ ‬في‭ ‬مضيق‭ ‬هرمز،‭ ‬والذي‭ ‬لا‭ ‬يبدو‭ ‬أنه‭ ‬تزامن‭ ‬صدفة‭ ‬مع‭ ‬موعد‭ ‬تنصيب‭ ‬الرئيس‭ ‬الإيراني‭ ‬الجديد‭ ‬إبراهيم‭ ‬رئيسي،‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬عمد‭ ‬القيام‭ ‬باعتداءاته‭ ‬الآثمة‭ ‬تجاه‭ ‬القطع‭ ‬البحرية‭ ‬بنفس‭ ‬توقيت‭ ‬تنصيب‭ ‬رئيسي،‭ ‬في‭ ‬رسالة‭ ‬يؤكد‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬عدم‭ ‬تغيير‭ ‬نهج‭ ‬طهران‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬الترويع‭ ‬والعدوان‭ ‬في‭ ‬تحد‭ ‬للمطالبات‭ ‬الخارجية‭.‬

وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬السعودي‭ ‬فيصل‭ ‬بن‭ ‬فرحان‭ ‬الذي‭ ‬صرح‭ ‬غداة‭ ‬فوز‭ ‬رئيسي‭ ‬بالانتخابات‭ ‬بأن‭ ‬فوز‭ ‬هذا‭ ‬المرشح‭ ‬أو‭ ‬ذاك‭ ‬لا‭ ‬يغير‭ ‬شيئا‭ ‬في‭ ‬المعادلة‭ ‬الإيرانية،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تحكم‭ ‬المرشد‭ ‬الأعلى‭ ‬بخيوط‭ ‬اللعبة‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي‭ ‬الإيراني‭ ‬جاء‭ ‬من‭ ‬واقع‭ ‬خبرته‭ ‬وإلمامه‭ ‬بكيفية‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬المارق،‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬حرصت‭ ‬طهران‭ ‬نفسها‭ ‬على‭ ‬إثباته‭ ‬للمجتمع‭ ‬الدولي،‭ ‬فما‭ ‬الاعتداءات‭ ‬على‭ ‬حركة‭ ‬الملاحة‭ ‬البحرية‭ ‬قبالة‭ ‬سواحلها‭ ‬إلا‭ ‬تأكيدا‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬استمرارها‭ ‬بنهجها‭ ‬وأساليبها‭ ‬الإرهابية‭ ‬حتى‭ ‬مع‭ ‬تغيير‭ ‬رأس‭ ‬الهرم‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬السياسي،‭ ‬فرغم‭ ‬أن‭ ‬البعض‭ ‬ظن‭ ‬أن‭ ‬التجميد‭ ‬المؤقت‭ ‬لمفاوضات‭ ‬فيينا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬طهران‭ ‬إرادة‭ ‬سياسية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الرئيس‭ ‬الجديد‭ ‬لتغيير‭ ‬مسار‭ ‬وقواعد‭ ‬المفاوضات‭ ‬الإيرانية‭ ‬حسب‭ ‬رؤيته‭ ‬الخاصة‭ ‬والمختلفة‭ ‬عن‭ ‬سلفه،‭ ‬تأتي‭ ‬اليوم‭ ‬هذه‭ ‬الانتهاكات‭ ‬لتؤكد‭ ‬أن‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬الإيراني‭ ‬خاضع‭ ‬للمرشد‭ ‬الأعلى‭ ‬فقط،‭ ‬وما‭ ‬حجة‭ ‬تغيير‭ ‬الرئيس‭ ‬إلا‭ ‬فسحة‭ ‬خلقها‭ ‬لإعادة‭ ‬بعض‭ ‬حساباته‭ ‬قبل‭ ‬العودة‭ ‬مجددا‭ ‬لطاولة‭ ‬الحوار‭.‬

في‭ ‬ضوء‭ ‬ذلك‭ ‬أية‭ ‬آمال‭ ‬قد‭ ‬علقت‭ ‬على‭ ‬تغيير‭ ‬نهج‭ ‬السياسة‭ ‬الإيرانية‭ ‬مع‭ ‬تغيير‭ ‬الرئيس‭ ‬الإيراني‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬توصف‭ ‬بغير‭ ‬السذاجة‭ ‬السياسية،‭ ‬فسياسات‭ ‬الإرهاب‭ ‬والعدوان‭ ‬والتدخل‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الداخلية‭ ‬للدول‭ ‬المجاورة‭ ‬ستبقى‭ ‬ديدن‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لجمه‭ ‬طالما‭ ‬يتعامل‭ ‬معه‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬بمهادنة‭ ‬دون‭ ‬إرادة‭ ‬حقيقية‭ ‬في‭ ‬كبحه‭.‬