علمٌ لا ينفع

| هدى حرم

“كلُ‭ ‬علمٍ‭ ‬لا‭ ‬يُؤيده‭ ‬عقلٌ‭ ‬مَضلة”،‭ ‬ناقصٌ‭ ‬أنتَ‭ ‬حتى‭ ‬تطلبَ‭ ‬العلم،‭ ‬وكلُ‭ ‬طلبٍ‭ ‬للعلم‭ ‬كمال،‭ ‬وكل‭ ‬كمالٍ‭ ‬مندوبٌ‭ ‬في‭ ‬الدين،‭ ‬وقد‭ ‬حثَّ‭ ‬نبينا‭ ‬الأعظم‭ (‬ص‭) ‬على‭ ‬طلب‭ ‬العلم‭ ‬والمعرفة،‭ ‬فقال‭: ‬“اطلبوا‭ ‬العلم‭ ‬من‭ ‬المهد‭ ‬إلى‭ ‬اللحد”،‭ ‬و”اطلبوا‭ ‬العلمَ‭ ‬ولو‭ ‬في‭ ‬الصين”،‭ ‬وقال‭ (‬ص‭) ‬“طلبُ‭ ‬العلمِ‭ ‬فريضةٌ‭ ‬على‭ ‬كلِ‭ ‬مسلم”،‭ ‬تأكيداً‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬العلم‭ ‬والتعلم‭ ‬والتفكرِ‭ ‬والتدبر‭ ‬وبلوغِ‭ ‬الحق‭ ‬والحقيقة‭. ‬العلم‭ ‬هو‭ ‬الوسيلةُ‭ ‬لتهذيبِ‭ ‬النفس‭ ‬وبلوغِ‭ ‬المقاماتِ‭ ‬الإنسانية‭ ‬الشامخة‭ ‬والكمالاتِ‭ ‬المعنوية‭ ‬الرفيعة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يفرزُ‭ ‬حالةً‭ ‬من‭ ‬الرِضا‭ ‬والسعادةِ‭ ‬الأبدية‭ ‬الخالصة،‭ ‬حين‭ ‬يتحلى‭ ‬المرءُ‭ ‬بالأخلاق‭ ‬الحميدة‭ ‬والتقوى؛‭ ‬فيتورعُ‭ ‬عن‭ ‬ارتكابِ‭ ‬المحارم‭ ‬واجتراح‭ ‬الذنوب،‭ ‬ولا‭ ‬يتأتى‭ ‬ذلك‭ ‬إلا‭ ‬بالمعرفةِ‭ ‬الصحيحة‭ ‬والعلم‭ ‬النافع‭ ‬ونبذ‭ ‬كل‭ ‬علمٍ‭ ‬عقيمٍ‭ ‬لا‭ ‬ينفع‭.‬

العلمُ‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬ينفعُ‭ ‬هو‭ ‬ذلك‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يطلبه‭ ‬صاحبه،‭ ‬لكنه‭ ‬لا‭ ‬ينتفع‭ ‬به‭ ‬ولا‭ ‬ينفع‭ ‬به‭ ‬غيره،‭ ‬فهو‭ ‬في‭ ‬صدره‭ ‬لا‭ ‬يُبارحه‭ ‬ولا‭ ‬يُغيِّرُ‭ ‬فيه‭ ‬شيئًا‭ ‬ولا‭ ‬ينفعُ‭ ‬به‭ ‬البلادَ‭ ‬والعباد‭ ‬حوله‭. ‬كذلك‭ ‬فإنَّ‭ ‬من‭ ‬العلم‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬ينفع‭ ‬دراسةُ‭ ‬بعض‭ ‬علومِ‭ ‬النجوم‭ ‬وتحضير‭ ‬الجن‭ ‬والأرواح‭ ‬وقراءة‭ ‬الكف‭ ‬والطالع‭ ‬والفنجان‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬فائدةَ‭ ‬منها‭ ‬للغير،‭ ‬ولا‭ ‬تُعدُّ‭ ‬إلا‭ ‬ممارسةً‭ ‬للدجل‭ ‬ولعباً‭ ‬على‭ ‬العقول‭ ‬البسيطة‭ ‬وتدميراً‭ ‬للعلاقات‭ ‬وخراباً‭ ‬للبيوت‭ ‬الآمنة،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬تعقُبَ‭ ‬المشاهير‭ ‬والفنانين‭ ‬على‭ ‬السوشال‭ ‬ميديا‭ ‬ودراسةَ‭ ‬يومياتهم‭ ‬وميولهم‭ ‬وأهوائهم‭ ‬ومتابعة‭ ‬مواقعِ‭ ‬الدردشة‭ ‬الفارغة،‭ ‬لهوَ‭ ‬من‭ ‬العلم‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬ينفع‭ ‬ولا‭ ‬يضيفُ‭ ‬لصاحبه‭ ‬ولا‭ ‬لمن‭ ‬حوله‭ ‬شيئًا،‭ ‬وهو‭ ‬مضيعةٌ‭ ‬للوقت‭ ‬والعمر‭ ‬والجهد‭ ‬في‭ ‬تقصِّي‭ ‬علمٍ‭ ‬لا‭ ‬طائلة‭ ‬منه‭ ‬البتة‭.‬

زبدةُ‭ ‬القول،‭ ‬ان‭ ‬طلب‭ ‬علوم‭ ‬الدين‭ ‬والدنيا‭ ‬النافعة‭ ‬وسيلة‭ ‬للنجاح‭ ‬في‭ ‬الدنيا‭ ‬والآخرة،‭ ‬والعلم‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬نفع‭ ‬منه‭ ‬هو‭ ‬ذلك‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬ينتفعُ‭ ‬به‭ ‬صاحبه‭ ‬ولا‭ ‬ينفعُ‭ ‬به‭ ‬غيره‭ ‬لا‭ ‬في‭ ‬الدنيا‭ ‬ولا‭ ‬في‭ ‬الآخرة،‭ ‬وهو‭ ‬العلم‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يؤدي‭ ‬لتهذيب‭ ‬أخلاقِ‭ ‬طالبه،‭ ‬وهو‭ ‬العلمُ‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬تقترنُ‭ ‬به‭ ‬تقوى،‭ ‬ولا‭ ‬يعملُ‭ ‬به‭ ‬صاحبُه‭ ‬ولا‭ ‬يعلِّمه،‭ ‬وهو‭ ‬العلم‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يُحْتاجُ‭ ‬إليه،‭ ‬حتى‭ ‬يصبحَ‭ ‬الجهلُ‭ ‬أفضلُ‭ ‬منه‭. ‬كلُ‭ ‬علمٍ‭ ‬لا‭ ‬يقودُ‭ ‬لمعرفة‭ ‬الله‭ ‬والإيمان‭ ‬به‭ ‬لا‭ ‬فضلَ‭ ‬فيه‭. ‬“اللهم‭ ‬إنا‭ ‬نعوذُ‭ ‬بكَ‭ ‬من‭ ‬علمٍ‭ ‬لا‭ ‬ينفع”‭.‬