تحدي تشكيل الحكومة اللبنانية

| بدور عدنان

مازال‭ ‬اللبنانيون‭ ‬يعيشون‭ ‬حالة‭ ‬متذبذبة‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬الأوضاع‭ ‬المعيشية‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬وسط‭ ‬تجاذبات‭ ‬طبقة‭ ‬سياسية‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬اهتمامات‭ ‬وتطلعات‭ ‬الشارع‭ ‬اللبناني‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يعنيه‭ ‬ما‭ ‬يدور‭ ‬في‭ ‬الأوساط‭ ‬السياسية‭ ‬من‭ ‬كر‭ ‬وفر‭ ‬سوى‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يخرجه‭ ‬من‭ ‬الحالة‭ ‬التي‭ ‬بات‭ ‬يعيشها‭ ‬المواطن‭ ‬البسيط‭.‬

فبعد‭ ‬أن‭ ‬تبخرت‭ ‬الآمال‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬عقدت‭ ‬على‭ ‬إمكانية‭ ‬تفاوض‭ ‬الرئيس‭ ‬ميشيل‭ ‬عون‭ ‬وإبداء‭ ‬بعض‭ ‬المرونة‭ ‬حول‭ ‬تسمية‭ ‬مرشحيه،‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬ستضمن‭ ‬تشكيل‭ ‬الحكومة‭ ‬وانتشال‭ ‬لبنان‭ ‬مما‭ ‬هو‭ ‬فيه،‭ ‬لا‭ ‬أعلم‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬نتفاءل‭ ‬بخصوص‭ ‬القادم،‭ ‬خصوصاً‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬عدم‭ ‬تبدل‭ ‬الأوضاع‭ ‬أو‭ ‬بالأحرى‭ ‬إزالة‭ ‬العراقيل‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تعيد‭ ‬مشهد‭ ‬تشكيل‭ ‬الحكومة‭ ‬الأخير‭ ‬في‭ ‬لبنان‭.‬

فتكليف‭ ‬نجيب‭ ‬ميقاتي‭ ‬بديلاً‭ ‬لسعد‭ ‬الحريري‭ ‬الذي‭ ‬اعتذر‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬توصل‭ ‬لاستحالة‭ ‬التوافق‭ ‬مع‭ ‬ميشيل‭ ‬عون‭ ‬لتأليف‭ ‬حكومة‭ ‬لبنانية،‭ ‬لا‭ ‬يغير‭ ‬واقع‭ ‬تمسك‭ ‬عون‭ ‬بالثلث‭ ‬المعطل‭ ‬في‭ ‬الحكومة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يضمن‭ ‬له‭ ‬السلطة‭ ‬الفعلية،‭ ‬إضافة‭ ‬لتجنب‭ ‬أية‭ ‬قرارات‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬تقويض‭ ‬صلاحياته،‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬سيضع‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬المكلف‭ ‬أمام‭ ‬خيارين‭ ‬لا‭ ‬ثالث‭ ‬لهما،‭ ‬فإما‭ ‬أن‭ ‬يقبل‭ ‬بتأليف‭ ‬حكومة‭ ‬محاصصة‭ ‬بحتة‭ ‬تتم‭ ‬تسمية‭ ‬الوزراء‭ ‬فيها‭ ‬بما‭ ‬يخدم‭ ‬أجندات‭ ‬الأحزاب‭ ‬السياسية‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬حزب‭ ‬الله،‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬يستمد‭ ‬منه‭ ‬التيار‭ ‬الوطني‭ ‬الحر‭ ‬الذي‭ ‬ينتمي‭ ‬له‭ ‬رئيس‭ ‬الدولة‭ ‬قوته‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬مصلحة‭ ‬متبادلة،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬فشل‭ ‬الثورة‭ ‬التي‭ ‬استقالت‭ ‬الحكومة‭ ‬أساساً‭ ‬على‭ ‬إثرها‭.‬

أو‭ ‬يقوم‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬المكلف‭ ‬بتشكيل‭ ‬حكومة‭ ‬تكنوقراط‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬الاختصاص‭ ‬وكفاءة‭ ‬الوزراء‭ ‬بما‭ ‬يلبي‭ ‬تطلعات‭ ‬الشعب‭ ‬اللبناني،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سيصطدم‭ ‬كسابقه‭ ‬بإصرار‭ ‬الرئيس‭ ‬عون‭ ‬على‭ ‬تسمية‭ ‬مرشحيه‭ ‬بما‭ ‬يتعارض‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الأساس‭ ‬ليستمر‭ ‬مسلسل‭ ‬التدهور‭ ‬اللبناني‭.‬

رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬المكلف‭ ‬نجيب‭ ‬ميقاتي‭ ‬وفي‭ ‬أول‭ ‬تصريح‭ ‬له‭ ‬بعيد‭ ‬تكليفه‭ ‬أكد‭ ‬تلقيه‭ ‬ضمانات‭ ‬خارجية‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬المبادرة‭ ‬الفرنسية،‭ ‬ويبدو‭ ‬أنه‭ ‬عازم‭ ‬على‭ ‬الانطلاق‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬رحلته‭ ‬لتشكيل‭ ‬الحكومة،‭ ‬المعضلة‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬ميقاتي‭ ‬فعلاً‭ ‬يعول‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الضمانات‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تخدم‭ ‬سعد‭ ‬الحريري‭ ‬قبله‭.‬