البحرين بمقدمة دول العالم لمكافحة الاتجار بالبشر

| د. عبدالقادر ورسمه

يحتفل‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬30‭ ‬يوليو‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬باليوم‭ ‬العالمي‭ ‬لمكافحة‭ ‬الاتجار‭ ‬بالبشر،‭ ‬وهذا‭ ‬الاحتفال‭ ‬له‭ ‬مدلول‭ ‬كبير‭ ‬ويمثل‭ ‬الوقفة‭ ‬الواحدة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬هذه‭ ‬الجريمة‭ ‬البخسة‭ ‬المهينة‭ ‬للإنسان‭ ‬وإنسانيته،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬كرمه‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬ووضعه‭ ‬خليفة‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬وعلى‭ ‬رأس‭ ‬قمة‭ ‬جميع‭ ‬ما‭ ‬خلق‭ ‬“وإذ‭ ‬قال‭ ‬ربك‭ ‬للملائكة‭ ‬إني‭ ‬جاعل‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬خليفة”‭ (‬البقرة‭ ‬الآية‭ ‬34‭). ‬

النفس‭ ‬المجرمة‭ ‬ترتكب‭ ‬شتى‭ ‬أنواع‭ ‬الجرائم‭ ‬دون‭ ‬وازع‭ ‬من‭ ‬أخلاقها‭ ‬أو‭ ‬ضميرها،‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬ضمير،‭ ‬حتى‭ ‬وصلت‭ ‬مرحلة‭ ‬الجريمة‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭ ‬والبشر‭ ‬لتجني‭ ‬ثمار‭ ‬جريمتها‭ ‬السوداء‭ ‬وهي‭ ‬تمشي‭ ‬على‭ ‬أجسادهم‭ ‬وحياتهم‭ ‬التي‭ ‬أمدهم‭ ‬بها‭ ‬المولى‭ ‬جل‭ ‬جلاله‭. ‬وهذه‭ ‬الجريمة‭ ‬المقززة‭ ‬تعتبر‭ ‬الأكثر‭ ‬انتهاكا‭ ‬للإنسانية‭ ‬والبشرية‭ ‬لأنها‭ ‬تنسى‭ ‬الإنسانية‭. ‬ولأنها‭ ‬جريمة‭ ‬عابرة‭ ‬للقارات،‭ ‬فإن‭ ‬تكاتف‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬مواجهتها‭ ‬ضرورة‭ ‬قصوى‭. ‬ولهذا،‭ ‬تم‭ ‬وضع‭ ‬اتفاقية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لمكافحة‭ ‬الجريمة‭ ‬المنظمة‭ ‬عبر‭ ‬الحدود‭ ‬الوطنية‭ ‬والبروتوكولات‭ ‬الملحقة‭ ‬بها‭ ‬لمساعدة‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬جهودها‭ ‬الوطنية‭ ‬لتنفيذ‭ ‬بروتوكول‭ ‬منع‭ ‬جريمة‭ ‬الاتجار‭ ‬بالبشر‭ ‬ومعاقبة‭ ‬مرتكبيها‭ ‬وكل‭ ‬من‭ ‬يقدم‭ ‬لهم‭ ‬المساعدة‭ ‬أو‭ ‬التغطية‭ ‬أو‭ ‬غض‭ ‬الطرف‭. ‬

وفي‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬تصدر‭ ‬تقارير‭ ‬عالمية‭ ‬توضح‭ ‬موقف‭ ‬الدول‭ ‬وما‭ ‬تتبعه‭ ‬من‭ ‬سياسات‭ ‬حيال‭ ‬هذه‭ ‬الجريمة‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭. ‬وبكل‭ ‬فخر،‭ ‬ظلت‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬الصدارة‭ ‬وفي‭ ‬مقدمة‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تكافح‭ ‬هذه‭ ‬الجريمة‭ ‬حماية‭ ‬للإنسان‭ ‬ولحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬ربوع‭ ‬المملكة،‭ ‬والتقارير‭ ‬العالمية‭ ‬تؤكد‭ ‬ذلك‭ ‬وتشيد‭ ‬بالدور‭ ‬الذي‭ ‬تقوم‭ ‬به‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الخصوص،‭ ‬فإن‭ ‬كل‭ ‬الدوائر‭ ‬الحكومية‭ ‬المختصة‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬تولي‭ ‬مكافحة‭ ‬الاتجار‭ ‬بالبشر‭ ‬كل‭ ‬العناية‭ ‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬يمثل‭ ‬سياسة‭ ‬المملكة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والثابتة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المنحى‭ ‬حماية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬دون‭ ‬تمييز‭ ‬بسبب‭ ‬الجنس‭ ‬أو‭ ‬العقيدة‭ ‬أو‭ ‬اللون‭ ‬أو‭ ‬الجنسية‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬دستور‭ ‬البحرين‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وكرامته‭ ‬وكذلك‭ ‬التشريعات‭ ‬الجنائية‭ ‬تعاقب‭ ‬مرتكبي‭ ‬الجرائم‭ ‬ضد‭ ‬الإنسان،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬وإضافة‭ ‬لهذا‭ ‬قامت‭ ‬البحرين‭ ‬بإصدار‭ ‬قانون‭ ‬خاص‭ ‬في‭ ‬2008‭ ‬لمكافحة‭ ‬الاتجار‭ ‬بالبشر‭ ‬وذلك‭ ‬تماشيا‭ ‬مع‭ ‬النفرة‭ ‬العالمية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الخصوص‭. ‬يذكر‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬يتضمن‭ ‬كل‭ ‬التفاصيل‭ ‬المتعلقة‭ ‬بهذه‭ ‬الجريمة‭ ‬وكيفية‭ ‬مواجهتها‭ ‬والتصدي‭ ‬لها‭ ‬عبر‭ ‬كل‭ ‬الأجهزة‭ ‬الإدارية‭ ‬والتنفيذية‭ ‬والقضائية‭. ‬وكنتيجة‭ ‬طبيعية‭ ‬لهذا‭ ‬التطور‭ ‬التشريعي‭ ‬والقضائي،‭ ‬نطالع‭ ‬بانتظام‭ ‬مسار‭ ‬القضايا‭ ‬أمام‭ ‬النيابة‭ ‬والمحاكم‭ ‬حيث‭ ‬صدرت‭ ‬الأحكام‭ ‬الرادعة‭ ‬ضد‭ ‬مرتكبي‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬غير‭ ‬الإنسانية‭ ‬وبما‭ ‬يستحقونه‭ ‬من‭ ‬عقوبات‭ ‬ردعا‭ ‬لهم‭ ‬ولكل‭ ‬من‭ ‬يفكر‭ ‬في‭ ‬الولوج‭ ‬في‭ ‬مسار‭ ‬هذه‭ ‬الجريمة‭ ‬“ولكم‭ ‬في‭ ‬القصاص‭ ‬حياة”‭. ‬ولا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الأجهزة‭ ‬المختصة‭ ‬بالبحرين‭ ‬تقدم‭ ‬كل‭ ‬الدعم‭ ‬لضحايا‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬حتى‭ ‬تتم‭ ‬تهيئتهم‭ ‬نفسيا‭ ‬وجسديا‭ ‬للعودة‭ ‬للحياة‭ ‬الطبيعية‭ ‬ولتجاوز‭ ‬الفترة‭ ‬السوداء‭ ‬التي‭ ‬تعرضوا‭ ‬لها‭ ‬رغما‭ ‬عنهم‭ ‬بسبب‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬ومرتكبيها‭. ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬البحرين‭ ‬تسير‭ ‬بخطى‭ ‬ثابتة‭ ‬لاجتثاث‭ ‬هذه‭ ‬الجريمة‭ ‬ومرتكبيها‭ ‬ومسحها‭ ‬من‭ ‬خريطة‭ ‬البلد‭. ‬