سوالف

ظاهرة التسول الغريبة.. لم يعد السكوت ممكنا

| أسامة الماجد

متى‭ ‬يتصف‭ ‬نشاط‭ ‬التسول‭ ‬بالتماسك‭ ‬والاتساق‭ ‬حتى‭ ‬يتحول‭ ‬إلى‭ ‬موطن‭ ‬قائم‭ ‬بذاته‭ ‬وآلة‭ ‬تعليم‭ ‬ومنتج‭ ‬وتاجر‭ ‬بالجملة‭.. ‬يتحول‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬قوانين‭ ‬رادعة‭ ‬تمنع‭ ‬التسول‭ ‬في‭ ‬الأماكن‭ ‬العامة‭ ‬والقضاء‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬السلبية‭ ‬التي‭ ‬انتشرت‭ ‬بشكل‭ ‬ملفت‭ ‬للنظر‭ ‬في‭ ‬مجتمعنا‭ ‬البحريني،‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬السكوت‭ ‬ممكنا‭.‬

مساء‭ ‬الخميس‭ ‬الماضي‭ ‬اتصل‭ ‬بي‭ ‬الزميل‭ ‬راشد‭ ‬الغائب‭ ‬وقال‭ ‬لي‭ ‬حرفيا‭... ‬بينما‭ ‬كنت‭ ‬مع‭ ‬الأهل‭ ‬في‭ ‬جدعلي‭ ‬لفت‭ ‬انتباهي‭ ‬مشهد‭ ‬كتبت‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬عمودك‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬وتصورت‭ ‬أن‭ ‬الظاهرة‭ ‬قد‭ ‬انتهت،‭ ‬وهو‭ ‬تسول‭ ‬نساء‭ ‬منقبات،‭ ‬حيث‭ ‬جاءتني‭ ‬منقبتان‭ ‬تطرقان‭ ‬زجاج‭ ‬السيارة‭ ‬للتسول‭.. ‬وتساءل‭ ‬الزميل‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬تواصلت‭ ‬معي‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭ ‬بعد‭ ‬نشر‭ ‬العمود،‭ ‬وهل‭ ‬ظاهرة‭ ‬تسول‭ ‬المنقبات‭ ‬توقفت‭ ‬لفترة‭ ‬ثم‭ ‬عادت‭ ‬وإلى‭ ‬آخره‭ ‬من‭  ‬التساؤلات‭ ‬المشروعة‭ ‬لأي‭ ‬مواطن‭.‬

نعم‭.. ‬لقد‭ ‬كتبت‭ ‬في‭ ‬2019‭ ‬و2020‭ ‬عن‭ ‬ظاهرة‭ ‬تسول‭ ‬نساء‭ ‬من‭ ‬جنسيات‭ ‬محددة‭ ‬في‭ ‬أسواق‭ ‬مدينة‭ ‬عيسى‭ ‬وأمام‭ ‬المجمعات‭ ‬التجارية‭ ‬وعند‭ ‬الإشارات‭ ‬والمساجد،‭ ‬وفي‭ ‬بعض‭ ‬الأوقات‭ ‬يصطحبن‭ ‬أطفالهن‭ ‬في‭ ‬أسوأ‭ ‬استغلال‭ ‬للطفولة،‭ ‬ومؤخرا‭ ‬دخلت‭ ‬على‭ ‬الخط‭ ‬أو‭ ‬الهيكل‭ ‬التنظيمي‭ ‬نساء‭ ‬بحرينيات‭ ‬أخذن‭ ‬يرددن‭ ‬نفس‭ ‬اسطوانة‭ ‬الجوع‭ ‬والمرض‭ ‬والعوز‭ ‬والحاجة‭ ‬وتكبيل‭ ‬المارة‭ ‬بسلسلة‭ ‬من‭ ‬القصص‭ ‬والمظاهر‭ ‬الكاذبة،‭ ‬والجميع‭ ‬يستخدم‭ ‬أي‭ ‬وسيلة‭ ‬متاحة‭ ‬للنصب‭ ‬والاحتيال‭ ‬على‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬الأسواق،‭ ‬فالعملية‭ ‬تدار‭ ‬بوسائل‭ ‬تكتيكية‭ ‬وهناك‭ ‬مهمات‭ ‬موزعة،‭ ‬ويخطئ‭ ‬من‭ ‬يعتقد‭ ‬غير‭ ‬ذلك،‭ ‬فالنصب‭ ‬والاستغلال‭ ‬واضح‭ ‬أقصى‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬الوضوح‭.‬

قبل‭ ‬فترة‭ ‬اتصلت‭ ‬بي‭ ‬جمعية‭ ‬ذات‭ ‬الشأن‭ ‬“لا‭ ‬أذكر‭ ‬اسمهما”‭ ‬ومقرها‭ ‬توبلي‭ ‬واستمعت‭ ‬إلى‭ ‬تحليل‭ ‬طويل‭ ‬عن‭ ‬نشاط‭ ‬التسول‭ ‬وما‭ ‬تفعله‭ ‬الجمعية‭ ‬ورؤية‭ ‬حقيقية‭ ‬يعتريها‭ ‬بعض‭ ‬الضباب،‭ ‬ويكاد‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬انقشاعه‭ ‬إلا‭ ‬بجهد،‭ ‬فالظاهرة‭ ‬مازالت‭ ‬موجودة‭ ‬وهناك‭ ‬شعور‭ ‬بوجود‭ ‬تقصير‭ ‬لا‭ ‬نعرف‭ ‬مصدره‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تخرج‭ ‬علينا‭ ‬أية‭ ‬جهة‭ ‬وتقول‭ ‬إنها‭ ‬أعطت‭ ‬أقصى‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تعطيه‭ ‬وتنشر‭ ‬أغلفة‭ ‬الأحلام‭ ‬المرضية‭.‬

نحن‭ ‬اليوم‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬سمعة‭ ‬وطن‭ ‬وهو‭ ‬الثقل‭ ‬الحقيقي‭ ‬ومحط‭ ‬الأنظار‭ ‬بالنسبة‭ ‬للعالم،‭ ‬وظاهرة‭ ‬التسول‭ ‬الغريبة‭ ‬تسيء‭ ‬للبحرين‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬فالمجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬معروف‭ ‬عنه‭ ‬“الألفة‭ ‬والمحبة‭ ‬والتواد”،‭ ‬وهناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الجمعيات‭ ‬الخيرية‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بواجبها‭ ‬وكذلك‭ ‬الحكومة‭ ‬تساعد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬العلاوات‭ ‬التي‭ ‬تمنحها‭.‬