إعادة هيكلة المنظومة الأمنية والدفاعية للدول العربية الخليجية

| عبدالنبي الشعلة

الصراع‭ ‬المحموم،‭ ‬والحرب‭ ‬الطاحنة‭ ‬التي‭ ‬تدور‭ ‬رحاها‭ ‬على‭ ‬المواقع‭ ‬والمصالح‭ ‬والنفوذ‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والصين‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬منطقتنا‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬طويلة،‭ ‬وبدون‭ ‬أدنى‭ ‬مبالغة‭ ‬فإن‭ ‬ميدان‭ ‬المواجهة‭ ‬بين‭ ‬هاتين‭ ‬القوتين‭ ‬قد‭ ‬ينتقل‭ ‬من‭ ‬بحر‭ ‬الصين‭ ‬الجنوبي‭ ‬إلى‭ ‬الخليج‭ ‬العربي،‭ ‬والمواجهة‭ ‬بينهما‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬بالضرورة‭ ‬عسكرية‭ ‬تقليدية،‭ ‬وسيستخدم‭ ‬الطرفان‭ ‬فيها‭ ‬وسائل‭ ‬وأسلحة‭ ‬جديدة‭. ‬وفي‭ ‬إطار‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬بُدئ‭ ‬بالفعل‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬شبكة‭ ‬من‭ ‬المحاور‭ ‬والتفاهمات‭ ‬والتحالفات‭ ‬بين‭ ‬أطراف‭ ‬أخرى‭ ‬لها‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬منطقتنا‭ ‬مصالح‭ ‬وأطماع‭ ‬وأهداف‭ ‬متقاطعة؛‭ ‬منها‭ ‬روسيا‭ ‬وإيران‭ ‬وتركيا‭.‬

إن‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬وأخطر‭ ‬تجليات‭ ‬هذا‭ ‬المشهد‭ ‬المريب‭ ‬كان‭ ‬توقيع‭ ‬صفقة‭ ‬أو‭ ‬“معاهدة‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاستراتيجي”‭ ‬بين‭ ‬إيران‭ ‬والصين؛‭ ‬هذه‭ ‬المعاهدة‭ ‬أو‭ ‬الاتفاقية‭ ‬تتضمن‭ ‬9‭ ‬بنود‭ ‬و3‭ ‬ملاحق،‭ ‬واستغرق‭ ‬التوصل‭ ‬إليها‭ ‬خمس‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬المباحثات،‭ ‬وتم‭ ‬توقيعها‭ ‬في‭ ‬25‭ ‬فبراير‭ ‬الماضي‭. ‬وتؤسس‭ ‬لشراكة‭ ‬اقتصادية‭ ‬وأمنية‭ ‬واسعة،‭ ‬وتشمل‭ ‬برنامج‭ ‬تعاون‭ ‬متكاملا‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬مدته‭ ‬25‭ ‬عاما‭ ‬يغطي‭ ‬مجالات‭ ‬حيوية‭ ‬مثل‭ ‬النفط‭ ‬والتعدين‭ ‬والنقل‭ ‬وتعزيز‭ ‬النشاطات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والصناعية‭ ‬في‭ ‬إيران،‭ ‬وتطوير‭ ‬الموانئ‭ ‬الإيرانية‭ ‬وإنشاء‭ ‬خط‭ ‬سكة‭ ‬حديد‭ ‬بين‭ ‬إيران‭ ‬والعراق‭ ‬وسوريا‭ ‬وإنتاج‭ ‬السيارات،‭ ‬وستضخ‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬بموجب‭ ‬الاتفاقية‭ ‬استثمارات‭ ‬بقيمة‭ ‬400‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المجالات،‭ ‬كما‭ ‬تنص‭ ‬الاتفاقية‭ ‬على‭ ‬تعميق‭ ‬التعاون‭ ‬العسكري‭ ‬بين‭ ‬الجانبين،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬التدريبات‭ ‬والبحوث‭ ‬المشتركة،‭ ‬وتطوير‭ ‬الأسلحة‭ ‬ونظم‭ ‬الدفاع‭ ‬التقليدي‭ ‬والسبراني،‭ ‬وتبادل‭ ‬المعلومات‭ ‬الاستخباراتية‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬والمخدرات‭ ‬والاتجار‭ ‬بالبشر‭.‬

والأخطر‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬التعاون‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تفوق‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الحرب‭ ‬أو‭ ‬الهجمات‭ ‬الالكترونية‭ ‬والذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬فهو‭ ‬يتيح‭ ‬لها‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬شبكة‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعية‭ ‬الصينية،‭ ‬ويمكنها‭ ‬من‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الإلكتروني‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬بسط‭ ‬الهيمنة‭ ‬على‭ ‬محركات‭ ‬البحث‭ ‬ووسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والبريد‭ ‬الالكتروني‭ ‬وكسر‭ ‬الشفرات،‭ ‬بالاضافة‭ ‬إلى‭ ‬إنتاج‭ ‬الأجهزة‭ ‬اللوحية‭ ‬وأجهزة‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬المحمولة‭ ‬والهواتف‭ ‬الجوالة،‭ ‬وستحصل‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تحتاج‭ ‬من‭ ‬إمدادات‭ ‬نفطية‭ ‬إيرانية،‭ ‬بأسعار‭ ‬تفضيلية،‭ ‬وبشكل‭ ‬منتظم‭ ‬طيلة‭ ‬مدة‭ ‬الاتفاقية‭.‬

إلى‭ ‬جانب‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬إيران‭ ‬تجري‭ ‬مباحثات‭ ‬مماثلة‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬ودول‭ ‬مجاورة‭ ‬أخرى‭ ‬لعقد‭ ‬اتفاقيات‭ ‬مشابهة،‭ ‬وكانت‭ ‬إيران‭ ‬قد‭ ‬وقعت‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2001،‭ ‬اتفاقية‭ ‬تعاون‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬النووي‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬مدتها‭ ‬10‭ ‬سنوات،‭ ‬تم‭ ‬تمديدها‭ ‬بعد‭ ‬انقضاء‭ ‬مدتها‭ ‬الأولى‭ ‬إلى‭ ‬20‭ ‬سنة‭ ‬أخرى‭. ‬

حيال‭ ‬هذه‭ ‬التطورات‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬بامكان‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬الخليجية‭ ‬البقاء‭ ‬على‭ ‬مدرجات‭ ‬المتفرجين،‭ ‬فالاتفاقية‭ ‬الصينية‭ ‬الإيرانية‭ ‬شكلت‭ ‬نقطة‭ ‬تحول‭ ‬هزت‭ ‬وأخلت‭  ‬بقواعد‭ ‬وتوازنات‭ ‬الأمن‭ ‬في‭ ‬الخليج،‭ ‬وزادت‭ ‬من‭ ‬تعقيداته،‭ ‬واخترقت‭ ‬منظومة‭ ‬التحالفات‭ ‬الأمنية‭ ‬التقليدية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تهيمن‭ ‬عليها،‭ ‬كما‭ ‬إنها‭ ‬أجهضت‭ ‬الخيارات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬بالنسبة‭ ‬للدول‭ ‬العربية‭ ‬الخليجية،‭ ‬بمعنى‭ ‬أنها‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬قطع‭ ‬الطريق‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬إذا‭ ‬رغبت‭ ‬أو‭ ‬اضطرت‭ ‬للاتجاه‭ ‬شرقًا،‭ ‬لأن‭ ‬إيران‭ ‬قد‭ ‬سبقتهم‭ ‬بالفعل‭ ‬إلى‭ ‬تلك‭ ‬الوجهة‭ ‬وأصبحت‭ ‬حليف‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭.‬

الدول‭ ‬العربية‭ ‬الخليجية‭ ‬لم‭ ‬تفاجأ‭ ‬بالتوقيع‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقية‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬فبراير‭ ‬الماضي،‭ ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬تسريب‭ ‬معلومات‭ ‬عنها‭ ‬من‭ ‬الجانبين‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬المباحثات‭ ‬حولها‭ ‬قبل‭ ‬خمس‭ ‬سنوات،‭ ‬ولعل‭ ‬أحد‭ ‬أغراض‭ ‬التسريب‭ ‬كان‭ ‬جس‭ ‬نبض‭ ‬ومعرفة‭ ‬ردود‭ ‬فعل‭ ‬هذه‭ ‬الدول،‭ ‬ولا‭ ‬يوجد‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬ما‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬أبدت‭ ‬أي‭ ‬اعتراض‭ ‬أو‭ ‬تحفظ‭ ‬أو‭ ‬حاولت‭ ‬عرقلة‭ ‬إبرام‭ ‬الاتفاق‭ ‬بتوفير‭ ‬اغراءات‭ ‬وخيارات‭ ‬أفضل‭ ‬للصين‭ ‬لثنيها‭ ‬عن‭ ‬الدخول‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬المستوى‭ ‬المتطور‭ ‬من‭ ‬التحالف‭ ‬والتعاون‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬العميق‭.‬

وحسنا‭ ‬فعلت‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬الخليجية،‭ ‬فهي‭ ‬تدرك‭ ‬أنها‭ ‬لن‭ ‬تستطيع‭ ‬إقناع‭ ‬أو‭ ‬منع‭ ‬الصين‭ ‬من‭ ‬إبرام‭ ‬الاتفاقية‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬قوة‭ ‬الموقف‭ ‬التفاوضي‭ ‬لهذه‭ ‬الدول‭ ‬معها،‭ ‬فالصين‭ ‬أكبر‭ ‬شريك‭ ‬تجاري‭ ‬لها،‭ ‬وبلغ‭ ‬حجم‭ ‬التبادل‭ ‬التجاري‭ ‬بينهما‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬من‭ ‬190‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬أميركي‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2019‭.‬‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬لإيران‭ ‬بالنسبة‭ ‬للصين‭ ‬أهمية‭ ‬كبرى؛‭ ‬فإلى‭ ‬جانب‭ ‬توفير‭ ‬النفط‭ ‬للصين؛‭ ‬فإن‭ ‬موقعها‭ ‬الجغرافي‭ ‬يعتبر‭ ‬شديد‭ ‬الحساسية‭ ‬وبالغ‭ ‬الأهمية‭ ‬لتنفيذ‭ ‬مشروع‭ ‬“الحزام‭ ‬والطريق”‭ ‬الصيني؛‭ ‬الذي‭ ‬يشمل‭ ‬بناء‭ ‬طرق‭ ‬تربط‭ ‬الصين‭ ‬ببقية‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬مما‭ ‬يمكنها‭ ‬من‭ ‬توسيع‭ ‬نفوذها‭ ‬كقوة‭ ‬عالمية،‭ ‬إيران‭ ‬هي‭ ‬حلقة‭ ‬أساسية‭ ‬ومن‭ ‬أهم‭ ‬مفاصل‭ ‬ونقاط‭ ‬الارتكاز‭ ‬لهذا‭ ‬المشروع‭.‬

وليس‭ ‬سرا‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬الخليجية،‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬غالبيتها،‭ ‬لا‭ ‬تتمنى‭ ‬ولا‭ ‬ترغب‭ ‬في‭ ‬توصل‭ ‬إيران‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬مباحثات‭ ‬فيينا‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬حول‭ ‬رفع‭ ‬العقوبات‭ ‬عن‭ ‬إيران‭ ‬وإحياء‭ ‬“الاتفاق‭ ‬النووي”‭ ‬الذي‭ ‬انسحب‭ ‬منه‭ ‬الرئيس‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب،‭ ‬والذي‭ ‬يسعى‭ ‬الرئيس‭ ‬بايدن‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬تفعيله‭ ‬بصيغة‭ ‬جديدة‭. ‬إن‭ ‬الاتفاقية‭ ‬الصينية‭ ‬الإيرانية‭ ‬ستجعل‭ ‬تحقيق‭ ‬اتفاق‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وإيران‭ ‬حول‭ ‬رفع‭ ‬العقوبات‭ ‬وإحياء‭ ‬“الاتفاق‭ ‬النووي”‭ ‬أكثر‭ ‬صعوبة‭ ‬وتعقيدا،‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مستحيلا‭.‬

ولرب‭ ‬ضارة‭ ‬نافعة؛‭ ‬فالاتفاقية‭ ‬الصينية‭ ‬الإيرانية‭ ‬قلبت‭ ‬حسابات‭ ‬واشنطن‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬إذ‭ ‬ليس‭ ‬سرا‭ ‬أيضًا‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬الخليجية‭ ‬كانت‭ ‬قلقة‭ ‬ومتوجسة‭ ‬من‭ ‬خطط‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وقرارها‭ ‬الانسحاب‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬أو‭ ‬تقليص‭ ‬تواجدها‭ ‬فيها‭ ‬إلى‭ ‬أقل‭ ‬قدر‭ ‬ممكن؛‭ ‬ولأن‭ ‬الاتفاقية‭ ‬الصينية‭ ‬الإيرانية‭ ‬تتحدى‭ ‬النفوذ‭ ‬الأميركي‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬بشكل‭ ‬سافر‭ ‬فإنها‭ ‬ستفرض‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬التراجع‭ ‬والتخلي‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الخطط‭ ‬والقرارات،‭ ‬واعادة‭ ‬ترتيب‭ ‬أولوياتها‭ ‬الاستراتيجية؛‭ ‬بحيث‭ ‬تعود‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬وفي‭ ‬صدارة‭ ‬أولوياتها‭ ‬واهتماماتها،‭ ‬ويضطرها‭ ‬إلى‭ ‬البقاء‭ ‬وتعزيز‭ ‬وجودها‭ ‬فيها‭. ‬وفي‭ ‬السياق‭ ‬ذاته،‭ ‬وكما‭ ‬هو‭ ‬معروف‭ ‬فإن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬النفط‭ ‬الخليجي‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬إلا‭ ‬أنها،‭ ‬دون‭ ‬أدنى‭ ‬شك،‭ ‬ليست‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬لأن‭ ‬تسمح‭ ‬لقوة‭ ‬أخرى،‭ ‬وبالذات‭ ‬الصين،‭ ‬بالسيطرة‭ ‬على‭ ‬منطقة‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬60‭% ‬من‭ ‬احتياط‭ ‬النفط‭ ‬العالمي،‭ ‬وهذا‭ ‬أيضًا‭ ‬ما‭ ‬سيفرض‭ ‬عليها‭ ‬استمرار‭ ‬البقاء‭ ‬والالتزام‭ ‬بأمن‭ ‬وسلامة‭ ‬المنطقة‭.‬

وبصلة‭ ‬مباشرة‭ ‬بقضية‭ ‬الأمن‭ ‬بالمنطقة،‭ ‬فإن‭ ‬شروع‭ ‬إيران‭ ‬والصين‭ ‬بالتفاوض‭ ‬ثم‭ ‬التوقيع‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقية‭ ‬بجوانبها‭ ‬الأمنية‭ ‬والعسكرية‭ ‬والاستخباراتية‭ ‬كان‭ ‬الدافع‭ ‬والمبرر‭ ‬لإقدام‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية‭ ‬العربية‭ ‬على‭ ‬تطبيع‭ ‬علاقاتها‭ ‬بإسرائيل،‭ ‬سرا‭ ‬أو‭ ‬علانية،‭ ‬والدخول‭ ‬معها‭ ‬في‭ ‬ترتيبات‭ ‬أمنية،‭ ‬سرا‭ ‬أو‭ ‬علانية‭ ‬أيضًا،‭ ‬بعد‭ ‬إدراك‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬لما‭ ‬تمثله‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقية‭ ‬من‭ ‬أخطار‭ ‬وتحديات‭ ‬وتهديدات‭ ‬أمنية‭ ‬واضحة‭ ‬على‭ ‬أمنها‭ ‬وسلامة‭ ‬مقدراتها‭ ‬ومستقبل‭ ‬شعوبها‭.‬

المساحة‭ ‬المتاحة‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الصفحة‭ ‬لا‭ ‬تسمح‭ ‬بالتطرق‭ ‬إلى‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التفاصيل‭ ‬حول‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬الخطير‭ ‬المهم،‭ ‬فنكتفي‭ ‬في‭ ‬الختام‭ ‬بالإشارة‭ ‬السريعة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التحالفات‭ ‬الأمنية‭ ‬والعسكرية‭ ‬التي‭ ‬تحاك‭ ‬حول‭ ‬الدول‭  ‬العربية‭ ‬الخليجية‭ ‬وما‭ ‬تحمله‭ ‬من‭ ‬أخطار‭ ‬وتهديدات‭ ‬تفرض‭ ‬عليها‭ ‬ضرورة‭ ‬الإسراع‭ ‬في‭ ‬إعادة‭  ‬هيكلة‭ ‬منظومتها‭ ‬الأمنية‭ ‬والدفاعية‭ ‬لتشمل‭ ‬تعميق‭ ‬وتعزيز‭ ‬التحالف‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وتوثيق‭ ‬علاقاتها‭ ‬وترتيباتها‭ ‬الأمنية‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل،‭ ‬ودعوة‭ ‬الهند‭ ‬إلى‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬المنظومة؛‭ ‬فالهند‭ ‬بدورها‭ ‬تراقب‭ ‬هذه‭ ‬التطورات‭ ‬بقلق‭ ‬شديد؛‭ ‬خصوصًا‭ ‬التقارب‭ ‬المتزايد‭ ‬بين‭ ‬الصين‭ ‬والباكستان‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬مشروع‭  ‬“الممر‭ ‬الاقتصادي‭ ‬بين‭ ‬الصين‭ ‬والباكستان‭ (‬CPEC‭).‬