البحرين و”الصحة العالمية”

| د. عبدالله الحواج

ليس‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬اعتراف‭ ‬دولي‭ ‬لأن‭ ‬الإنجاز‭ ‬البحريني‭ ‬عالمي،‭ ‬والصعود‭ ‬إلى‭ ‬القمم‭ ‬الهائلة‭ ‬والكون‭ ‬عن‭ ‬بكرة‭ ‬أبيه‭ ‬يواجه‭ ‬أشرس‭ ‬جائحة‭ ‬وبائية‭ ‬في‭ ‬التاريخ،‭ ‬هذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتعلم‭ ‬من‭ ‬الدرس؛‭ ‬لأن‭ ‬الدرس‭ ‬مازال‭ ‬داخل‭ ‬فصول‭ ‬“التقوية”،‭ ‬ولأن‭ ‬الجائحة‭ ‬ممتدة‭ ‬ومتعايشة‭ ‬مع‭ ‬إنسان‭ ‬هذا‭ ‬الكون‭ ‬الضعيف،‭ ‬ولأن‭ ‬البحرين‭ ‬السباقة‭ ‬دائمًا‭ ‬وأبدًا‭ ‬تمكنت‭ ‬وخلال‭ ‬أشهر‭ ‬قليلة‭ ‬من‭ ‬التألق‭ ‬والتحكم‭ ‬والانضباط،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مثلًا‭ ‬يحتذى،‭ ‬نموذجًا‭ ‬للنماذج‭ ‬الطالعة،‭ ‬قدرة‭ ‬ضمن‭ ‬عالم‭ ‬يبحث‭ ‬دائمًا‭ ‬عن‭ ‬خلاص‭ ‬الخلاص‭ ‬من‭ ‬كورونا‭ ‬وكل‭ ‬كورونا،‭ ‬من‭ ‬الجائحة‭ ‬وأي‭ ‬جائحة‭.‬

المدير‭ ‬العالم‭ ‬لمنظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬الدكتور‭ ‬تيدروس‭ ‬غيبريسوس‭ ‬زار‭ ‬البحرين‭ ‬خلال‭ ‬الأسبوع‭ ‬المنصرم،‭ ‬وعاد‭ ‬إلى‭ ‬مقر‭ ‬المنظمة‭ ‬منبهرًا‭ ‬بالتجربة،‭ ‬كيف‭ ‬تمكنت‭ ‬المملكة‭ ‬الفتية‭ ‬صغيرة‭ ‬الجغرافيا‭ ‬محدودة‭ ‬السكان‭ ‬من‭ ‬الفيروس،‭ ‬كيف‭ ‬حجمت‭ ‬انتشاره،‭ ‬وتفوقت‭ ‬على‭ ‬تحوراته،‭ ‬وكيف‭ ‬صعدت‭ ‬إلى‭ ‬منصة‭ ‬التتويج‭ ‬وأعداد‭ ‬الإصابات‭ ‬اليومية‭ ‬في‭ ‬المتوسط‭ ‬خلال‭ ‬الشهر‭ ‬الماضي‭ ‬لم‭ ‬تزد‭ ‬على‭ ‬المئة‭ ‬مصاب‭ ‬والوفيات‭ ‬إلى‭ ‬أقل‭ ‬القليل،‭ ‬واللقاحات‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬أرباع‭ ‬السكان،‭ ‬سواء‭ ‬اللقاح‭ ‬الأساسي‭ ‬أو‭ ‬الجرعات‭ ‬المنشطة،‭ ‬والفحوصات‭ ‬إلى‭ ‬نحو‭ ‬ستة‭ ‬ملايين‭ ‬فحص،‭ ‬أي‭ ‬أربع‭ ‬مرات‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬السكان،‭ ‬بواقع‭ ‬أربعة‭ ‬فحوصات‭ ‬لكل‭ ‬مواطن‭ ‬ومقيم‭.‬

الذي‭ ‬أدهش‭ ‬“مدير‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية”‭ ‬أيضًا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الإنجاز‭ ‬تم‭ ‬بالمجان،‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬إضافة‭ ‬أية‭ ‬تكاليف‭ ‬مالية‭ ‬لا‭ ‬على‭ ‬المواطن‭ ‬ولا‭ ‬على‭ ‬المقيم،‭ ‬جميعهم‭ ‬حصلوا‭ ‬على‭ ‬التطعيمات‭ ‬وجميعهم‭ ‬أجروا‭ ‬الفحوصات‭ ‬“PCR”‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أية‭ ‬أعباء‭ ‬وفي‭ ‬أي‭ ‬وقت‭.‬

حالة‭ ‬استثنائية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬الذي‭ ‬شهد‭ ‬متاجرة‭ ‬بالجائحة‭ ‬والفرض‭ ‬على‭ ‬الشعوب‭ ‬فحوصات‭ ‬باهظة‭ ‬التكاليف،‭ ‬وتطعيمات‭ ‬بالكاد‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬مستحقيها‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬مستحقيها،‭ ‬البحرين‭ ‬بالفعل‭ ‬قدوة،‭ ‬وبالفعل‭ ‬مثلًا‭ ‬يحتذى،‭ ‬لذلك‭ ‬مدير‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬سيبلغ‭ ‬العالم‭ ‬بتجربة‭ ‬أرض‭ ‬الخلود،‭ ‬بقدرتها‭ ‬على‭ ‬التعامل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬فريق‭ ‬وطني‭ ‬يرأسه‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬على‭ ‬أعلى‭ ‬درجة‭ ‬من‭ ‬الكفاءة‭ ‬والإتقان‭.‬

انتقلنا‭ ‬ومررنا‭ ‬بجميع‭ ‬الألوان،‭ ‬من‭ ‬الأحمر‭ ‬إلى‭ ‬البرتقالي‭ ‬إلى‭ ‬الأخضر،‭ ‬وبالعكس،‭ ‬ومررنا‭ ‬مرة‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬البرتقالي‭ ‬إلى‭ ‬الأخضر،‭ ‬وبالعكس،‭ ‬حتى‭ ‬استقر‭ ‬بنا‭ ‬الحال‭ ‬عند‭ ‬اللون‭ ‬الأخضر‭ ‬وتم‭ ‬فتح‭ ‬الاقتصاد‭ ‬على‭ ‬مصراعيه،‭ ‬حدث‭ ‬ذلك‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تعلمنا‭ ‬من‭ ‬الدرس‭ ‬جيدًا،‭ ‬حتى‭ ‬فهمنا‭ ‬أن‭ ‬الاستخفاف‭ ‬بالجائحة‭ ‬خطر‭ ‬داهم،‭ ‬وموت‭ ‬محقق،‭ ‬وأن‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تجاهلت‭ ‬الوباء‭ ‬غرقت‭ ‬فيه،‭ ‬وأن‭ ‬الشعوب‭ ‬التي‭ ‬غضت‭ ‬الطرف‭ ‬عن‭ ‬تداعياته‭ ‬وتحوراته‭ ‬غطست‭ ‬في‭ ‬المخاطر،‭ ‬وضاعت‭ ‬في‭ ‬المقاطعة،‭ ‬وتوارت‭ ‬عن‭ ‬الأنظار‭.‬

لقد‭ ‬أصبحت‭ ‬البحرين‭ ‬ماركة‭ ‬مسجلة‭ ‬لمواجهة‭ ‬الوباء،‭ ‬“براند”‭ ‬يمكن‭ ‬التعويل‭ ‬والاعتماد‭ ‬عليه،‭ ‬البروتوكول‭ ‬البحريني‭ ‬بات‭ ‬علامة‭ ‬صحة‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬ينشد‭ ‬الصحة‭ ‬والعافية،‭ ‬والإجراءات‭ ‬الوطنية‭ ‬أصبحت‭ ‬مهيأة‭ ‬لكي‭ ‬تُدرس‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬والمعاهد‭ ‬الصحية‭ ‬ووزارات‭ ‬الصحة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬بلدان‭ ‬العالم‭.‬

أما‭ ‬شعب‭ ‬البحرين،‭ ‬فهو‭ ‬مع‭ ‬الفريق‭ ‬الوطني‭ ‬وأبطال‭ ‬الصفوف‭ ‬الأمامية‭ ‬سوف‭ ‬يذكرهم‭ ‬التاريخ‭ ‬بكل‭ ‬فخر‭ ‬وفخار،‭ ‬بكل‭ ‬اعتزاز‭ ‬وانبهار،‭ ‬وبكل‭ ‬إجلال‭ ‬وإكبار،‭ ‬فما‭ ‬تحقق‭ ‬في‭ ‬عمر‭ ‬الأرض‭ ‬من‭ ‬معجزات‭ ‬لا‭ ‬يتحقق‭ ‬كثيرًا،‭ ‬وما‭ ‬حققته‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬تعاطيها‭ ‬مع‭ ‬الجائحة،‭ ‬وتفانيها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حماية‭ ‬الإنسان‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الإنسان‭ ‬يعتبر‭ ‬معجزة‭ ‬بمقاييس‭ ‬هذا‭ ‬الزمان،‭ ‬وملحمة‭ ‬بمقاييس‭ ‬كل‭ ‬زمان‭.‬