لمحات

مندوبو التوصيل

| د.علي الصايغ

تناولت‭ ‬في‭ ‬مقال‭ ‬سابق‭ ‬موضوع‭ ‬ضرورة‭ ‬مراعاة‭ ‬مندوبي‭ ‬التوصيل‭ ‬والانتباه‭ ‬لهم‭ ‬في‭ ‬الشوارع‭ ‬وهم‭ ‬يستغلون‭ ‬وسيلة‭ ‬مواصلات‭ ‬خطرة‭ (‬الدراجات‭ ‬النارية‭)‬،‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬أن‭ ‬منهم‭ ‬من‭ ‬يلقى‭ ‬حتفه،‭ ‬كما‭ ‬تتعاظم‭ ‬هذه‭ ‬الضرورة‭ ‬في‭ ‬أجواء‭ ‬الصيف‭ ‬شديدة‭ ‬الحرارة،‭ ‬والتي‭ ‬يبذل‭ ‬فيها‭ ‬هؤلاء‭ ‬العمال‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الجهد‭ ‬والتعب،‭ ‬وهم‭ ‬يشقون‭ ‬طلباً‭ ‬للرزق‭ ‬وسد‭ ‬حاجة‭ ‬أسرهم‭ ‬وأبنائهم‭.‬

في‭ ‬المقابل،‭ ‬هناك‭ ‬فئة‭ ‬قليلة‭ ‬بالطبع،‭ ‬لا‭ ‬تلتزم‭ ‬بأخلاقيات‭ ‬المهنة،‭ ‬وتصيب‭ ‬الآخرين‭ ‬بالضرر،‭ ‬ومنها‭ ‬مواقف‭ ‬كثيرة‭ ‬حصلت،‭ ‬انتشرت‭ ‬في‭ ‬مقاطع‭ ‬فيديو‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬مقطع‭ ‬فيديو‭ ‬التقط‭ ‬من‭ ‬كاميرات‭ ‬المراقبة‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬أظن‭ ‬وهو‭ ‬يُظهر‭ ‬مندوب‭ ‬التوصيل‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬وهو‭ ‬يبصق‭ ‬في‭ ‬القهوة‭ ‬التي‭ ‬جلبها‭ ‬للزبون،‭ ‬وهي‭ ‬تصرفات‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تصدر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬مندوب،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يعلم‭ ‬الزبون‭ ‬بذلك،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬مقطع‭ ‬فيديو‭ ‬قديم‭ ‬لعامل‭ ‬توصيل‭ ‬وهو‭ ‬يأكل‭ ‬من‭ ‬الطلبية‭ ‬قبل‭ ‬توصيلها‭ ‬إلى‭ ‬الزبون،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬مواقف‭ ‬وتصرفات‭ ‬بذيئة‭ ‬موثقة،‭ ‬وأخرى‭ ‬بكل‭ ‬تأكيد‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬توثيقها‭.‬

وهنا‭ ‬يأتي‭ ‬دور‭ ‬شركات‭ ‬التوصيل‭ ‬والمطاعم‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬بأن‭ ‬تأخذ‭ ‬على‭ ‬عاتقها‭ ‬مراقبة‭ ‬ومُتابعة‭ ‬مندوبيها،‭ ‬وأن‭ ‬يضمنوا‭ ‬تقديم‭ ‬خدماتهم‭ ‬بشكل‭ ‬صحيح،‭ ‬بدون‭ ‬هذه‭ ‬التجاوزات‭ ‬البعيدة‭ ‬عن‭ ‬الأخلاق،‭ ‬ويمكن‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وضع‭ ‬الكاميرات‭ ‬المرافقة‭ ‬للمندوبين‭ ‬مثلاً،‭ ‬أو‭ ‬إحكام‭ ‬غلق‭ ‬حافظات‭ ‬الأكل‭ ‬بطريقة‭ ‬لا‭ ‬تمكن‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬فتحها‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬طريقها‭ ‬إلى‭ ‬الزبون،‭ ‬أو‭ ‬أية‭ ‬ضمانات‭ ‬أخرى‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تحول‭ ‬دون‭ ‬حصول‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الممارسات‭ ‬المشينة‭.‬

وأعتقد‭ ‬أن‭ ‬الحاجة‭ ‬ماسة‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬لتشديد‭ ‬الرقابة،‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬شركات‭ ‬التوصيل‭ ‬والمطاعم‭ ‬وحسب،‭ ‬بل‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬الحكومية‭ ‬المعنية،‭ ‬والتي‭ ‬تتحمل‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المسؤولية،‭ ‬خصوصا‭ ‬والإقبال‭ ‬صار‭ ‬مُتزايداً‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة‭ ‬على‭ ‬طلبات‭ ‬التوصيل‭ ‬للمنازل،‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬احتمالات‭ ‬حدوث‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الممارسات‭ ‬والحوادث،‭ ‬والتي‭ ‬تعرض‭ ‬صحة‭ ‬ومصالح‭ ‬الناس‭ ‬إلى‭ ‬الخطر‭ ‬دون‭ ‬علمهم‭ ‬بذلك‭.‬