زبدة القول

العنصرية في الغرب

| د. بثينة خليفة قاسم

خلال‭ ‬الدورة‭ ‬الكروية‭ ‬يورو‭ ‬2020‭ ‬التي‭ ‬أقيمت‭ ‬مؤخرا‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬قرر‭ ‬أحد‭ ‬مقدمي‭ ‬البرامج‭ ‬في‭ ‬قناة‭ ‬“جي‭ ‬بي‭ ‬نيوز”‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬حققت‭ ‬نجاحات‭ ‬كبيرة‭ ‬منذ‭ ‬إنشائها‭ ‬مؤخرا،‭ ‬أن‭ ‬يمارس‭ ‬عملية‭ ‬الركوع‭ ‬على‭ ‬الركبتين‭ ‬كإشارة‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬بعض‭ ‬لاعبي‭ ‬كرة‭ ‬القدم،‭ ‬وتعني‭ ‬رفض‭ ‬العنصرية‭ ‬أو‭ ‬إعلانا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬من‭ ‬يمارسها‭ ‬أنه‭ ‬ضد‭ ‬العنصرية‭.‬

وتم‭ ‬تبني‭ ‬هذه‭ ‬الإشارة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬لاعب‭ ‬أسود‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬كنوع‭ ‬من‭ ‬الاحتجاج‭ ‬على‭ ‬العنصرية‭ ‬التي‭ ‬تجلت‭ ‬بشكل‭ ‬فج‭ ‬خلال‭ ‬مقتل‭ ‬الأميركي‭ ‬جورج‭ ‬فلويد‭ ‬الذي‭ ‬تفجرت‭ ‬بسببه‭ ‬المظاهرات‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وفي‭ ‬بريطانيا‭ ‬وغيرهما،‭ ‬وأدى‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬نشاط‭ ‬كبير‭ ‬لما‭ ‬يسمى‭ ‬بحركة‭ ‬“حياة‭ ‬السود‭ ‬مهمة”،‭ ‬ومنذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭ ‬يقوم‭ ‬بعض‭ ‬اللاعبين‭ ‬باتباع‭ ‬هذا‭ ‬التقليد‭ ‬قبل‭ ‬بدء‭ ‬مباريات‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬التي‭ ‬يشاهدها‭ ‬الملايين‭ ‬في‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭.‬

وربما‭ ‬تشجع‭ ‬المذيع‭ ‬البريطاني‭ ‬المشار‭ ‬إليه‭ ‬فقام‭ ‬بممارسة‭ ‬هذه‭ ‬الإشارة‭ ‬عندما‭ ‬وجد‭ ‬أن‭ ‬الفريق‭ ‬الكروي‭ ‬البريطاني‭ ‬قام‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬مبارياته‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الدورة‭ ‬بممارستها‭ ‬قبل‭ ‬بدء‭ ‬هذه‭ ‬المباريات،‭ ‬لكن‭ ‬ماذا‭ ‬كانت‭ ‬النتيجة‭ ‬وما‭ ‬الذي‭ ‬حدث‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬المذيع‭ ‬ومع‭ ‬هذه‭ ‬القناة‭ ‬الإخبارية‭ ‬التي‭ ‬ولدت‭ ‬عملاقة‭ ‬لكي‭ ‬تنافس‭ ‬البي‭ ‬بي‭ ‬سي؟

الذي‭ ‬حدث‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬نسبة‭ ‬مشاهدة‭ ‬هذه‭ ‬القناة‭ ‬انخفضت‭ ‬إلى‭ ‬معدلات‭ ‬ضئيلة‭ ‬جدا‭ ‬خلال‭ ‬أوقات‭ ‬الذروة‭ ‬وتحولت‭ ‬الغالبية‭ ‬العظمى‭ ‬من‭ ‬البريطانيين‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬القناة،‭ ‬خصوصا‭ ‬أنها‭ ‬قناة‭ ‬يمينية‭ ‬أنشئت‭ ‬أصلا‭ ‬لرفض‭ ‬الأفكار‭ ‬اليسارية‭ ‬ورفض‭ ‬الأفكار‭ ‬المناصرة‭ ‬للسود‭ ‬وغيرهم‭ ‬من‭ ‬الأقليات،‭ ‬وبناء‭ ‬عليه‭ ‬تعرضت‭ ‬القناة‭ ‬لهزة‭ ‬كبيرة‭ ‬وأصبح‭ ‬وجود‭ ‬ذلك‭ ‬المذيع‭ ‬نفسه‭ ‬على‭ ‬شاشتها‭ ‬في‭ ‬مهب‭ ‬الريح‭ ‬التي‭ ‬رفضت‭ ‬مجرد‭ ‬إشارة‭ ‬تأييد‭ ‬أطلقها‭ ‬ذلك‭ ‬المذيع‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يرتكب‭ ‬شيئا‭ ‬سوى‭ ‬أنه‭ ‬أعلن‭ ‬رفضه‭ ‬العنصرية‭ ‬والتمييز‭.‬

خلاصة‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬كل‭ ‬مجتمع‭ ‬له‭ ‬مشكلاته‭ ‬وأمراضه‭ ‬ومن‭ ‬أكثر‭ ‬أمراض‭ ‬الغرب‭ ‬انتشارا‭ ‬وضررا‭ ‬مرض‭ ‬العنصرية‭ ‬واحتقار‭ ‬الغير‭ ‬والاعتداء‭ ‬على‭ ‬غير‭ ‬البيض،‭ ‬فما‭ ‬الذي‭ ‬يفعله‭ ‬البرلمان‭ ‬الأوروبي‭ ‬مثلا‭ ‬للتصدي‭ ‬لمثل‭ ‬هذه‭ ‬الممارسات‭ ‬العنصرية؟‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬البرلمان‭ ‬الأوروبي‭ ‬خلق‭ ‬فقط‭ ‬لإعطاء‭ ‬دروس‭ ‬في‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬للدول‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية؟‭.‬