الربيع الطالباني
| د. طارق آل شيخان الشمري
القرار الذي اتخذه الرئيس بوش الابن بغزو أفغانستان كان من أجل أمرين سعت لهما السياسة الأميركية طويلة الأجل التي تهدف لإشعال القلاقل بمختلف المناطق لضمان استمرار قيادة واشنطن الأزمات، وهما القضاء على طالبان التي خرجت من رحم ما يسمى بالمجاهدين الأفغان الذين رعتهم الاستخبارات الأميركية لمحاربة الروس، والأمر الثاني هو نشر الديمقراطية بأفغانستان، لكن في النهاية فشلت الديمقراطية وداس عليها الأفغان، ووقعت واشنطن اتفاقية مع العدو الطالباني الذي حاربته طوال عشرين سنة لتترك الساحة له، والنتيجة المنطقية لهذا الأمر فشل واشنطن بمشروعها في أفغانستان.
لكن لو سلمنا بأن ما فعله الديمقراطيون بانسحابهم من أفغانستان ليس فشلا بل إنه تكتيت أو سياسة جديدة بأفغانستان، فإن السياسة الوحيدة أو التكتيك الوحيد المقبول منطقيا وواقعيا يتمثل في عنوان واحد هو “الربيع الطالباني” على غرار مؤامرة الربيع العربي، وبشكل أكثر تحديدا هو نشر الفوضى وولادة تنظيم إرهابي جديد لينضم إلى شقيقيه القاعدة وداعش.
ولو انتقدنا أحدا بخطأ النقطة أعلاه وهي الفشل الأميركي بأفغانستان، فإن ذلك سيقودنا، وأتمنى ألا أكون محقا في ذلك، إلى سيناريو أشد مرارة وأكثر تدميرا، وفوضى ستعم محيط أفغانستان بل والمحيط العربي، بمعنى أنه كما دعمت واشنطن ما يسمى بالمجاهدين الأفغان، ونتج عن ذلك تنظيم القاعدة الذي استهدف أيضا البلاد العربية والإسلامية حتى هذه اللحظة، واستفادت منه جهات غربية، من إعلاميين وسياسيين ومفكرين، لتصوير الإسلام على أنه دين إرهاب، وكما دعمت واشنطن ما يسمى بديمقراطية العراق عندما غزته عام 2003، وأصبح العراق مستنقعا للإرهاب والتغلغل الإيراني والفساد والتخلف، وكما دعمت واشنطن مؤامرة الربيع العربي، ونتج عن ذلك احتلال إيران 4 عواصم عربية، واحتلال العثمانيين دولتين عربيتين، وولادة تنظيم إرهابي جديد هو داعش، فإن دعم واشنطن لطالبان، عن طريق توقيع اتفاق معها وانسحابها من أفغانستان، سينتج عنه ربيع طالباني جديد يستهدف روسيا والصين والدول المجاورة لأفغانستان، وستولد تنظيمات إرهابية جديدة ستجعل وسط آسيا يعيش الفوضى، وعليه، علينا الاستعداد من الآن لهذا السيناريو، والضرب بيد من حديد على كل من يحاول المساس بالأمن العربي.