ومضة قلم

لماذا هم مبدعون؟

| محمد المحفوظ

بين‭ ‬آونة‭ ‬وأخرى‭ ‬تبرز‭ ‬وكالات‭ ‬الأنباء‭ ‬قصصا‭ ‬لأطفال‭ ‬بالغة‭ ‬الإثارة‭ ‬والغرابة،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬أنّ‭ ‬فتاة‭ ‬أميركية‭ ‬تدعى‭ ‬“روث”‭ ‬يناهز‭ ‬عمرها‭ ‬السنوات‭ ‬العشر‭ ‬تهوى‭ ‬حضور‭ ‬محاضرات‭ ‬الرياضيات‭ ‬المعقدة،‭ ‬واستطاعت‭ ‬أن‭ ‬تصحح‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المعلومات‭ ‬للأستاذ‭ ‬المحاضر،‭ ‬كما‭ ‬أنّها‭ ‬ونظرا‭ ‬لما‭ ‬تمتلك‭ ‬من‭ ‬ذكاء‭ ‬حاد‭ ‬وطاقة‭ ‬فكرية‭ ‬مذهلة‭ ‬استطاعت‭ ‬أن‭ ‬تتفوق‭ ‬على‭ ‬600‭ ‬طالب‭ ‬من‭ ‬طلاب‭ ‬الرياضيات‭ ‬وجميعهم‭ ‬أكبر‭ ‬سناً‭ ‬منها،‭ ‬ونتيجة‭ ‬لمستواها‭ ‬الذهني‭ ‬الخلاق‭ ‬خصصت‭ ‬لها‭ ‬الجامعة‭ ‬مكانا‭ ‬للتدريس‭!‬

وقبل‭ ‬أيام‭ ‬شاهدت‭ ‬مقطع‭ ‬فيديو‭ ‬لطفل‭ ‬ينتمي‭ ‬لإحدى‭ ‬البلدان‭ ‬العربية،‭ ‬ويبلغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬12،‭ ‬استطاع‭ ‬أن‭ ‬يؤلف‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬الكتب،‭ ‬كان‭ ‬الكتاب‭ ‬الأول‭ ‬بعنوان‭ ‬“صفحات‭ ‬من‭ ‬عادات‭ ‬الشعوب”‭ ‬والآخر‭ ‬“روافد‭ ‬المعرفة”،‭ ‬أما‭ ‬الكتاب‭ ‬الثالث‭ ‬فإنه‭ ‬يتعلق‭ ‬بـ‭ ‬“الأمراض‭ ‬الانتقالية‭ ‬الشائعة‭ ‬المنتشرة‭ ‬بين‭ ‬طلبة‭ ‬المدارس”،‭ ‬وعندما‭ ‬سأله‭ ‬المحاور‭ ‬عن‭ ‬أهم‭ ‬عامل‭ ‬دفعه‭ ‬للتأليف‭ ‬أجاب‭ ‬أنّ‭ ‬البيئة‭ ‬المنزلية‭ ‬التي‭ ‬نشأ‭ ‬فيها‭ ‬شجعته‭ ‬على‭ ‬البحث‭ ‬والتأليف‭. ‬

وغالبا‭ ‬ما‭ ‬يفاجئ‭ ‬الأطفال‭ ‬معلميهم‭ ‬وآباءهم‭ ‬بأسئلة‭ ‬تنم‭ ‬عن‭ ‬عقول‭ ‬تفوق‭ ‬أعمارهم‭ ‬ويقع‭ ‬الآباء‭ ‬في‭ ‬حرج‭ ‬وحيرة‭ ‬نتيجة‭ ‬قلة‭ ‬الخبرة‭. ‬المعضلة‭ ‬الكبرى‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬إجابات‭ ‬تفتقر‭ ‬إلى‭ ‬المنطق،‭ ‬والأدهى‭ ‬أنه‭ ‬يتم‭ ‬التعامل‭ ‬إزاءها‭ ‬بالقمع‭ ‬عندما‭ ‬يضيقون‭ ‬ذرعا‭ ‬بتلك‭ ‬الأسئلة،‭ ‬والذي‭ ‬أكدته‭ ‬البحوث‭ ‬التربوية‭ ‬أنّ‭ ‬لدى‭ ‬الأطفال‭ ‬طاقات‭ ‬هائلة‭ ‬تتفجر‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬الأحيان‭ ‬على‭ ‬هيئة‭ ‬أسئلة‭ ‬وينتظرون‭ ‬من‭ ‬يشفي‭ ‬غليلهم‭ ‬ونهمهم‭ ‬بإجابات‭ ‬مقنعة‭ ‬لا‭ ‬بالالتفاف‭ ‬حولها‭.‬

إن‭ ‬العلماء‭ ‬عبر‭ ‬تجارب‭ ‬لا‭ ‬حصر‭ ‬لها‭ ‬توصلوا‭ ‬إلى‭ ‬أنّ‭ ‬العبقرية‭ ‬تظهر‭ ‬ملامحها‭ ‬على‭ ‬سلوك‭ ‬الأطفال‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬مبكرة‭ ‬جدا‭ ‬أي‭ ‬بين‭ ‬الشهر‭ ‬السابع‭ ‬وحتى‭ ‬السنة‭ ‬العاشرة،‭ ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬السن‭ ‬يبدأ‭ ‬الطفل‭ ‬في‭ ‬ترتيب‭ ‬ذاكرته‭ ‬حسب‭ ‬المتخصصين‭ ‬في‭ ‬التربية،‭ ‬أليس‭ ‬مدهشا‭ ‬لنا‭ ‬نحن‭ ‬الكبار‭ ‬أنه‭ ‬بإمكانهم‭ ‬أن‭ ‬يستوعبوا‭ ‬ويتعلموا‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬السن‭ ‬المبكرة؟‭ ‬خلاصة‭ ‬ما‭ ‬نود‭ ‬قوله‭ ‬إنّ‭ ‬على‭ ‬الآباء‭ ‬والأمهات‭ ‬أولا‭ ‬والمربين‭ ‬من‭ ‬معلمين‭ ‬ومعلمات‭ ‬ثانيا‭ ‬ألا‭ ‬يتعاملوا‭ ‬مع‭ ‬أطفالهم‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬أنّهم‭ ‬كائنات‭ ‬مستلبة‭ ‬أو‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬المثل‭ ‬الشائع‭ ‬“مجرد‭ ‬عيال”‭ ‬تكفيهم‭ ‬بضع‭ ‬كلمات،‭ ‬لكن‭ ‬باعتبارهم‭ ‬مشاريع‭ ‬“عباقرة‭ ‬ونوابغ”‭ ‬ولدى‭ ‬بعضهم‭ ‬عقولا‭ ‬تفوق‭ ‬ما‭ ‬لدى‭ ‬الكبار‭ ‬بمراحل،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فالواجب‭ ‬تحفيزهم‭ ‬بشتى‭ ‬الوسائل‭ ‬للإبداع‭.‬