سوالف

لقاح كورونا حلال أم حرام

| أسامة الماجد

قرأت‭ ‬قبل‭ ‬يومين‭ ‬خبرا‭ ‬صادما‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬عربية،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬صحيحا‭ ‬فهذا‭ ‬يعني‭ ‬أننا‭ ‬نسأل‭ ‬أين‭ ‬الظلمة‭ ‬بدل‭ ‬النور،‭ ‬ونحرر‭ ‬شهادة‭ ‬اعتراض‭ ‬على‭ ‬العلم‭ ‬والطب‭.. ‬يقول‭ ‬الخبر‭ ‬“أعلنت‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬أن‭ ‬اللقاحات‭ ‬المضادة‭ ‬لفيروس‭ ‬كورونا‭ ‬“حلال”،‭ ‬ولا‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬مكون‭ ‬حيواني‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬نوع‭ ‬كان،‭ ‬وذكرت‭ ‬المنظمة‭ - ‬على‭ ‬صفحتها‭ ‬عبر‭ ‬موقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬“فيسبوك”،‭ ‬وفقا‭ ‬لقناة‭ ‬“روسيا‭ ‬اليوم”‭ ‬الإخبارية‭ - ‬أن‭ ‬اللقاحات‭ ‬المضادة‭ ‬لفيروس‭ ‬كورونا‭ ‬حلال،‭ ‬وهي‭ ‬متوافقة‭ ‬مع‭ ‬الشريعة‭ ‬الإسلامية”‭.‬

لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يصدر‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭ ‬عن‭ ‬محتوى‭ ‬وتركيبة‭ ‬اللقاحات‭ ‬المضادة‭ ‬لفيروس‭ ‬كورونا،‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬الآيديولوجيات‭ ‬الخافتة‭ ‬ومذابح‭ ‬الغباء‭ ‬والغلو‭ ‬والإفلاس‭ ‬العقائدي،‭ ‬فرغم‭ ‬ما‭ ‬حققه‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬قفزة‭ ‬نشطة‭ ‬في‭ ‬اكتشاف‭ ‬لقاح‭ ‬مضاد‭ ‬لفيروس‭ ‬كورونا‭ ‬أنقذ‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬البشرية‭ ‬من‭ ‬الموت‭ ‬والعذاب،‭ ‬تخرج‭ ‬أصوات‭ ‬متخلفة‭ ‬وباجتهادات‭ ‬ذاتية‭ ‬وبطولات‭ ‬خاوية‭ ‬لتسأل‭ ‬عن‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬اللقاحات‭ ‬المضادة‭ ‬لفيروس‭ ‬كورونا‭ ‬حلالا‭ ‬أم‭ ‬حراما‭ ‬وهل‭ ‬هي‭ ‬متوافقة‭ ‬مع‭ ‬الشريعة‭ ‬الإسلامية؟

هناك‭ ‬فرق‭ ‬بين‭ ‬المتن‭ ‬والهامش،‭ ‬وبغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬إجابة‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬وإعلانها‭ ‬أن‭ ‬اللقاحات‭ ‬المضادة‭ ‬لفيروس‭ ‬كورونا‭ ‬حلال،‭ ‬وأنها‭ ‬متوافقة‭ ‬مع‭ ‬الشريعة‭ ‬الإسلامية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬السؤال‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭ ‬وطرحه‭ ‬بالأسلوب‭ ‬الديني‭ ‬بعيد‭ ‬عن‭ ‬المنطق‭ ‬العقلي‭ ‬ويفتقد‭ ‬الدقة‭ ‬وسلامة‭ ‬التعبير،‭ ‬فهناك‭ ‬قاعدة‭ ‬معروفة‭ ‬في‭ ‬الدين‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬“الضرورات‭ ‬تبيح‭ ‬المحظورات”‭ ‬استنادا‭ ‬إلى‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭ ‬“إِلَّا‭ ‬مَا‭ ‬اضْطُرِرْتُمْ‭ ‬إِلَيْهِ”‭. ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬افترضنا‭ ‬أن‭ ‬اللقاحات‭ ‬لا‭ ‬تتوافق‭ ‬مع‭ ‬الشريعة‭ ‬الإسلامية،‭ ‬فقاعدة‭ ‬الضرورات‭ ‬تبيح‭ ‬المحظورات‭ ‬وتطبيقها‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الطبي‭ ‬معروف‭ ‬وواضح،‭ ‬وهناك‭ ‬أحكام‭ ‬شرعية‭ ‬وآراء‭ ‬للعلماء‭ ‬وفتاوى‭.‬

للأسف‭ ‬الميزان‭ ‬مال‭ ‬ضد‭ ‬التقدم‭ ‬والعلم‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬يجب،‭ ‬فترك‭ ‬المجال‭ ‬لأمثال‭ ‬أولئك‭ ‬الغارقين‭ ‬في‭ ‬الرجعية‭ ‬والغباء‭ ‬الذين‭ ‬طرحوا‭ ‬“السؤال”‭ ‬ليثرثروا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان،‭ ‬فتلك‭ ‬هي‭ ‬مهنتهم‭ ‬يختفون‭ ‬ثم‭ ‬يعودون‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬مماثل‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬آخر‭.‬