زبدة القول

لا تأمنوا مكر كورونا

| د. بثينة خليفة قاسم

المحنة‭ ‬الحالية‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬بها‭ ‬دولة‭ ‬تونس‭ ‬الشقيقة‭ ‬تحت‭ ‬وطأة‭ ‬جائحة‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬اللعين‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬درسا‭ ‬مهما‭ ‬لكل‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬الشقيقة،‭ ‬خصوصا‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يحصل‭ ‬العدد‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬مواطنيها‭ ‬على‭ ‬اللقاح‭.‬

لو‭ ‬جاز‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نصف‭ ‬الفيروسات‭ ‬بالغدر‭ ‬والمكر‭ ‬لكان‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬أحق‭ ‬من‭ ‬غيره‭ ‬بهذا‭ ‬الوصف،‭ ‬لأن‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬الحالة‭ ‬التونسية‭ ‬يجعله‭ ‬جديرا‭ ‬بهذا‭ ‬الوصف،‭ ‬خصوصا‭ ‬أن‭ ‬تونس‭ ‬خلال‭ ‬الموجة‭ ‬الأولى‭ ‬لهذا‭ ‬الوباء‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬حققت‭ ‬نجاحات‭ ‬واضحة‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬هذا‭ ‬الفيروس‭ ‬اللعين،‭ ‬واستطاع‭ ‬التونسيون‭ ‬السيطرة‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الفيروس‭ ‬باتباع‭ ‬قواعد‭ ‬التباعد‭ ‬الاجتماعي‭.‬

لكن‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الفيروس‭ ‬مثل‭ ‬عدو‭ ‬مختبئ‭ ‬ينتظر‭ ‬الفرصة‭ ‬لكي‭ ‬يجهز‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬ويفتك‭ ‬بالمئات‭ ‬أو‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬البشر،‭ ‬وهذه‭ ‬الفرصة‭ ‬تأتيه‭ ‬في‭ ‬اللحظة‭ ‬التي‭ ‬يشعر‭ ‬فيها‭ ‬الناس‭ ‬بالأمان‭ ‬وأن‭ ‬المعركة‭ ‬معه‭ ‬انتهت‭ ‬ولا‭ ‬ضرورة‭ ‬للتباعد،‭ ‬ويبدأون‭ ‬ممارسة‭ ‬حياتهم‭ ‬بالشكل‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬مألوفا‭ ‬قبل‭ ‬زمن‭ ‬الفيروس،‭ ‬وعند‭ ‬أول‭ ‬مناسبة‭ ‬يتجمع‭ ‬فيها‭ ‬الناس‭ ‬بأعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬يبدأ‭ ‬ذلك‭ ‬اللعين‭ ‬الهجوم‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬وتكون‭ ‬السيطرة‭ ‬عليه‭ ‬أمرا‭ ‬صعبا‭ ‬لأن‭ ‬الآلاف‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يصابوا‭ ‬خلال‭ ‬مناسبة‭ ‬واحدة،‭ ‬والأخطر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬أنهم‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يكتشفوا‭ ‬أنهم‭ ‬مصابون‭ ‬يكونون‭ ‬قد‭ ‬أصابوا‭ ‬آلافا‭ ‬غيرهم‭ ‬بالفعل،‭ ‬ويبدأ‭ ‬النظام‭ ‬الصحي‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬رحلة‭ ‬معاناة‭ ‬وحربا‭ ‬جديدة‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬إمكانيات‭ ‬غير‭ ‬عادية‭.‬

الدول‭ ‬العربية‭ ‬وقفت‭ ‬إلى‭ ‬جوار‭ ‬تونس‭ ‬الشقيقة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المحنة‭ ‬الصعبة‭ ‬التي‭ ‬اتضحت‭ ‬خطورتها‭ ‬أكثر‭ ‬وأكثر‭ ‬عندما‭ ‬أعلن‭ ‬الرئيس‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬أن‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬حرب‭ ‬وكلف‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬التونسية‭ ‬مواجهة‭ ‬الفيروس‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬تملك،‭ ‬وزبدة‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬البشر‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يأمنوا‭ ‬مكر‭ ‬الفيروس‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يأت‭ ‬اليوم‭ ‬الذي‭ ‬تعلن‭ ‬فيه‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬بوضوح‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬البلية‭ ‬أصبحت‭ ‬شيئا‭ ‬من‭ ‬الماضي‭.‬

إن‭ ‬الأمر‭ ‬قابل‭ ‬للتكرار‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مكان‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يمض‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬اتباع‭ ‬إجراءات‭ ‬التباعد‭ ‬وارتداء‭ ‬الكمامات‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬طرق‭ ‬الوقاية‭ ‬لأن‭ ‬القصة‭ ‬لم‭ ‬تنته‭ ‬بعد،‭ ‬وكورونا‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬متربصا‭ ‬بالجميع،‭ ‬فبريطانيا‭ ‬بعد‭ ‬مباريات‭ ‬يورو‭ ‬2020‭ ‬التي‭ ‬نظمت‭ ‬مؤخرا‭ ‬لديها‭ ‬وحضرها‭ ‬60‭ ‬ألف‭ ‬متفرج‭ ‬باتت‭ ‬تسجل‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬50‭ ‬ألف‭ ‬إصابة‭ ‬يوميا‭.‬