استراتيجية “الخندق الواحد”

| يوسف الحداد

تطفو‭ ‬على‭ ‬السطح‭ ‬بين‭ ‬الفينة‭ ‬والأخرى‭ ‬مزاعم‭ ‬تروج‭ ‬لحدوث‭ ‬خلاف‭ ‬أو‭ ‬أزمة‭ ‬أو‭ ‬توتر‭ ‬بين‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬والمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية،‭ ‬إذ‭ ‬يدرك‭ ‬أي‭ ‬متابع‭ ‬للشؤون‭ ‬الخليجية‭ ‬والعربية‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬متربصين‭ ‬كثر‭ ‬بالتحالف‭ ‬الإماراتي‭ ‬السعودي،‭ ‬فهذا‭ ‬التحالف‭ ‬يقف‭ ‬حجر‭ ‬عثرة‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬تنفيذ‭ ‬المشروعات‭ ‬التوسعية‭ ‬والمخططات‭ ‬التآمرية‭ ‬للأنظمة‭ ‬والدول‭ ‬والتنظيمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬التي‭ ‬تشمل‭ ‬ائتلافاً‭ ‬غير‭ ‬معلن‭ ‬للشر‭ ‬يستهدف‭ ‬الدول‭ ‬والشعوب‭ ‬العربية،‭ ‬وكادت‭ ‬مؤامرات‭ ‬هذا‭ ‬الائتلاف‭ ‬أن‭ ‬تنجح‭ ‬في‭ ‬تخريب‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬لكن‭ ‬يقظة‭ ‬ومبادرة‭ ‬التحالف‭ ‬الإماراتي‭ ‬السعودي‭ ‬أسهمت‭ ‬بقوة‭ ‬في‭ ‬تجنيب‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الفوضى‭ ‬والدمار‭ ‬والخراب،‭ ‬حيث‭ ‬تعمل‭ ‬الدولتان‭ ‬الشقيقتان‭ ‬حالياً‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬الجهود‭ ‬الدولية‭ ‬الرامية‭ ‬لاستعادة‭ ‬الأمن‭ ‬والسلم‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭.‬

لكن‭ ‬رغم‭ ‬هذه‭ ‬الحقائق‭ ‬الراسخة‭ ‬كرسوخ‭ ‬التحالف‭ ‬الإماراتي‭ ‬السعودي‭ ‬وأسسه‭ ‬وركائزه،‭ ‬فلا‭ ‬يعني‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬محاولات‭ ‬المتآمرين‭ ‬والمتربصين‭ ‬لإثارة‭ ‬الشكوك‭ ‬وخلط‭ ‬الأوراق‭ ‬ستتوقف،‭ ‬بل‭ ‬ستتواصل‭ ‬ولكنها‭ ‬لن‭ ‬تحقق‭ ‬هدفها‭ ‬ولن‭ ‬تنال‭ ‬مرادها‭ ‬وستتحطم‭ ‬على‭ ‬صخرة‭ ‬اليقين‭ ‬المتبادل‭ ‬بأهمية‭ ‬تحالف‭ ‬الخير‭ ‬المصيري‭ ‬بين‭ ‬الدولتين‭ ‬الشقيقتين،‭ ‬وستبقى‭ ‬استراتيجية‭ ‬“الخندق‭ ‬الواحد”‭ ‬التي‭ ‬أشار‭ ‬إليها‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬زايد‭ ‬آل‭ ‬نهيان،‭ ‬بمنزلة‭ ‬خارطة‭ ‬طريق‭ ‬للعلاقات‭ ‬الإماراتية‭ ‬السعودية‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬والعقود‭ ‬المقبلة‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭.‬

لذا‭ ‬فإن‭ ‬علاقات‭ ‬البلدين‭ ‬الشقيقين‭ ‬كانت،‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬وستظل‭ ‬علاقات‭ ‬متينة‭ ‬وصلبة؛‭ ‬لأنها‭ ‬تستند‭ ‬إلى‭ ‬أسس‭ ‬راسخة‭ ‬ومتجذرة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬الإرادة‭ ‬السياسية‭ ‬لقيادتي‭ ‬البلدين‭ ‬الشقيقين،‭ ‬وما‭ ‬يجمع‭ ‬بين‭ ‬شعبيهما‭ ‬من‭ ‬روابط‭ ‬الأخوّة‭ ‬ووشائج‭ ‬المحبة‭ ‬والتقدير،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬الواقع‭ ‬يؤكد‭ ‬بالفعل‭ ‬أن‭ ‬الإمارات‭ ‬والسعودية‭ ‬تقفان‭ ‬معاً،‭ ‬بقوة‭ ‬وإصرار،‭ ‬في‭ ‬خندق‭ ‬واحد‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬القوى‭ ‬التي‭ ‬تهدد‭ ‬أمن‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬وحق‭ ‬شعوبها‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬والتقدم‭ ‬والرخاء،‭ ‬فالإمارات‭ ‬التي‭ ‬تأسست‭ ‬على‭ ‬مبادئ‭ ‬وقيم‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬احترام‭ ‬الأدوار‭ ‬وبناء‭ ‬التوازنات‭ ‬وتوقير‭ ‬الكبير‭ ‬تقدر‭ ‬دور‭ ‬المملكة‭ ‬الشقيقة‭ ‬بقيادة‭ ‬خادم‭ ‬الحرمين‭ ‬الشريفين‭ ‬وولي‭ ‬عهده‭ ‬الأمين،‭ ‬وتدرك‭ ‬أن‭ ‬تنازع‭ ‬الأدوار‭ ‬يتسبب‭ ‬في‭ ‬فشل‭ ‬منظومات‭ ‬العمل‭ ‬المشترك‭ ‬ولا‭ ‬يمنح‭ ‬المتنازعين‭ ‬أية‭ ‬فاعلية‭ ‬أو‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬التأثير‭ ‬في‭ ‬الأزمات‭ ‬والمواقف‭ ‬المختلفة‭. ‬ومن‭ ‬الضروري‭ ‬هنا‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الاحترام‭ ‬والتقدير‭ ‬الإماراتي‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬واحد‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬يقابله‭ ‬الجانب‭ ‬السعودي‭ ‬بتقدير‭ ‬واحترام‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬قدراً‭ ‬ومكانة‭.‬