ياسمينيات

حياتنا الجديدة

| ياسمين خلف

بعد‭ ‬أن‭ ‬كنا‭ ‬ننتظر‭ ‬الساعة‭ ‬الثانية‭ ‬عشرة‭ ‬توجسًا‭ ‬من‭ ‬التقرير‭ ‬اليومي‭ ‬لفيروس‭ ‬كورونا‭ (‬كوفيد‭ ‬19‭)‬،‭ ‬خوفًا‭ ‬من‭ ‬ارتفاع‭ ‬عدد‭ ‬الإصابات‭ ‬والوفيات،‭ ‬أخذنا‭ ‬نترقبه‭ ‬استبشارًا‭ ‬بعودة‭ ‬الحياة‭ ‬إلى‭ ‬طبيعتها،‭ ‬وذلك‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬شهدت‭ ‬الأرقام‭ ‬نزولًا‭ ‬حادًا‭ ‬ومشرفًا،‭ ‬أخذنا‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬قياسية‭ ‬إلى‭ ‬القائمة‭ ‬الخضراء‭.‬

تفاؤل‭ ‬الأغلبية‭ ‬جعلهم‭ ‬يتنبأون‭ ‬بعودة‭ ‬الحياة‭ ‬إلى‭ ‬طبيعتها‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬أو‭ ‬شهرين‭ ‬على‭ ‬أقصى‭ ‬تقدير،‭ ‬إلى‭ ‬حياتنا‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬تفشي‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا،‭ ‬سيعود‭ ‬الموظفون‭ ‬إلى‭ ‬مقار‭ ‬عملهم،‭ ‬والأطفال‭ ‬إلى‭ ‬صفوفهم‭ ‬المدرسية،‭ ‬وستفتح‭ ‬الأسواق‭ ‬والمرافق‭ ‬العامة‭ ‬أبوابها‭ ‬لمرتاديها،‭ ‬وسنتجول‭ ‬دون‭ ‬كمامات‭ ‬تحبس‭ ‬أنفاسنا،‭ ‬ولكن،‭ ‬هل‭ ‬سنطوي‭ ‬صفحة‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬نستفيد‭ ‬منها؟‭ ‬هل‭ ‬سنقفز‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬نستثمر‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬استثماره،‭ ‬وتطوير‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬تطويره؟‭ ‬

تجربة‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬المنزل،‭ ‬أثبتت‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬وظائف‭ ‬يمكن‭ ‬إدارتها‭ ‬عن‭ ‬بُعد،‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬تقليص‭ ‬مصروفات،‭ ‬وتقليل‭ ‬عدد‭ ‬المكاتب‭ ‬والمباني،‭ ‬بل‭ ‬وساهم‭ ‬في‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬مشكلة‭ ‬الازدحامات‭ ‬المرورية،‭ ‬خصوصًا‭ ‬في‭ ‬فترات‭ ‬الذروة‭ ‬صباحًا‭ ‬وظهرًا،‭ ‬حيث‭ ‬تبدأ‭ ‬الدوامات‭ ‬في‭ ‬الوزارات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الخاصة‭ ‬والمدارس‭ ‬في‭ ‬توقيت‭ ‬واحد‭ ‬تقريبًا‭ ‬وتنتهي‭ ‬في‭ ‬أوقات‭ ‬متقاربة،‭ ‬ما‭ ‬يتسبب‭ ‬في‭ ‬اختناق‭ ‬الشوارع‭ ‬وكثرة‭ ‬الحوادث،‭ ‬وساهم‭ ‬العمل‭ ‬عن‭ ‬بُعد‭ ‬في‭ ‬تقليل‭ ‬عدد‭ ‬الإجازات‭ ‬المرضية،‭ ‬بل‭ ‬ومنح‭ ‬فرصة‭ ‬للأمهات‭ ‬وخصوصا‭ ‬حديثات‭ ‬الولادة‭ ‬في‭ ‬رعاية‭ ‬أطفالهن‭.‬

تجربة‭ ‬التعليم‭ ‬عن‭ ‬بُعد،‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬شاقة‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬تجربة‭ ‬يمكن‭ ‬تطويرها‭ ‬بما‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬الطلبة‭ ‬حسب‭ ‬مرحلتهم‭ ‬وحسب‭ ‬موادهم‭ ‬الدراسية،‭ ‬فإن‭ ‬كانت‭ ‬للتجربة‭ ‬مساوئ‭ ‬لا‭ ‬ننسى‭ ‬إيجابياتها،‭ ‬فعجلة‭ ‬التطور‭ ‬تدفعنا‭ ‬دفعًا‭ ‬إلى‭ ‬التأقلم‭ ‬مع‭ ‬الحياة‭ ‬التكنولوجية‭ ‬شئنا‭ ‬اليوم‭ ‬أم‭ ‬أبينا‭ ‬فهي‭ ‬قادمة‭ ‬لا‭ ‬محالة‭.‬

كورونا،‭ ‬جعلتنا‭ ‬ننتبه‭ ‬أكثر‭ ‬لأهمية‭ ‬التعقيم‭ ‬والالتزام‭ ‬بالنظافة‭ ‬للوقاية‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬فيروس‭ ‬متوحش،‭ ‬بل‭ ‬للوقاية‭ ‬من‭ ‬بكتيريا‭ ‬وفيروسات‭ ‬أخرى‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬الحسبان،‭ ‬قد‭ ‬تنتقل‭ ‬إلينا‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭ ‬والسبب‭ ‬عدم‭ ‬الاحتراز‭ ‬منها،‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬التي‭ ‬علينا‭ ‬اليوم‭ ‬أن‭ ‬نعيد‭ ‬حساباتنا‭ ‬حيالها‭ ‬كي‭ ‬لا‭ ‬نترك‭ ‬تجربة‭ ‬كورونا‭ ‬تمر‭ ‬مرور‭ ‬الكرام‭. ‬

ياسمينة‭: ‬

لتكن‭ ‬لنا‭ ‬أجندة‭ ‬لحياة‭ ‬جديدة‭ ‬بعد‭ ‬كورونا‭.‬