بندقية الجودة والاعتمادية

| سيد علي المحافظة

ماذا‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬الجائحة؟‭ ‬هل‭ ‬كنا‭ ‬سنشهد‭ ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬الهائل‭ ‬والسريع‭ ‬الذي‭ ‬شهدته‭ ‬المنظومة‭ ‬التعليمية‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين؟‭ ‬وهل‭ ‬كان‭ ‬سيجد‭ ‬التعليم‭ ‬عن‭ ‬بعد‭ ‬أو‭ ‬الانتساب‭ ‬موطئ‭ ‬قدم‭ ‬له‭ ‬بين‭ ‬عناوين‭ ‬منتديات‭ ‬“البلاد”؟

أصدقكم‭ ‬القول،‭ ‬كنت‭ ‬قد‭ ‬دونت‭ ‬هذا‭ ‬العنوان‭ ‬على‭ ‬قائمة‭ ‬المواضيع‭ ‬المهمة‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬أتناولها‭ ‬يومًا‭ ‬في‭ ‬قالب‭ ‬إعلامي‭ ‬يحقق‭ ‬الأثر‭ ‬المطلوب‭ ‬منه،‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬قبل‭ ‬الجائحة؛‭ ‬وذلك‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬من‭ ‬المعقول‭ ‬أن‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬تطور‭ ‬المنظومة‭ ‬التعليمية‭ ‬وريادتها‭ ‬فيما‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬تصوّب‭ ‬بندقية‭ ‬الجودة‭ ‬والاعتمادية‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬حديث‭ ‬حول‭ ‬أنظمة‭ ‬التعليم‭ ‬بالانتساب‭ ‬والتعليم‭ ‬المفتوح‭ ‬والتعليم‭ ‬عن‭ ‬بعد‭.‬

مضت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬10‭ ‬سنوات‭ ‬على‭ ‬قرار‭ ‬وقف‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالدراسة‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬هذه‭ ‬الأنظمة‭ ‬الثلاثة‭ ‬لمرحلتي‭ ‬الدبلوم‭ ‬والبكالوريوس،‭ ‬وبقي‭ ‬القرار‭ ‬طوال‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬دون‭ ‬مراجعة‭ ‬أو‭ ‬إعادة‭ ‬نظر‭ ‬وكأن‭ ‬الأمر‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬تلك‭ ‬الجهات،‭ ‬وأن‭ ‬أهل‭ ‬البحرين‭ ‬ليسوا‭ ‬بحاجة‭ ‬لهكذا‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬التعليم‭ ‬أصلا‭.‬

سابقا‭ ‬حاربت‭ ‬البحرين‭ ‬الأمية‭ ‬وانتصرت‭ ‬عليها،‭ ‬واليوم‭ ‬بات‭ ‬المؤهل‭ ‬الجامعي‭ ‬ضرورة‭ ‬عصرية‭ ‬ومتطلبا‭ ‬رئيسياً‭ ‬للارتقاء‭ ‬المهني‭ ‬وبالتالي‭ ‬تحسن‭ ‬الوضع‭ ‬المعيشي‭ ‬والاجتماعي،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬مواكبة‭ ‬أسلوب‭ ‬الحياة‭ ‬العصرية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬ترأف‭ ‬بالمتأخرين‭ ‬عن‭ ‬ركب‭ ‬التعليم‭.‬

هناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الموظفين‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬العام‭ ‬والخاص‭ ‬وربات‭ ‬المنازل‭ ‬من‭ ‬حملة‭ ‬الشهادات‭ ‬الثانوية‭ ‬الذين‭ ‬يحلمون‭ ‬لو‭ ‬تتاح‭ ‬لهم‭ ‬فرصة‭ ‬الدراسة‭ ‬الجامعية‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬أنظمة‭ ‬التعلم‭ ‬عن‭ ‬بعد،‭ ‬بما‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬ظروف‭ ‬عملهم‭ ‬وأوضاعهم‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والأسرية،‭ ‬وهو‭ ‬واجب‭ ‬وطني‭ ‬يتحمل‭ ‬مسؤوليته‭ ‬الجهات‭ ‬المختصة‭ ‬بالتعليم،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاستعجال‭ ‬والعمل‭ ‬الجاد‭ ‬نحو‭ ‬توفير‭ ‬هذا‭ ‬الخيار‭ ‬لهذه‭ ‬الفئات‭ ‬بما‭ ‬يساعدهم‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬أكثر‭ ‬إنتاجية‭ ‬وفاعلية‭ ‬في‭ ‬المسيرة‭ ‬التنموية‭ ‬لمملكة‭ ‬البحرين‭.‬

الجميع‭ ‬بات‭ ‬يشيد‭ ‬اليوم‭ ‬بقدرة‭ ‬المنظومة‭ ‬التعليمية‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬على‭ ‬التكيف‭ ‬مع‭ ‬ظروف‭ ‬الجائحة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬جاهزية‭ ‬بنيتها‭ ‬التحتية‭ ‬للتعلم‭ ‬عن‭ ‬بعد،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يثير‭ ‬عدة‭ ‬تساؤلات‭ ‬وهي‭: ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬جاهزة‭ ‬فلماذا‭ ‬انتظرتم‭ ‬الجائحة‭ ‬لتعلنوا‭ ‬جاهزيتها؟‭ ‬ولماذا‭ ‬انتظرتم‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬لتبدأوا‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬اعتماد‭ ‬قائمة‭ ‬من‭ ‬الجامعات‭ ‬المعترف‭ ‬بها‭ ‬للتعليم‭ ‬عن‭ ‬بعد؟‭ ‬ألم‭ ‬تكن‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬كافية‭ ‬لدراسة‭ ‬قرار‭ ‬وقف‭ ‬التعليم‭ ‬عن‭ ‬بعد‭ ‬وإعادة‭ ‬الاعتراف‭ ‬به‭ ‬بعد‭ ‬وضع‭ ‬الضوابط‭ ‬المطلوبة‭ ‬له؟

هذه‭ ‬التساؤلات‭ ‬تؤكد‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬تغيير‭ ‬قواعد‭ ‬تخطيط‭ ‬المنظومة‭ ‬التعليمية،‭ ‬وضرورة‭ ‬البدء‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬خطة‭ ‬استراتيجية‭ ‬واضحة‭ ‬وجاهزة‭ ‬لمواجهة‭ ‬كافة‭ ‬المخاطر‭ ‬المحتملة،‭ ‬ومواكبة‭ ‬للتطور‭ ‬التكنولوجي،‭ ‬مع‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬تحقيق‭ ‬معايير‭ ‬الجودة‭ ‬والمصداقية‭ ‬في‭ ‬المؤهلات‭ ‬المتحصلة‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الأنظمة‭ ‬التعليمية‭ ‬المختلفة‭.‬