حالات إنهاء عقد العمل دون تعويض

| د. عبدالقادر ورسمه

قانون‭ ‬العمل‭ ‬البحريني‭ ‬لسنة‭ ‬2012‭ ‬ينظم‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬أصحاب‭ ‬العمل‭ ‬والعمال،‭ ‬ويحفظ‭ ‬الحقوق‭ ‬وفق‭ ‬واجبات‭ ‬العمل‭ ‬المتفق‭ ‬عليها‭ ‬طيلة‭ ‬فترة‭ ‬التعاقد‭. ‬وفي‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬الفترة،‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬الأطراف‭ ‬احترام‭ ‬علاقة‭ ‬العمل‭ ‬وتنفيذها‭ ‬على‭ ‬أكمل‭ ‬وجه‭. ‬وعبر‭ ‬هذه‭ ‬العلاقة‭ ‬الثنائية‭ ‬التكاملية‭ ‬تتطور‭ ‬الأعمال‭ ‬ويسير‭ ‬دولاب‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬مساره‭ ‬لتحقيق‭ ‬الطفرة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬في‭ ‬البلد،‭ ‬ومن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬يتضح‭ ‬لنا‭ ‬أهمية‭ ‬الدور‭ ‬الطليعي‭ ‬الذي‭ ‬يحققه‭ ‬قانون‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬تنظيم‭ ‬مسار‭ ‬الدولة‭ ‬وفق‭ ‬مجمل‭ ‬السياسات‭.‬

وبصفة‭ ‬عامة،‭ ‬فإن‭ ‬قانون‭ ‬العمل‭ ‬يراعى‭ ‬تحقيق‭ ‬الصالح‭ ‬العام‭ ‬لخدمة‭ ‬البلد‭ ‬وكل‭ ‬قطاعاته‭ ‬ومن‭ ‬ضمنها‭ ‬قطاع‭ ‬العمل‭ ‬والاستخدام‭ ‬وفق‭ ‬أسس‭ ‬سليمة‭ ‬عادلة‭ ‬لمصلحة‭ ‬جميع‭ ‬الأطراف‭. ‬ومن‭ ‬أهم‭ ‬مقتضيات‭ ‬العدالة‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬والاستخدام‭ ‬عدم‭ ‬تسريح‭ ‬العامل‭ ‬أو‭ ‬فصله‭ ‬إلا‭ ‬وفق‭ ‬القانون‭ ‬وبناء‭ ‬على‭ ‬المتطلبات‭ ‬القانونية‭ ‬المنصوص‭ ‬عليها،‭ ‬مع‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬تحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الأمور‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالعمل‭ ‬والعمال‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الخصوص،‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬قوانين‭ ‬ومواثيق‭ ‬العمل‭ ‬الدولية‭ ‬تنص‭ ‬على‭ ‬حالات‭ ‬معينة‭ ‬يجوز‭ ‬فيها‭ ‬فصل‭ ‬العامل‭ ‬وعدم‭ ‬التعاطف‭ ‬والتهاون‭ ‬معه‭ ‬وذلك‭ ‬لصيانة‭ ‬حرمة‭ ‬علاقة‭ ‬العمل‭ ‬بصفة‭ ‬عامة‭ ‬وبين‭ ‬أطرافه‭ ‬بصفة‭ ‬خاصة‭.‬

وانطلاقا‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬نجد‭ ‬نصا‭ ‬قانونيا‭ ‬واضحا،‭ ‬المادة‭ ‬107‭ ‬من‭ ‬قانون‭ ‬العمل،‭ ‬ووفق‭ ‬هذه‭ ‬المادة‭ ‬يجوز‭ ‬لصاحب‭ ‬العمل‭ ‬إنهاء‭ ‬عقد‭ ‬العمل‭ ‬دون‭ ‬إخطار‭ ‬أو‭ ‬تعويض‭ ‬للعامل‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬الحالات‭ ‬المذكورة‭ ‬في‭ ‬قانون‭ ‬العمل‭ ‬وهي،‭ ‬انتحال‭ ‬العامل‭ ‬شخصية‭ ‬غير‭ ‬صحيحة‭ ‬أو‭ ‬تقديمه‭ ‬لشهادات‭ ‬أو‭ ‬توصيات‭ ‬مزورة،‭ ‬ارتكاب‭ ‬العامل‭ ‬خطأ‭ ‬نشأت‭ ‬عنه‭ ‬خسارة‭ ‬مادية‭ ‬جسيمة‭ ‬لصاحب‭ ‬العمل‭ ‬بشرط‭ ‬أن‭ ‬يبلغ‭ ‬صاحب‭ ‬العمل‭ ‬الجهات‭ ‬المختصة‭ ‬بالحادث‭ ‬خلال‭ ‬يومي‭ ‬عمل‭ ‬من‭ ‬وقت‭ ‬علمه‭ ‬بجسامة‭ ‬الخسارة‭ ‬المادية،‭ ‬عدم‭ ‬مراعاة‭ ‬العامل‭ ‬للتعليمات‭ ‬الواجب‭ ‬اتباعها‭ ‬لسلامة‭ ‬العمال‭ ‬أو‭ ‬المنشأة‭ ‬رغم‭ ‬إنذاره‭ ‬كتابة‭ ‬بشرط‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬التعليمات‭ ‬مكتوبة‭ ‬وموضوعة‭ ‬بشكل‭ ‬ظاهر‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬العمل،‭ ‬غياب‭ ‬العامل‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬دون‭ ‬سبب‭ ‬مشروع‭ ‬مدة‭ ‬تزيد‭ ‬على‭ ‬عشرين‭ ‬يوما‭ ‬متقطعة‭ ‬أو‭ ‬عشرة‭ ‬أيام‭ ‬متصلة‭ ‬في‭ ‬السنة‭ ‬الواحدة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يسبق‭ ‬الإنهاء‭ ‬توجيه‭ ‬إنذار‭ ‬كتابي‭ ‬من‭ ‬صاحب‭ ‬العمل‭ ‬بعد‭ ‬غياب‭ ‬العامل‭ ‬عشرة‭ ‬أيام‭ ‬في‭ ‬الحالة‭ ‬الأولى‭ ‬وخمسة‭ ‬أيام‭ ‬في‭ ‬الحالة‭ ‬الثانية،‭ ‬عدم‭ ‬قيام‭ ‬العامل‭ ‬بأداء‭ ‬التزاماته‭ ‬الجوهرية‭ ‬المترتبة‭ ‬على‭ ‬عقد‭ ‬العمل،‭ ‬إفشاء‭ ‬العامل‭ ‬دون‭ ‬تصريح‭ ‬كتابي‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬صاحب‭ ‬العمل‭ ‬الأسرار‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالعمل،‭ ‬صدور‭ ‬حكم‭ ‬نهائي‭ ‬على‭ ‬العامل‭ ‬في‭ ‬جناية‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬جنحة‭ ‬ماسة‭ ‬بالشرف‭ ‬أو‭ ‬الأمانة‭ ‬أو‭ ‬الآداب‭ ‬العامة،‭ ‬وجود‭ ‬العامل‭ ‬أثناء‭ ‬ساعات‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬سكر‭ ‬بين‭ ‬أو‭ ‬متأثرا‭ ‬بما‭ ‬تعاطاه‭ ‬من‭ ‬مواد‭ ‬مخدرة،‭ ‬أو‭ ‬ارتكابه‭ ‬عمل‭ ‬مخل‭ ‬بالآداب‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬العمل،‭ ‬اعتداء‭ ‬العامل‭ ‬على‭ ‬صاحب‭ ‬العمل‭ ‬أو‭ ‬المدير‭ ‬المسؤول،‭ ‬وكذلك‭ ‬إذا‭ ‬وقع‭ ‬منه‭ ‬اعتداء‭ ‬جسيم‭ ‬على‭ ‬أحد‭ ‬العاملين‭ ‬بالمشأة‭ ‬أو‭ ‬أحد‭ ‬عمالها‭ ‬أثناء‭ ‬العمل‭ ‬أو‭ ‬بسببه،‭ ‬عدم‭ ‬مراعاة‭ ‬العامل‭ ‬للضوابط‭ ‬المقررة‭ ‬قانونا‭ ‬بشأن‭ ‬ممارسة‭ ‬حق‭ ‬الإضراب،‭ ‬إذا‭ ‬أصبح‭ ‬العامل‭ ‬غير‭ ‬صالح‭ ‬لمزاولة‭ ‬العمل‭ ‬محل‭ ‬العقد‭ ‬بسبب‭ ‬يرجع‭ ‬إليه‭ ‬مثل‭ ‬الغاء‭ ‬ترخيص‭ ‬مزاولته‭ ‬العمل‭ ‬أو‭ ‬فقده‭ ‬للمؤهلات‭ ‬التي‭ ‬تخوله‭ ‬مزاولة‭ ‬العمل‭ ‬المتفق‭ ‬عليه‭.‬

وفق‭ ‬القانون،‭ ‬فإن‭ ‬حدوث‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬الحالات‭ ‬أعلاه‭ ‬تتيح‭ ‬لصاحب‭ ‬العمل‭ ‬الانهاء‭ ‬الفوري‭ ‬لعقد‭ ‬العمل‭ ‬ودون‭ ‬تعويض‭. ‬بالطبع،‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬خسارة‭ ‬كبيرة‭ ‬ووضع‭ ‬مؤلم‭ ‬للعامل‭ ‬ولكن‭ ‬إذا‭ ‬نظرنا‭ ‬للحالات‭ ‬التي‭ ‬تضمنها‭ ‬القانون‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬اللوم‭ ‬يقع‭ ‬على‭ ‬العامل‭ ‬نفسه‭ ‬وأن‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬منه‭ ‬لا‭ ‬يحتمل‭ ‬التعامل‭ ‬معه‭ ‬دون‭ ‬الفصل‭ ‬حفاظا‭ ‬لهيبة‭ ‬العمل‭ ‬واحتراما‭ ‬للعمل‭ ‬في‭ ‬المنشأة‭ ‬وكل‭ ‬البلد‭. ‬وبالاطلاع‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الحالات‭ ‬المذكورة،‭ ‬نجد‭ ‬المبرر‭ ‬الكافي‭ ‬لاتخاذ‭ ‬قرار‭ ‬الفصل‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬وهنا‭ ‬على‭ ‬العامل‭ ‬تحمل‭ ‬المسؤولية‭ ‬وليس‭ ‬صاحب‭ ‬العمل‭ ‬أو‭ ‬المنشأة‭. ‬وبهذا‭ ‬الإجراء‭ ‬تتم‭ ‬صيانة‭ ‬حرمة‭ ‬العمل‭ ‬وتحافظ‭ ‬على‭ ‬هيبتها‭ ‬واستمرارها‭ ‬وفق‭ ‬أسس‭ ‬سليمة‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬الشبهات‭ ‬والاخفاق‭. ‬وتحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬قد‭ ‬يقتضي‭ ‬الحزم‭ ‬القاطع‭ ‬والشدة‭ ‬حتي‭ ‬تسير‭ ‬الأمور‭ ‬على‭ ‬الوجه‭ ‬القانوني‭ ‬الصحيح‭. ‬وتوضيح‭ ‬الحالات‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬فيه‭ ‬حماية‭ ‬للعمال،‭ ‬لأنه‭ ‬أصبح‭ ‬أمرًا‭ ‬معلومًا‭ ‬للجميع‭ ‬وعلى‭ ‬العمال‭ ‬التقيد‭ ‬به‭ ‬والامتثال‭ ‬لحكمه‭.‬