من قتل الهاشمي... الرواية المنقوصة

| بدور عدنان

أعلنت‭ ‬السلطات‭ ‬العراقية‭ ‬نهاية‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي‭ ‬اعتقال‭ ‬منفذ‭ ‬عملية‭ ‬اغتيال‭ ‬المحلل‭ ‬الأمني‭ ‬هاشم‭ ‬الهاشمي،‭ ‬فقد‭ ‬بثت‭ ‬القنوات‭ ‬الإخبارية‭ ‬فيديو‭ ‬يثبت‭ ‬واقعة‭ ‬الاغتيال‭ ‬إضافة‭ ‬لاعترافات‭ ‬مصورة‭ ‬للقاتل‭ ‬يشرح‭ ‬فيها‭ ‬تفاصيل‭ ‬فعلته‭ ‬الشنيعة‭ ‬وكيف‭ ‬قام‭ ‬بعمليه‭ ‬الاغتيال‭.‬

حالة‭ ‬من‭ ‬الارتياح‭ ‬عمت‭ ‬الشارع‭ ‬العراقي‭ ‬إثر‭ ‬إلقاء‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬المجرم،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يدرك‭ ‬العراقيون‭ ‬والعالم‭ ‬بأسره‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬جزءا‭ ‬منقوصا‭ ‬وغير‭ ‬منطقي‭ ‬في‭ ‬اعترافات‭ ‬المجرم،‭ ‬فهو‭ ‬لم‭ ‬يتطرق‭ ‬في‭ ‬حديثه‭ ‬لدوافع‭ ‬فعلته،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬الجهة‭ ‬الإرهابية‭ ‬التي‭ ‬ينتمي‭ ‬لها‭.‬

لست‭ ‬هنا‭ ‬في‭ ‬معرض‭ ‬التقليل‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬قاتل‭ ‬الهاشمي‭ ‬والقبض‭ ‬عليه،‭ ‬فهو‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬شك‭ ‬إنجاز‭ ‬يحسب‭ ‬لرئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬العراقي‭ ‬مصطفى‭ ‬الكاظمي،‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬وعد‭ ‬بالقبض‭ ‬على‭ ‬مرتكب‭ ‬الجريمة‭ ‬وأوفى‭ ‬بوعده،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬العراق‭ ‬لم‭ ‬يعهد‭ ‬ملاحقة‭ ‬منفذي‭ ‬الاغتيالات،‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬إنجازا‭ ‬يضاف‭ ‬للكاظمي‭ ‬والحكومة‭ ‬العراقية،‭ ‬لكنني‭ ‬أيضاً‭ ‬لست‭ ‬في‭ ‬صدد‭ ‬التبرير‭ ‬ووضع‭ ‬المسوغات‭ ‬لقرار‭ ‬السلطات‭ ‬العراقية‭ ‬بعدم‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬المليشيا‭ ‬التي‭ ‬تقف‭ ‬وراء‭ ‬ما‭ ‬حدث،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أنا‭ ‬على‭ ‬يقين‭ ‬بأنه‭ ‬لم‭ ‬يسقط‭ ‬سهواً‭ ‬من‭ ‬اعترافات‭ ‬القاتل‭.‬

رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬العراقي‭ ‬يخوض‭ ‬حرباً‭ ‬شرسة‭ ‬ضد‭ ‬الإرهاب‭ ‬والمليشيات‭ ‬التي‭ ‬تفشت‭ ‬في‭ ‬الجسد‭ ‬العراقي،‭ ‬حرب‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تخوضها‭ ‬بقوة‭ ‬السلاح‭ ‬دون‭ ‬اللجوء‭ ‬لتحكيم‭ ‬العقل،‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬توصل‭ ‬إليه‭ ‬الكاظمي‭ ‬بنفسه‭ ‬عندما‭ ‬حاول‭ ‬التصادم‭ ‬المباشر‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬عهده‭ ‬مع‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬العراقي‭ ‬عندما‭ ‬قام‭ ‬سابقاً‭ ‬بإلقاء‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬ثلة‭ ‬منهم‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬البوعيثة،‭ ‬أجبر‭ ‬بعدها‭ ‬على‭ ‬الإفراج‭ ‬عنهم‭ ‬بحجة‭ ‬عدم‭ ‬كفاية‭ ‬الأدلة‭.‬

المصادر‭ ‬غير‭ ‬الرسمية‭ ‬تشير‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬مجدداً‭ ‬لعلاقة‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬بمقتل‭ ‬الهاشمي،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬إن‭ ‬صح‭ ‬ذلك‭ ‬جولة‭ ‬جديدة‭ ‬بين‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬والكاظمي،‭ ‬جولة‭ ‬لن‭ ‬يتصدى‭ ‬لها‭ ‬الكاظمي‭ ‬نفس‭ ‬المرة‭ ‬السابقة،‭ ‬بل‭ ‬سيحكم‭ ‬فيها‭ ‬العقل‭ ‬وسيلجأ‭ ‬لطرق‭ ‬أكثر‭ ‬فطنة‭ ‬وذكاء‭.‬

في‭ ‬نظري‭ ‬الخاص‭ ‬يبذل‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الحالي‭ ‬مجهوداً‭ ‬كبيراً‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الإرهاب‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬لكنه‭ ‬يحتاج‭ ‬لمزيد‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬الثقة‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬العراقيين‭ ‬بعد‭ ‬ما‭ ‬مروا‭ ‬به‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬باتوا‭ ‬لا‭ ‬يمتلكونها‭.‬