نقطة ارتكاز

الناس والعيد... وكورونا!

| د. غسان محمد عسيلان

يأتي‭ ‬عيد‭ ‬الأضحى‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬وما‭ ‬تزال‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬تُخيم‭ ‬على‭ ‬البشرية‭ ‬بشكلٍ‭ ‬مُقلِق،‭ ‬إذ‭ ‬ما‭ ‬تزال‭ ‬السلالات‭ ‬المتحورة‭ ‬من‭ ‬الفيروس‭ ‬خطرة‭ ‬بل‭ ‬فتاكة،‭ ‬وتتزايد‭ ‬مشاعر‭ ‬القلق‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تجاوزت‭ ‬أعداد‭ ‬وفيات‭ ‬كورونا‭ ‬أربعة‭ ‬ملايين‭ ‬إنسان،‭ ‬وتتصاعد‭ ‬الأعداد‭ ‬يوميًّا‭!‬

وما‭ ‬يزال‭ ‬هذا‭ ‬العدو‭ ‬الخفي‭ ‬يواصل‭ ‬خنْق‭ ‬الحياة‭ ‬بكُلِّ‭ ‬تفاصيلها‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬البلدان،‭ ‬وها‭ ‬هي‭ ‬مدن‭ ‬كبرى‭ ‬ومقاطعات‭ ‬في‭ ‬أستراليا‭ ‬تُعلن‭ ‬الإغلاق‭ ‬العام،‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬مهددة‭ ‬باتخاذ‭ ‬نفس‭ ‬الإجراءات‭ ‬القاسية،‭ ‬وهذا‭ ‬بالقطع‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬حرمان‭ ‬النَّاس‭ ‬من‭ ‬ممارسة‭ ‬أنشطتهم‭ ‬الحياتية‭ ‬بأريحيَّة،‭ ‬كما‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬أعمالهم‭ ‬ومصالحهم،‭ ‬ويحرم‭ ‬الكثيرين‭ ‬من‭ ‬تدبير‭ ‬شؤونهم‭ ‬وكسب‭ ‬معايشهم‭!‬

والعيد‭ - ‬كما‭ ‬هو‭ ‬معروف‭ - ‬مناسبة‭ ‬للتزاور‭ ‬وإقامة‭ ‬الحفلات،‭ ‬لكن‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬ينبغي‭ ‬للجميع‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الدول‭ ‬التخفيف‭ ‬من‭ ‬تنقلاتهم،‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬الزحام‭ ‬في‭ ‬التجمعات‭ ‬الكبيرة‭ ‬لاسيما‭ ‬في‭ ‬الأماكن‭ ‬المغلقة،‭ ‬والالتزام‭ ‬بالإجراءات‭ ‬الاحترازية‭ ‬لمواجهة‭ ‬أي‭ ‬انتشار‭ ‬محتمل‭ - ‬لا‭ ‬قدر‭ ‬الله‭ - ‬للسلالات‭ ‬المتحورة‭ ‬من‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا،‭ ‬خصوصا‭ ‬سلالة‭ (‬دلتا‭) ‬التي‭ ‬ثبت‭ ‬شدتها‭ ‬وقسوتها‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬دول‭ ‬تفشت‭ ‬فيها‭.‬

ولا‭ ‬تخفى‭ ‬على‭ ‬أحد‭ ‬النتائج‭ ‬الكارثية‭ ‬في‭ ‬الهند‭ ‬بسبب‭ ‬التجمعات‭ ‬الحاشدة‭ ‬وعدم‭ ‬الالتزام‭ ‬بالتعليمات‭ ‬الصحية،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬نجمت‭ ‬عنه‭ ‬إصابة‭ ‬عشرات‭ ‬بل‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف،‭ ‬وظهور‭ ‬المتحور‭ (‬دلتا‭) ‬وانهيار‭ ‬المنظومة‭ ‬الصحية،‭ ‬وعدم‭ ‬مقدرتها‭ ‬على‭ ‬استيعاب‭ ‬الأعداد‭ ‬الهائلة‭ ‬من‭ ‬المصابين،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬موت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الضحايا‭.‬

ولقد‭ ‬شاهدنا‭ ‬في‭ ‬عالمنا‭ ‬العربي‭ ‬تدهور‭ ‬الأحوال‭ ‬الصحية‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬بسبب‭ ‬نفس‭ ‬المتحور،‭ ‬وحتى‭ ‬لا‭ ‬يتكرر‭ ‬نفس‭ ‬المشهد‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬بعد‭ ‬عيد‭ ‬الأضحى‭ ‬على‭ ‬الجميع‭ ‬الالتزام‭ ‬بالإجراءات‭ ‬الاحترازية،‭ ‬وحبذا‭ ‬أن‭ ‬يبقى‭ ‬الجميع‭ ‬في‭ ‬منازلهم‭ ‬خلال‭ ‬العيد،‭ ‬وألا‭ ‬يخرجوا‭ ‬إلا‭ ‬للضرورة،‭ ‬وأن‭ ‬يبتعدوا‭ ‬عن‭ ‬الأماكن‭ ‬المزدحمة‭.‬

ونحن‭ ‬هنا‭ ‬لا‭ ‬نبث‭ ‬الرعب‭ ‬والخوف‭ ‬في‭ ‬النفوس،‭ ‬بل‭ ‬ندق‭ ‬نواقيس‭ ‬الخطر‭ ‬ليكون‭ ‬الجميع‭ ‬على‭ ‬حذر،‭ ‬فلا‭ ‬يزال‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬يواصل‭ ‬انتشاره‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬في‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬اتساع‭ ‬نطاق‭ ‬حملات‭ ‬تناول‭ ‬اللقاح‭ ‬والتحصين‭ ‬ضد‭ ‬الفيروس،‭ ‬وكلنا‭ ‬يعرف‭ ‬الحكمة‭ ‬القائلة‭ ‬“درهم‭ ‬وقاية‭ ‬خير‭ ‬من‭ ‬قنطار‭ ‬علاج”‭.‬