مُلتقطات

“سطوة” الآسيويين على البحر!

| د. جاسم المحاري

تُصنّف‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬وفق‭ ‬أحدث‭ ‬الدراسات‭ ‬الميدانية‭ ‬بأنّها‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬مناطق‭ ‬الجذب‭ ‬الكبرى‭ ‬للقوى‭ ‬العاملة‭ ‬الأجنبية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم‭ ‬بعدما‭ ‬شَهِدت‭ ‬العقود‭ ‬الماضية‭ ‬وقتذاك‭ ‬تباينًا‭ ‬في‭ ‬الندرة‭ ‬السكانية‭ ‬قبال‭ ‬القوى‭ ‬العاملة‭ ‬الوطنية‭ ‬المطلوبة؛‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تدّفق‭ ‬العمالة‭ ‬الأجنبية‭ ‬المتتالية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تخطّي‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬العمالة‭ ‬العرض‭ ‬المُتاح‭ ‬من‭ ‬العمالة‭ ‬المحلية‭ ‬المُؤهلة،‭ ‬حتى‭ ‬بدت‭ ‬هذه‭ ‬التدفقات‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬المُتغيرات‭ ‬الفاعلة‭ ‬المؤثرة‭ ‬–‭ ‬بصورة‭ ‬مطلقة‭ - ‬في‭ ‬النمو‭ ‬السكاني‭ ‬لهذه‭ ‬الدول‭ ‬سيّما‭ ‬بدايات‭ ‬العوائد‭ ‬النفطية‭ ‬وما‭ ‬صاحبها‭ ‬من‭ ‬طفرات‭ ‬أسهمت‭ ‬في‭ ‬ارتفاع‭ ‬نمو‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬العمالة‭ ‬وتضخمها‭ ‬بدواعي‭ ‬إحداث‭ ‬التنمية‭ ‬المُواكبة‭ ‬للتطورات‭ ‬العالمية‭ ‬الأخرى‭.‬

تأتي‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬إحدى‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬التي‭ ‬ارتفع‭ ‬فيها‭ ‬إجمالي‭ ‬التدفق‭ ‬العمالي‭ ‬الأجنبي‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬القطاعات‭ ‬كقطاع‭ ‬المقاولات‭ ‬والإنشاءات‭ ‬والفندقة‭ ‬والتعليم‭ ‬والتجارة‭ ‬والبيع‭ ‬والشراء‭ ‬وخدم‭ ‬المنازل‭ ‬والمُربيّات‭ ‬والسّواق‭ ‬والطباخين‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬القطاعات‭ ‬التي‭ ‬صاحبتها‭ ‬زيادة‭ ‬في‭ ‬أعداد‭ ‬التصاريح‭ ‬الاعتيادية‭ ‬للعمالة‭ ‬في‭ ‬حقول‭ ‬الترويج‭ ‬والإعلانات‭ ‬والاستثمار‭ ‬أو‭ ‬الالتحاق‭ ‬بأنشطة‭ ‬الجاليات‭ ‬الأجنبية‭ ‬التي‭ ‬شهدت‭ ‬بدورها‭ ‬ارتفاعًا‭ ‬ملحوظًا‭ ‬بسبب‭ ‬زيادة‭ ‬إصدار‭ ‬السجلات‭ ‬التجارية‭ ‬وتصاريح‭ ‬العمل‭ ‬الجديدة‭ ‬للمؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬في‭ ‬قطاعي‭ ‬تجارة‭ ‬الجملة‭ ‬والتجزئة‭ ‬وخدمات‭ ‬الإقامة‭ ‬والطعام‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬انخفاض‭ ‬أعداد‭ ‬التصاريح‭ ‬الملغية‭ ‬لدواعي‭ ‬تحمّل‭ ‬أعباء‭ ‬التنمية‭ ‬الوطنية‭ ‬ومشاركة‭ ‬العنصر‭ ‬البشري‭ ‬البحريني‭ ‬عبر‭ ‬الاستقدام‭ ‬الخارجي‭ ‬لتلك‭ ‬العمالة‭ ‬الأجنبية‭ ‬الوافدة‭ ‬المُعِيْنَة‭.‬

بطبيعة‭ ‬الحال،‭ ‬فرضت‭ ‬العمالة‭ ‬الوافدة‭ ‬نفسها‭ ‬بحكم‭ ‬المُوجبات‭ ‬والاحتياجات‭ ‬التي‭ ‬أسهمت‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬البناء‭ ‬والنهضة‭ ‬والإنشاء‭ ‬والتعمير‭ ‬والإنتاج‭ ‬إلا‭ ‬أنّ‭ ‬ظاهرة‭ ‬التدفق‭ ‬العمالي‭ ‬الآسيوي‭ ‬هذه‭ ‬انعكست‭ ‬بصورة‭ ‬متجلية‭ ‬في‭ ‬مزاحمة‭ ‬المواطن‭ ‬البحريني‭ ‬وتدوير‭ ‬مُدّخراتها‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬المحلي،‭ ‬خصوصًا‭ ‬بعد‭ ‬سيطرة‭ ‬الآسيويين‭ ‬على‭ ‬مهنة‭ ‬صيد‭ ‬الأسماك‭ ‬وانتشارهم‭ ‬بشكل‭ ‬لافت‭ ‬بأعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬عرض‭ ‬البحر‭ ‬يوميًا‭ ‬ومزاولتها‭ ‬من‭ ‬شروق‭ ‬الشمس‭ ‬حتى‭ ‬مغيبها‭ ‬بممارسات‭ ‬سلبية‭ ‬ضارة‭ ‬بالبيئة‭ ‬البحرية‭ ‬كالصيد‭ ‬الجائر‭ ‬وصيد‭ ‬كميات‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الأسماك‭ ‬الصغيرة‭ ‬أو‭ ‬أمّهات‭ ‬الأسماك‭ ‬خلال‭ ‬موسم‭ ‬التكاثر‭ ‬واستخدام‭ ‬المعدات‭ ‬المحظورة‭ ‬التي‭ ‬تستنزف‭ ‬الثروة‭ ‬السمكية؛‭ ‬ما‭ ‬نتج‭ ‬عنه‭ ‬شحّ‭ ‬وتراجع‭ ‬ملحوظ‭ ‬في‭ ‬المخزون‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬لأصناف‭ ‬عدة‭ ‬من‭ ‬الأسماك‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭!‬

نافلة‭:‬

تأتي‭ ‬استراتيجية‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الثروة‭ ‬السمكية‭ ‬التي‭ ‬تراجعت‭ ‬ما‭ ‬نسبته‭ ‬90‭ %‬،‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬الحيوية‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬العزيزة‭ ‬البحرين،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬اتباع‭ ‬طرق‭ ‬الصيد‭ ‬الشائعة‭ ‬وتجنيبها‭ ‬مخاطر‭ ‬الممارسات‭ ‬الخاطئة،‭ ‬والتي‭ ‬تقع‭ ‬ضمن‭ ‬مسؤولياتها‭ ‬“النسبية”‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬الصيادين‭ ‬والمُستهلكين‭ ‬بعد‭ ‬الجهات‭ ‬الرسمية‭ ‬المعنية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تشديد‭ ‬الرقابة‭ ‬على‭ ‬التجاوزات‭ ‬في‭ ‬عرض‭ ‬البحر‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬فرشات‭ ‬السوق،‭ ‬وإصدار‭ ‬التشريعات‭ ‬القانونية‭ ‬التي‭ ‬“تُغلّظ”‭ ‬العقوبات‭ ‬على‭ ‬الانتهاكات‭ ‬جرّاء‭ ‬استخدام‭ ‬طرق‭ ‬الصيد‭ ‬الجائرة‭ ‬كالقفّايات‭ ‬والكوفة‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬العمالة‭ ‬الآسيوية‭ ‬التي‭ ‬فرضت‭ ‬“هيمنتها”‭ ‬على‭ ‬البحر‭.‬