التكتلات الاقتصادية وأثرها في استقرار الأمن والسلم الإقليمي

| رشاد الشيخ

إن‭ ‬تنامي‭ ‬ظاهرة‭ ‬التكتلات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬جعل‭ ‬منها‭ ‬سمة‭ ‬أساسية‭ ‬من‭ ‬سمات‭ ‬النظام‭ ‬الاقتصادي‭ ‬العالمي‭ ‬الجديد،‭ ‬وذلك‭ ‬لأهمية‭ ‬الاقتصاد‭ ‬في‭ ‬استقرار‭ ‬الدول،‭ ‬ويهدف‭ ‬التكتل‭ ‬الاقتصادي‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬التكامل‭ ‬الاقتصادي‭ ‬بين‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التبادل‭ ‬التجاري‭ ‬فيما‭ ‬بينها،‭ ‬وتنسيق‭ ‬السياسات‭ ‬المالية‭ ‬والنقدية‭ ‬وتوحيد‭ ‬الإجراءات‭ ‬الجمركية،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬خفض‭ ‬تكلفة‭ ‬الاستيراد‭ ‬وتحقيق‭ ‬الاستغلال‭ ‬الأمثل‭ ‬للموارد‭ ‬المتاحة‭ ‬وتحسين‭ ‬المناخ‭ ‬الاستثماري،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬يقوم‭ ‬بدور‭ ‬مهم‭ ‬في‭ ‬دفع‭ ‬العلاقات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬لتحقيق‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬وتنظيم‭ ‬العلاقات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الدولية،‭ ‬ويهدف‭ ‬إلى‭ ‬الاستفادة‭ ‬المثلى‭ ‬من‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬للدول،‭ ‬وزيادة‭ ‬فاعلية‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والإنمائي،‭ ‬والعمل‭ ‬مع‭ ‬وكالات‭ ‬التنمية‭ ‬الدولية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬التنموية‭ ‬المرجوة‭ ‬والإسهام‭ ‬بتحسين‭ ‬مستوى‭ ‬حياة‭ ‬الناس‭ ‬وتحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬الإقليمي‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬التكتلات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬زيادة‭ ‬حجم‭ ‬الإنتاج‭ ‬والاستثمار‭ ‬والدخل‭ ‬القومي،‭ ‬وبالتالي‭ ‬تحقيق‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬وتحسين‭ ‬مستوى‭ ‬المعيشة‭ ‬وتنويع‭ ‬مصادر‭ ‬الإنتاج‭ ‬وزيادة‭ ‬معدلات‭ ‬الادخار‭ ‬والاستثمار‭ ‬وتضييق‭ ‬الفجوة‭ ‬في‭ ‬الدخل،‭ ‬وتحقيق‭ ‬السلم‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وزيادة‭ ‬معدلات‭ ‬الاستثمار‭. ‬ويعود‭ ‬سبب‭ ‬فشل‭ ‬وضعف‭ ‬التكتلات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬إلى‭ ‬الارتباط‭ ‬بأسواق‭ ‬دول‭ ‬متقدمة‭ ‬دون‭ ‬الارتباط‭ ‬بأسواق‭ ‬داخل‭ ‬التكتل‭ ‬الواحد،‭ ‬ويعتبر‭ ‬اختلاف‭ ‬القرارات‭ ‬السياسية‭ ‬داخل‭ ‬التكتل‭ ‬الواحد‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬أسباب‭ ‬الفشل،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬ضعف‭ ‬مؤسسات‭ ‬واختلاف‭ ‬الدول‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬مستوى‭ ‬تنموي‭ ‬في‭ ‬الكيان‭ ‬الواحد‭ ‬يحول‭ ‬دون‭ ‬نجاحها‭ ‬وتحقيق‭ ‬المغزى‭ ‬من‭ ‬إنشاء‭ ‬الكتل‭ ‬الاقتصادية‭.‬

إن‭ ‬أهمية‭ ‬التكتلات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬مزايا‭ ‬ومكاسب‭ ‬تعجز‭ ‬الدولة‭ ‬منفردة‭ ‬عن‭ ‬تحقيقها،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬وسيلة‭ ‬للاستفادة‭ ‬القصوى‭ ‬من‭ ‬رؤوس‭ ‬الأموال‭ ‬والأيدي‭ ‬العاملة‭ ‬الماهرة،‭ ‬والاستغلال‭ ‬الأمثل‭ ‬للموارد‭ ‬المتاحة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬التكاملية،‭ ‬وتحقيق‭ ‬نمو‭ ‬اقتصادي‭ ‬مستمر‭ ‬كنتيجة‭ ‬للعمليات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بحجم‭ ‬السوق‭ ‬وتحسين‭ ‬مناخ‭ ‬الاستثمار‭ ‬وزيادة‭ ‬المنافسة‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬فتح‭ ‬الأسواق،‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬سياسات‭ ‬تجارية‭ ‬موحدة‭ ‬تجاه‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬خارج‭ ‬نطاق‭ ‬التكتل،‭ ‬وارتفاع‭ ‬نسبة‭ ‬التجارة‭ ‬البينية‭ ‬من‭ ‬مجمل‭ ‬تجارتها‭ ‬الخارجية،‭ ‬ما‭ ‬يجعلها‭ ‬تقلل‭ ‬التبعية‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬وتكون‭ ‬لها‭ ‬درجة‭ ‬عالية‭ ‬من‭ ‬الاستقلالية‭.‬