سوالف

جبران خليل جبران.. أجراس الحكمة التي تنادينا

| أسامة الماجد

عندما‭ ‬تقرأ‭ ‬لجبران‭ ‬خليل‭ ‬جبران‭ ‬تتسلق‭ ‬أشجار‭ ‬الحكمة‭ ‬إلى‭ ‬قلبك‭ ‬وعقلك،‭ ‬وتنساب‭ ‬جداول‭ ‬الأنغام‭ ‬الخضراء،‭ ‬فهذا‭ ‬الأديب‭ ‬والعبقري‭ ‬والنابغة‭ ‬يحتم‭ ‬عليك‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬مؤلفاته‭ ‬بين‭ ‬حين‭ ‬وآخر‭ ‬لتبصر‭ ‬العيون‭ ‬وتتحول‭ ‬الأحزان‭ ‬إلى‭ ‬سحابة‭ ‬مهاجرة‭ ‬وتنسج‭ ‬الفرحة‭ ‬شباكها‭ ‬من‭ ‬حولك‭. ‬لكلمات‭ ‬جبران‭ ‬شكل‭ ‬ولون‭ ‬يختلف‭ ‬عن‭ ‬بقية‭ ‬كلمات‭ ‬الأدباء‭ ‬والشعراء‭ ‬وحتى‭ ‬الحكماء،‭ ‬كلمات‭ ‬بها‭ ‬فرحة‭ ‬الشمس‭ ‬وبشارة‭ ‬الغناء‭ ‬والسرور‭ ‬وسنابل‭ ‬الأشواق‭.‬

عندما‭ ‬تقرأ‭ ‬لجبران‭ ‬خليل‭ ‬جبران‭ ‬تشعر‭ ‬أن‭ ‬مصابيح‭ ‬الحكمة‭ ‬تنير‭ ‬من‭ ‬حولك‭ ‬وكوابيس‭ ‬الضيق‭ ‬والحزن‭ ‬تنقشع‭ ‬من‭ ‬سمائك‭ ‬وتنخلع‭ ‬بلا‭ ‬عودة،‭ ‬لهذا‭ ‬معظم‭ ‬الكتاب‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬جيلي‭ ‬وجيل‭ ‬من‭ ‬سبقنا‭ ‬من‭ ‬الرواد‭ ‬يعودون‭ ‬إلى‭ ‬كتبه‭ ‬ممتطين‭ ‬جوادا‭ ‬مفعما‭ ‬بالشوق‭ ‬إلى‭ ‬أرض‭ ‬الحب‭ ‬وطواحين‭ ‬الأحلام،‭ ‬ومن‭ ‬لم‭ ‬يسمع‭ ‬نبض‭ ‬كلمات‭ ‬جبران‭ ‬ننقل‭ ‬إليه‭ ‬بعضا‭ ‬منها‭ ‬لتشعل‭ ‬صدره‭ ‬بالفرح‭ ‬والتأمل‭ ‬العميق‭.‬

يقول‭ ‬جبران‭: ‬الفن‭ ‬طائر‭ ‬يسبح‭ ‬محلقا‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬عندما‭ ‬يشاء‭ ‬ويهبط‭ ‬إلى‭ ‬الأرض‭ ‬عندما‭ ‬يشاء،‭ ‬وليس‭ ‬من‭ ‬قوة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬تستطيع‭ ‬تقييده‭ ‬أو‭ ‬تغييره‭. ‬ويصف‭ ‬جبران‭ ‬الحياة‭ ‬بالتالي‭.. ‬الحياة‭ ‬بغير‭ ‬تمرد‭ ‬كالفصول‭ ‬بغير‭ ‬ربيع‭ ‬في‭ ‬الصحراء‭ ‬القاحلة‭ ‬الجرداء‭.. ‬الحياة‭ ‬والتمرد‭ ‬والحق‭ ‬ثلاثة‭ ‬أقانيم‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬واحدة‭ ‬لا‭ ‬تقبل‭ ‬الانفصال‭ ‬ولا‭ ‬التغيير‭. ‬ويقول‭ ‬عن‭ ‬النفس‭ ‬البشرية‭.. ‬إن‭ ‬الله‭ ‬قد‭ ‬وضع‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬نفس‭ ‬رسولا‭ ‬ليسير‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬النور،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬خارجه‭ ‬والحياة‭ ‬في‭ ‬داخله‭ ‬ولكنه‭ ‬لا‭ ‬يعلم‭.‬

ويصف‭ ‬الحق‭ ‬بالكلمات‭ ‬الرائعة‭ ‬التالية‭: ‬للبحر‭ ‬مد‭ ‬وجزر،‭ ‬وللقلب‭ ‬نقص‭ ‬وكمال،‭ ‬وللزمان‭ ‬ضيف‭ ‬وشتاء،‭ ‬أما‭ ‬الحق‭ ‬فلا‭ ‬يحول‭ ‬ولا‭ ‬يزول‭ ‬ولا‭ ‬يتغير،‭ ‬فلماذا‭ ‬تحاولون‭ ‬تشويه‭ ‬وجه‭ ‬الحق؟‭ ‬

من‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬يماثل‭ ‬الأرنب‭ ‬بضعف‭ ‬قلبه،‭ ‬ومنهم‭ ‬من‭ ‬يماثل‭ ‬الثعلب‭ ‬باحتياله،‭ ‬ومنهم‭ ‬من‭ ‬يضارع‭ ‬الأفعى‭ ‬بخبثه،‭ ‬لكن‭ ‬قل‭ ‬بينهم‭ ‬من‭ ‬له‭ ‬سلامة‭ ‬الأرنب‭ ‬وذكاء‭ ‬الثعلب‭ ‬وحكمة‭ ‬الأفعى‭. ‬

وعن‭ ‬روعة‭ ‬العطاء‭ ‬يقول‭ ‬جبران‭.. ‬جميل‭ ‬أن‭ ‬تعطي‭ ‬من‭ ‬يسألك‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬إليه،‭ ‬ولكن‭ ‬أجمل‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬تعطي‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يسألك‭ ‬وأنت‭ ‬تعرف‭ ‬حاجته‭.‬

ذلك‭ ‬هو‭ ‬جبران‭ ‬خليل‭ ‬جبران‭.. ‬أجراس‭ ‬الحكمة‭ ‬التي‭ ‬تنادينا‭.‬