فجر جديد

زوروهم ولا تنسوهم

| إبراهيم النهام

عيد‭ ‬الأضحى‭ ‬قريب،‭ ‬ومع‭ ‬اقترابه‭ ‬الخير‭ ‬والمبارك‭ ‬تترقب‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأسر‭ ‬المتعففة‭ ‬من‭ ‬يطرق‭ ‬أبوابها،‭ ‬ومن‭ ‬يسأل‭ ‬عنها،‭ ‬وينظر‭ ‬في‭ ‬حالها،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬غير‭ ‬مستغرب‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬البحرين‭ ‬الأوفياء،‭ ‬الكرماء،‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يتركون‭ ‬سائلاً‭ ‬إلا‭ ‬ووقفوا‭ ‬إلى‭ ‬جانبه‭.‬

قبل‭ ‬عدة‭ ‬سنوات،‭ ‬أجريت‭ ‬بشرف‭ ‬لا‭ ‬يفوقه‭ ‬شرف،‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬اللقاءات‭ ‬الميدانية‭ ‬الصحافية‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الأسر‭ ‬المتعففة‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬البحرين،‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬لدي‭ ‬حينها‭ ‬أية‭ ‬أرقام‭ ‬تواصل‭ ‬أو‭ ‬عوائل‭ ‬محددة‭ ‬بعينها‭ ‬كي‭ ‬أزورها،‭ ‬لكن‭ ‬البيوت‭ ‬من‭ ‬مظهرها‭ ‬الخارجي‭ ‬شاهدة‭ ‬على‭ ‬حال‭ ‬أهلها،‭ ‬وعلى‭ ‬ما‭ ‬هم‭ ‬فيه‭.‬

في‭ ‬هذه‭ ‬الزيارات،‭ ‬صغرت‭ ‬الحياة‭ ‬الدنيا‭ ‬بكل‭ ‬ملذاتها‭ ‬أمام‭ ‬عيني‭ ‬حتى‭ ‬أصبحت‭ ‬بحجم‭ ‬حبة‭ ‬الزيتون،‭ ‬رأيت‭ ‬واقعاً‭ ‬مغايراً‭ ‬تماماً‭ ‬للذي‭ ‬أراه‭ ‬في‭ ‬معارفي‭ ‬أو‭ ‬محيطي‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬أو‭ ‬الصحف،‭ ‬أو‭ ‬الشاشات،‭ ‬رأيت‭ ‬الحاجة‭ ‬–‭ ‬والفقر‭ ‬–‭ ‬وهي‭ ‬مجسدة‭ ‬أمامي‭ ‬بلا‭ ‬أية‭ ‬رتوش‭ ‬أو‭ ‬مكياج‭ ‬أو‭ ‬تزييف،‭ ‬رأيت‭ ‬الأطفال‭ ‬الصغار‭ ‬وهم‭ ‬مكومون‭ ‬بجوار‭ ‬بعضهم‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬سرير‭ ‬واحد،‭ ‬وثلاجة‭ ‬البيت‭ ‬وهي‭ ‬فارغة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬والصالة‭ ‬خالية‭ ‬من‭ ‬أية‭ ‬قطعة‭ ‬أثاث،‭ ‬حينها‭ ‬تنهدت‭ ‬وقلت‭ ‬“الحمد‭ ‬لله”‭.‬

قضية‭ ‬الأسر‭ ‬المتعففة‭ ‬اليوم‭ ‬والتي‭ ‬تزايدت‭ ‬مشاكلها‭ ‬مع‭ ‬ارتفاع‭ ‬نسبة‭ ‬المطلقات‭ ‬والتفكك‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والأرامل‭ ‬بسبب‭ ‬الجائحة،‭ ‬مسؤولية‭ ‬أخلاقية‭ ‬ودينية‭ ‬نتشارك‭ ‬بها‭ ‬جميعاً‭.‬

ولطالما‭ ‬أكدت‭ ‬بمقالات‭ ‬سابقة‭ ‬أهمية‭ ‬بذل‭ ‬الجهد‭ ‬في‭ ‬زيارتها‭ ‬شخصياً،‭ ‬والابتعاد‭ ‬عن‭ ‬الوسطاء‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬الخير،‭ ‬زوروهم‭ ‬وساعدوهم‭ ‬ولو‭ ‬بأبسط‭ ‬الحاجات،‭ ‬واحرصوا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تصطحبوا‭ ‬اطفالكم‭ ‬معكم،‭ ‬لكي‭ ‬يتعلموا‭ ‬ويفهموا‭ ‬كيف‭ ‬هي‭ ‬ظروف‭ ‬الحياة،‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬مطلوب‭ ‬منهم‭ ‬الآن‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬يشبوا‭.‬

 

لا‭ ‬تنسوا‭ ‬الأسر‭ ‬المتعففة،‭ ‬ولا‭ ‬تنسوا‭ ‬كسب‭ ‬الأجر‭ ‬بهم،‭ ‬ولا‭ ‬تنسوا‭ ‬أن‭ ‬الحياة‭ ‬الدنيا‭ ‬هذه‭ ‬محطة‭ ‬عابرة،‭ ‬وأن‭ ‬العمل‭ ‬الصالح‭ ‬هو‭ ‬الباقي‭ ‬والدائم،‭ ‬ودمتم‭ ‬بخير‭.‬